ناقد: الممثل ليس روبوتا وتكرار الأدوار يُفرض ويسيء للمشهد الفني

تتكرر ظاهرة حصر بعض الممثلين في أدوار نمطية، في السينما والتلفزيون، بعد تألقهم في أداء دور معين خلال بداية مسارهم الفني، إذ يعاد إسناد نفس النوع من الشخصيات إليهم، مستغلين الإشعاع الذي حققوه سابقا، دون مراعاة لقدراتهم على التنوع والتجديد.
ويرى منتقدو هذه الظاهرة التي يفرضها بعض المخرجين، أنها لا تساهم فقط في إفراغ الأداء الفني من روحه، بل تكرس أيضا الرداءة والتكرار، مما ينعكس سلبا على الممثل، وجودة الأعمال الفنية.
ويرى الناقد السينمائي والفني، مصطفى الطالب، أن تنوع الأدوار والشخصيات يعد عاملا أساسيا في حيوية ونجاح الممثل، وكذا في نجاح العمل الذي يقدمه، خاصة وأن العديد من الأعمال السينمائية ارتكز نجاحها أساسا على ممثل أو ممثلة مرموقة.
ويضيف الطالب، في تصريح لجريدة “مدار21″، أن الممثل هو الحلقة الأهم في أي إبداع مسرحي أو درامي أو سينمائي، إذ إنه، إلى جانب تجسيده للشخصيات وسرده للقصص، يصنع الفرق بين عمل وآخر، وبين دور وآخر، وبين نوع فني وآخر، لافتا إلى أن الممثل في المسرح ليس كما هو في التلفزيون أو السينما، مستحضرا مقولة لممثل فرنسي: “الممثل ليس روبوتا، بل هو عنصر يحدث الفرق، حتى ولو كرر نفس الكلمات كل يوم وفي نفس الوقت”.
ويشير الطالب إلى أنه حينما ينغلق الممثل على دور معين (كدور الشرير أو المخبر أو الأب الحنون…) نتيجة نجاحه في أدائه في بداية مساره، فإنه يحكم على نفسه بالتكرار والفشل ورفض الجمهور له، لأن تألق الممثل(ة) يكمن في تنوع أدواره، مما يمكنه من اكتشاف طاقاته ومواهبه وقدراته، ويفتح أمامه آفاق العالمية إلى جانب المحلية.
وانتقد الطالب ظاهرة تكرار الأدوار في المغرب والوطن العربي، والتي أصبحت متفشية في المشهد الفني، لا سيما التلفزيوني والسينمائي، معتبرا أنها تسيء لهذا المشهد ولممثليه ومخرجيه أيضا، لأن الغالبية من هؤلاء المخرجين هم من يفرضون تكرار تلك الأدوار على الممثلين، الذين يجدون أنفسهم مضطرين للقبول بها من أجل لقمة العيش.
ويضيف أن “الحقيقة أن الممثل يجب أن يتحلى بالجرأة لرفض الأعمال التي تكرس تكراره في دور أصبح لصيقا به وألف الجمهور رؤيته فيه، أي يجب أن يرفض الاستسهال والاسترزاق والرداءة، لأن للجمهور ذكاء وذوقا لا يمكن الاستهانة بهما، فاليوم قد يصفق لك، لكن الغد قد يلفظك (كما وقع مع العديد من الأعمال الرمضانية)”.
ويؤكد أن مصير الممثل الاحترافي مرهون بالتنوع والتعدد في الأعمال والأدوار، التي من خلالها تتفتق مواهبه ويثبت قدرته على إمتاع الجمهور وإقناعه بأنه يستحق لقب ممثل محترف أو من الطراز الأول، خاصة في زمن أصبح فيه كل من هب ودب يلج عالم التمثيل، إما عن طريق المحسوبية أو العلاقات الشخصية أو عبر اليوتيوب، في حين أن التشخيص هو موهبة تصقل بالتكوينات في المعاهد والمدارس المتخصصة.
ويختم الطالب تصريحه بالقول إن على الممثل، لكي يظل “حيا” من ناحية الأدوار والأعمال الجادة، لاسيما الدرامية والسينمائية، ألا يغفل عن المسرح، الذي يعد المدرسة الأولى التي تمكنه من صقل موهبته واكتشاف ذاته التشخيصية، وهو ما يقوم به جميع الممثلين والممثلات العالميين.