المنظمة المغربية لحقوق الإنسان تتطلع لعفو ملكي عن الزفزافي ورفاقه وجبر ضرر الريف

دعت المنظمة المغربية لحقوق الإنسان إلى طي نهائي لملف معتقلي الريف الذي امتد لأكثر من تسع سنوات، خاصة عقب الأجواء الإيجابية التي رافقت جنازة الراحل أحمد الزفزافي، والد المعتقل ناصر الزفزافي، والتي اعتبرتها المنظمة لحظة مؤثرة تفتح الباب أمام انفراج شامل.
وأعربت المنظمة، في بلاغ صادر عن مكتبها التنفيذي، عن تعازيها الصادقة لناصر الزفزافي وعائلته، كما سجلت ارتياحها للخطوة الإنسانية التي قامت بها المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج عبر تمكين الزفزافي من حضور جنازة والده بمدينة الحسيمة.
وأكدت المنظمة تجديد ملتمسها بتمتيع ما تبقى من معتقلي احتجاجات الحسيمة بعفو ملكي، معتبرة أن هذه المبادرة ستشكل مدخلا أساسيا لإنهاء معاناة الأسر وفتح صفحة جديدة قائمة على المصالحة والثقة.
كما شددت في البلاغ الذي توصلت جريدة “مدار21” الإلكترونية بنسخة منه، على ضرورة تفعيل توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة المرتبطة بمنطقة الريف، خاصة ما يتعلق بجبر الضرر الجماعي وحفظ الذاكرة.
وأعلنت المنظمة استعدادها للانخراط في أدوار الوساطة والحوار مع ساكنة المنطقة من أجل المساهمة في تنزيل مشاريع تنموية ذات طابع اقتصادي واجتماعي، انسجاما مع روح توصيات الإنصاف والمصالحة، مؤكدة أن معالجة هذا الملف تحتاج إلى مقاربة شاملة توازن بين الإنصاف والعدالة الاجتماعية والتطلع إلى مستقبل يسوده الاستقرار والتنمية.
والخميس الفارط، وفي أجواء إنسانية مهيبة، ودّع ناصر الزفزافي، المعتقل على خلفية أحداث “حراك الريف”، والده الراحل أحمد الزفزافي، بكلمة مؤثرة خلال جنازته التي أقيمت بأجدير ضواحي الحسيمة، حيث اجتمع المشيعون من أبناء المنطقة للتعبير عن تضامنهم ومواساتهم.
الزفزافي استهل كلمته بالتأكيد أن الوطن يظل فوق كل اعتبار، قائلاً: “حين أتحدث عن الوطن، لا أقصد به جزءاً دون آخر، بل كل شبر في الوطن، ومهما اختلفنا وكانت لنا من آراء وأفكار، فإنها تصب في مصلحته أولاً وأخيراً، ولا شيء يعلو فوق مصلحة الوطن”.
ولم يخف ناصر امتنانه لإدارة السجون التي مكنته من حضور جنازة والده، مبرزاً أن “وجودي معكم اليوم لم يكن ليتحقق لولا فضل الله تعالى، ثم بفضل مجهود بذلته إدارة السجون في شخص المندوب العام لإدارة السجون”، مضيفاً أن “الأمور لم تكن بالسهولة التي قد يتصورها البعض للوصول إلى الحسيمة”.
وتوقف الزفزافي عند مسار والده الراحل، الذي وصفه بـ “أبو الحرائر والأحرار”، مؤكداً أن “والدي نذر حياته في سبيل الوطن.. وحين نقول الوطن أقصد صحراءه وشرقه وشماله وغربه”، مبرزاً أنه ورفاقه كانوا دائما على استعداد “لتقديم دمائنا فداء لكل شبر من شبر هذا الوطن”.
وشدد على أن حضور المعزين بكثافة في الجنازة يحمل دلالات وطنية عميقة، قائلاً: “وجودكم اليوم في جنازة والدي هو انتصار للوطن”، في إشارة إلى ما اعتبره تعبيراً جماعياً عن وحدة المشاعر الوطنية رغم الاختلافات.
بدوره، اعتبر وزير العدل الأسبق، مصطفى الرميد، أن السماح لناصر الزفزافي، المعتقل على خلفية أحداث “حراك الريف”، بحضور جنازة والده الراحل أحمد الزفزافي، يشكل “لحظة استثنائية” تعكس نضجاً في التعاطي مع الملف.
وأوضح الرميد، في تعليق له عبر تدوينة على منصة فيسبوك، أن هذه اللحظة الاستثنائية تجلت بوضوح في كون الزفزافي، المحكوم بعشرين سنة سجناً، “ظهر وسط مئات من الأنصار والمعزين حراً طليقاً دون أصفاد، وتحدث بكل حرية، وأيضاً بكل نضج ومسؤولية”، رغم أنه قضى أقل من نصف العقوبة.
وأشار المسؤول الحكومي السابق إلى أن حضور الزفزافي لمراسيم دفن والده ليس الأول من نوعه، إذ سبق أن سُمح له بالخروج مرات عدة لعيادة والديه في فترات مرضهما، معتبراً أن هذه الخطوات تحمل رسائل واضحة بشأن تطورات الملف.
وبحسب الرميد، فإن هذه التطورات تؤكد أن “الملف الجنائي الذي عرف انفراجات متوالية يوشك أن يعرف انعطافته الأخيرة”، معبّراً عن أمله في أن تكون هذه الانعطافة “خيراً وسلاماً في الزمن القريب”، وختم بالقول: “إن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً”.
وكان أحمد الزفزافي قد توفي يوم الأربعاء بعد معاناة مع مرض عضال، إذ كان يرقد بقسم الإنعاش بإحدى المصحات متأثراً بمضاعفات المرض. وقد خلف رحيله حزناً واسعاً في الأوساط الحقوقية، وبين المتعاطفين مع قضية حراك الريف، الذين رأوا في وفاته خسارة لرجل حمل في مساره الكثير من المواقف الرمزية.