سياسة

خطاب تطهير الانتخابات من الفاسدين يمتحن مسؤولية لجان التزكيات بالأحزاب

خطاب تطهير الانتخابات من الفاسدين يمتحن مسؤولية لجان التزكيات بالأحزاب

يقترن بكل استحقاق تشريعي بالمغرب نقاش، جديد قديم، حول تخليق العملية الانتخابية وقطع الطريق أمام الفاسدين والأعيان وكل من تحوم حولهم شبهات الفساد بأوجهه المختلفة. وهو النقاش الذي يجر معه مسؤولية الأحزاب السياسية في انتقاء المنتخبين وفحص سجلاتهم القضائية وامتحان سمعتهم في الدوائر الانتحابية التي ينوون الترشح فيها.

وتحاول الأحزاب السياسية، عند كل محطة انتخابية، تحميل المسؤولية الكاملة لوزارة الداخلية أو أجهزة عمومية أخرى في تنظيف الانتخابات من الفساد والمفسدين، دون مبادرة لفتح نقاش حزبي داخلي وصريح من أجل إثارة مسؤولية الأحزاب السياسية في استقطاب الأعيان وبحثها عن أكبر عدد من المقاعد البرلمانية حتى وإن كان أصحابها من تجار المخدرات أو متورطين في تلاعبات مالية وفساد تدبيري.

وتناط مهمة اختيار المترشحين أو تزكية المنتخبين في معظم الأحزاب السياسية بلجان الإشراف على التزكيات، والتي من المفترض أن تبحث في الماضي السياسي (إن وجد) والسجل القضائي والسمعة المجتمعية للمُرشَّح، خارج أي حسابات سياسية أو رهانات على عدد الأصوات التي يمكن أن يحصل عليها.

وفي المقابل، لا يتوقف قادة الأحزاب السياسية، خلال الندوات الصحفية أو اللقاءات الحزبية، عن إبداء تخوفهم من سطوة الفاسدين على الفضاء الانتخابي وخطورة التسامح مع اشتغالهم داخل مؤسسات يفترض في أصحابها النزاهة والتاريخ السياسي النظيف، دون أن يُقابَل هذا “البكاء السياسي” بخطاب صريح يشخص أسباب هذه الأمراض السياسية، بدءً بانحرافات التدبير الداخلي بعدد من الأحزاب السياسية.

عبد العزيز قراقي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، قال إن “ما أصبح يهم الأحزاب السياسية هو عدد المقاعد وعدد الأصوات”، مسجلاً أن “هذا الواقع جعلها تبحث عن من يستطيع أن يضمن لها هاذين العنصرين لأن هما اللذان أصبحا يقودان الأحزاب إلى الحصول على تمويل معقول يضمن له الاستمرار في الحياة السياسية”.

وتابع قراقي، في تصريح لجريدة “مدار21” الإلكترونية، أن “هذا الواقع جعل الأحزاب السياسية، بدون استثناء، تميل إلى استقطاب الأعيان بغض النظر عما إذا كان يصلح للنيابة البرلمانية أو للوظيفة الجماعية وتمثيل الساكنة المحلية”، مبرزاً أن “هذا يبين أن الاختلالات العميقة التي تطرحها الانتخابات في بلادنا ليست في الأساس اختلالات ذات علاقة بوزارة الداخلية أو الإدارة وإنما لها علاقة بالأحزاب السياسية نفسها”.

واعتبر المتحدث ذاته أن “الأحزاب السياسية يجب أن تعيد النظر في المعايير التي تعتمدها في تحديد واختيار المترشحين باسمها”، مؤكداً أن “اليوم أصبحت هناك أمور غير مقبولة سياسيا في الانتخابات والحياة السياسية عموماً، وهي أن عدد من المنتخبين اليوم لا علاقة لهم لا بسياسة ولا بنضال حزبي ليصبحوا مسؤولين أو ممثلين للأمة”.

وفي هذا الصدد، أشار الأكاديمي عينه إلى أن “مثل هذه السلوكات من بين العناصر الأساسية التي تضعف الثقة في المؤسسات المنتخبة وجعلت الكثير من الشباب يحجم عن الانخراط في العمل السياسي ويخفي الخطاب والنقاش السياسي داخل الأحزاب السياسية”.

وأوضح المتحدث ذاته أنه “إذا كانت هناك رغبة في الإصلاح فإنه يجب أن يكون إصلاحاً بنوياً تتم من طرف الأحزاب السياسية ذاتها وألا ننتظر حلول موعد الانتخابات من أجل تحريك البوليميك السياسي وتحميل المسؤولية كاملة في تسلل فاسدين إلى المؤسسات المنتخبة لوزارة الداخلية أو جهة أخرى”.

ولم يبد الأستاذ الجامعي اقتناعه بفكرة جمع التوقيعات قبل الترشح للانتخابات، كما هو معلوم به في الانتخابات الرئاسية الفرنسية، قائلا إنه “لا يجب أن يتم استنساخ التجارب الأجنبية من أجل حل مشاكل داخلية في سياق محلي لا نفهمه إلا نحن المغاربة”، مشيراً إلى “ضرورة البحث عن آليات تقطع مع مثل هذه الانحرافات التي تسيء إلى العمل السياسي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News