مجتمع

كيف تحولت الجنائز إلى “عرض” على مواقع التواصل الاجتماعي؟

كيف تحولت الجنائز إلى “عرض” على مواقع التواصل الاجتماعي؟

أصبحت كل التفاصيل في حياتنا اليومية توثق وتنشر بسرعة هائلة، ومن بين هاته التفاصيل التي أصبحت محل نقاش واسع تصوير الجنائز ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي.

وفي عصر الثورة الرقمية، تحولت لحظة الموت، التي يجب أن تكون مليئة بالحزن والوقار، إلى لحظة شهرة على مواقع التواصل الاجتماعي، ويتهافت الجميع على توثيقها مند البداية إلى النهاية.

ويقوم البعض، وأغلبهم من المؤثرين بمنصات التواصل الاجتماعي، بتصوير ونشر صور ومقاطع فيديو من الجنائز وكأنها حدث ترفيهي أو عرض يبث أمام الجمهور، ما يحوّل الحزن إلى استعراض ويقلل من وقار المناسبة الإنسانية.

وفي هذا الصدد يؤكد عزيز احلوى، أستاذ باحث في الأنتروبولوجيا بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن هذه الظاهرة تدخل في إطار التغيرات الاجتماعية ،إذ “لم تعد المقبرة مكان مقدسا أو مغلقا لا يجب الكلام عنه أو تصويره”.

وأشار إلى أن المقبرة أصبحت “فضاء مثل فضاءات أخرى، صحيح أن لها نفس القدسية ونفس الخصوصية خاصة بالموت، وبالحزن وبالفقدان العزيز، لكن بالرغم من ذلك لم تنج من التغيرات المهمة التي عرفتها كل مناحي الحياة في المجتمع”.

وأورد في تصريحه أن “التدين في المغرب عموما، وقالها وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، يدخل في إطار تدشين نوع من العلمنة المحلية لا بمفهومها الغربي ولكن هناك نوع من العلمنة الذي يتيح إمكانية فصل التدين في حد ذاته كممارسة عن ما يمكن أن نسميه بالدولة والسياسة والقوانين الأخرى”.

وأضاف “هناك نوع من المرونة والسهولة في عملية التدين، كما أن هناك نوع من الانفتاح إن شئنا عن تدين وسطي معتدل متسامح، وليس هناك الآن من الفقهاء في المقبرة من يمنعك كليا عن تصوير وفاة أحد أفراد عائلتك”.

وحسب احلوى، فمن المهم توثيق آخر محطة رحلة حياة شخص توفي وودع هذه الحياة، فما سيتبقى لنا منه هو هذه الصور وهذه الحظات الأخيرة لتوديعه ونحن ننزله إلى دار البقاء”.

وأوضح أن “هناك تسامحا كبيرا لاستخدام الهاتف إبان الدفن، وإبان دخول المقبرة، وإبان الجنازة، ويتم تصوير الأدعية والقراءات القرآنية للفقهاء في المقبرة، لأنه في نظر الأشخاص هذا ما سيتبقى من ذكريات في علاقتنا مع الميت”.

وفي السياق ذاته، أشار الأنتروبولوجي إلى أننا “نعيش في عالم الصورة، وعلى المستوى العالمي أصبحت الصورة هي الوسيلة الوحيدة للتواصل والتعبير عن كل مناحي الحياة، إذ أصبح هناك حضور قوي للصورة كأحد أهم التعبيرات البشرية على الممارسات الثقافية والهوياتية للبشر”.

وأضاف “هناك نوع من القبول والمرونة والسهولة، فالتصوير وأدوات التواصل الاجتماعي أصبحت حاضرة بقوة ولا يمكن منعها، وهناك نوع من التغير في الذهنيات، وفي السلوك، وحتى في العلاقة مع المقدس”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News