الاقتصاد الأخضر.. هل تلتزم الشركات المغربية بالمعايير البيئية والاجتماعية والحكامة؟

في مواجهة التحديات المناخية المتزايدة، أخذت الشركات المغربية المدرجة في بورصة الدار البيضاء تدريجياً في اعتماد معايير تعرف اختصارا بـ”ESG”، وهي عبارة عن تدابير تراعي المسؤولية البيئية والاجتماعية والحكامة، باعتبارها رافعة استراتيجية لمتانة وتنافسية الشركات، وكذا لخفض تأثيرها السلبي على البيئة والمجتمع.
وتلقى هذه الدينامية دعماً من مبادرات مؤسساتية، على غرار الدليل الخاص بالمسؤولية الاجتماعية للشركات والتقرير حول المسؤولية البيئية والاجتماعية والحكامة الذي أعدته الهيئة المغربية لسوق الرساميل وبورصة الدار البيضاء، والذي يحدد التزامات الشفافية والأداء غير المالية للشركات المدرجة.
ووفقا لتقرير “RSE INSIGHTS” الصادر عن مركز أبحاث« BKGR » يعكس مؤشر “MASI.ESG” هذا التطور، إذ يضم حالياً 20 شركة تم اختيارها بناءً على أكثر من 160 معياراً من المعايير البيئية والاجتماعية والحكامة.
وأوضح المصدر ذاته أن من بين الشركات المدرجة بالبورصة المعنية بالمؤشر يوجد فاعلون اقتصاديون كبار على غرار شركة “مناجم”، المنخرطة في استغلال المناجم المغربية بشكل مسؤول، حيث أجرت بين 2021 و2023 عمليات تدقيق صارمة للاستهلاك الطاقي، وأعدت حصيلة كربونية مفصلة.
وقد مكّن هذا المسار من تحديد أهداف واضحة في أفق سنة 2027، تتمثل في خفض استهلاك الكهرباء بنسبة 5 بالمئة، وتقليص انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري بنسبة 15%، مع طموح لدمج أكثر من 75% من الطاقات المتجددة في المغرب و20 ميغاواط في غينيا ضمن مزيجها الطاقي.
أما شركة “طاقة المغرب”؛ الفاعل الرئيسي في الانتقال الطاقي، فتهدف إلى تطوير 1.000 ميغاواط من القدرات الإضافية في الطاقات المتجددة بحلول 2030، باستثمار يقدر بحوالي 1,6 مليار دولار أمريكي، في إطار استراتيجيتها لإزالة الكربون؛ والهدف المعلن هو تقليص بصمتها الكربونية بنسبة 25 في المئة.
وفي القطاع البنكي؛ أصبح كل من “البنك الشعبي” و”بنك إفريقيا” و”التجاري وفابنك”، مؤسسات مالية رائدة في التمويل الأخضر والإدماج الاجتماعي، يؤكد المصدر ذاته، عبر إصدار سندات خضراء بقيمة 500 مليون درهم من طرف بنك إفريقيا في سنة 2016 و135 مليون أورو من طرف البنك الشعبي سنة 2017 لتمويل مشاريع ذات أثر بيئي.
وذكر المصدر ذاته كذلك شركة “لافارج هولسيم”، الفاعل الرئيسي في قطاع الإسمنت بالمغرب، مؤكداً أنها شرعت بوضوح في “التحول الأخضر”؛ حيث أدى إدماج واسع للطاقات المتجددة في عملياتها الصناعية إلى بلوغ نسبة استعمال الكهرباء الخضراء في مواقع إنتاجها إلى90 في المئة سنة 2024.
وخلص المصدر إلى أن التخفيف من المخاطر المناخية يمثل اليوم خيارا استراتيجيا إلزاميا وليس مجرد بديل اختياري بالنسبة للشركات المغربية؛ فعلى المستوى الدولي، تتسارع جهود إزالة الكربون بدافع من الأطر التنظيمية والأسواق المالية والتزامات الشركات نحو الحياد الكربوني.
أما المغرب فقد انخرط بوضوح في هذه الدينامية من خلال تحيين مساهمته المحددة وطنياً (NDC) وتنفيذ استراتيجية الكربون المنخفض 2050، مؤكداً طموحه لتحقيق الحياد الكربوني.