“عرس الدم”.. ياسين أحجام يعيد إحياء تراجيديا لوركا برؤية مغربية

كان عشاق أبي الفنون، مساء أمس السبت، على موعد مع العرض الأول لمسرحية “عرس الدم” بدار الثقافة الزمامرة، في تجربة مسرحية جديدة من توقيع المخرج ياسين أحجام، ومن إنتاج مؤسسة “أرض الشاون للثقافات”.
ويجسد العرض صراعا أزليا بين الحرية والقيود الاجتماعية، في رؤية مسرحية تمزج بين التقاليد المسرحية العالمية والروح المغربية.
وهذه المسرحية مقتبسة من النص العالمي الشهير “عرس الدم” للشاعر الإسباني فيديريكو غارسيا لوركا، الذي يُعد من كلاسيكيات القرن العشرين، إذ أعاد أحجام صياغته برؤية معاصرة تنفتح على المتخيل الكوني، دون أن تفرط في الهوية المغربية الأصيلة.
ويرى صناع العمل أن مسرحية “عرس الدم” ليست مجرد اقتباس أدبي، بل هي مساءلة للإنسان من خلال أسئلة جوهرية تتعلق بالصراع الأبدي بين الحرية والقدر، العاطفة والقيود الاجتماعية، وما يريده الفرد لنفسه إلى جانب الذاكرة الجماعية.
ويشير المصدر ذاته إلى أن هذا العمل ينسجم مع مشروع مؤسسة “أرض الشاون للثقافات”، الهادف إلى ترسيخ جماليات مسرحية حديثة تنبع من الواقع المغربي، وتطمح للحوار مع الإرث الإنساني العالمي.
وأفاد عدوي عبد الله، المكلف بالتواصل ضمن فريق العمل، لجريدة “مدار21” أن المسرحية تأتي ضمن رؤية المؤسسة الرامية إلى ربط التراث المسرحي العالمي بالراهن المغربي، وهو ما يمنح للمسرح طاقة جديدة ليكون فضاء للتفكير الجمالي والحوار الإنساني.
ورغم وفاء العرض لروح لوركا التراجيدية والرمزية، إلا أن المخرج ياسين أحجام اعتمد في إخراجه على الخصوصية الثقافية المغربية، عبر لغة مسرحية تنبض بالإيقاع، وصور بصرية مشغولة بالبساطة الدالة، باب بدفتين، ومساحات فارغة تتسع للتأويل وتكثيف المعنى.
ويؤكد القائمون على العمل أن العرض يوازن بين الإبداع الفني والإرث الإنساني والراهن المحلي، في رحلة بحث دائم عن المعنى المشترك للحياة والفن.
وتولى ياسين أحجام اقتباس النص العالمي وإخراجه، فيما شخص أدوار البطولة كل من جميلة الهوني، وقدس جندول، ورضا بنعيم، ومنصف قبري.
وتولى في العمل ياسين الزاوي السينوغرافيا والملابس، وسلوى يسين تنفيذ الأزياء، وخلاف الإدريسي تأليف الموسيقى، وعادت إدارة التواصل والعلاقات العامة إلى إشراف ياسين البوقمحي وعدوي عبد الله، وتكلف وديع حامين بالمحافظة العامة.
وقد اختير هذا الطاقم الفني بعناية، في سعي لخلق توازن حي بين الأداء الفردي والجماعي، وتحويل الممثل إلى حامل للذاكرة الفردية والجماعية على حد سواء، وفق المصدر ذاته.
يُذكر أن النص الأصلي لـ”عرس الدم” كتبه الشاعر الإسباني فيديريكو غارثيا لوركا عام 1933، وعرض لأول مرة في مدريد في مارس من نفس السنة، ويعد العمل توليفة درامية تمزج بين الشعر والمأساة والفلكلور الأندلسي، وتحمل في طياتها قضايا إنسانية عميقة، أبرزها الحروب الأهلية، وقضايا المرأة في الأرياف، والظلم الاجتماعي والانتقام والخيانة.
ويأتي هذا الاقتباس المغربي كجسر جديد بين ذاكرة المسرح العالمي والراهن الثقافي المغربي، في عرض يراهن على جمالية الصورة، وقوة النص، وصدق الأداء، وفق صناعه.