مجتمع

هشام بلاوي: العقوبات البديلة خيار حضاري وعدالة صديقة للأطفال

هشام بلاوي: العقوبات البديلة خيار حضاري وعدالة صديقة للأطفال

أكد الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، هشام بلاوي، أن العقوبات البديلة أحد الحلول الناجعة التي باتت تفرض نفسها اليوم، ليس فقط كوسيلة للتخفيف من الاكتظاظ داخل المؤسسات السجنية، ولكن أيضًا كوسيلة لتحقيق العدالة الإصلاحية والإنسانية، خاصة عندما يتعلق الأمر بالأطفال.

وقال بلاوي، اليوم الإثنين في افتتاح اللقاء الوطني حول موضوع “تنزيل العقوبات البديلة في ضوء العدالة الصديقة للأطفال”، المنظم يومي 21 و22 يوليوز 2025 بقصر المؤتمرات بالصخيرات، إن “السجن، كما نعلم جميعًا، وسيلة لإعادة التأهيل، لكنه في حالات كثيرة، خصوصًا بالنسبة للأطفال، قد يتحول إلى بيئة للتطبيع مع السلوك الاجرامي نتيجة تأثير الأقران والاختلاط معهم الشيء الذي قد يغذي فيهم مشاعر التمرد والانفصال عن المجتمع”.

وشدد على أن “مفهوم العقوبات البديلة في قضايا الأطفال ليس مجرد خيار قانوني فحسب، إنمـا خيار حضاري وأخلاقي يعكس مدى نضج المجتمع وحرصه على بناء مستقبل أفضل لأطفاله”.

ودعا المتحدث ذاته آليات العدالة إلى تقصي مصلحة الأطفال الفضلى لبلوغ “عدالة صديقة للطفل كنظام يتوخى أنجع السبل لتكييف الإجراء القانوني مع الظروف الخاصة للطفل ومصلحته الفضلى”، مشيرا إلى أن ذلك “يدعو أولا وأخيرا إلى إبقاء الطفل في كنف أسرته ووسطه الحمائي الطبيعي، فكل انفصال عن البيئة الأسرية يعرض الطفل لأضرار متعددة ويهدد مستقبله وكيانه”.

وأشار إلى أن “الإيداع بالمؤسسات السجنية هو آخر ملاذ يُمكن اللجوء إليه، لذا يقتضي الأمر مناقشة مختلف بدائل العقوبات السالبة للحرية كالعمل لفائدة المنفعة العامة أو التدابير الرقابية الخاصة بالأحداث الجانحين، وغيرها من البدائل التي تتيح وفقا للقانون الجديد تفادي سلب حرية الأطفال”.

وأكد أن “مقاربة هذا الواقع تتطلب منا جميعًا – قضاة، وفاعلين حكوميين، وأخصائيين، ومجتمعًا مدنيًا – أن ننظر إلى الأطفال نظرة المسؤول عن تقويم سلوكه وتهذيبه بدل زجره وعقابه، وأن نعمل جاهدين لتوفير بيئة قانونية وإنسانية تضمن لهم فرص الإصلاح والاندماج”.

ولفت إلى أن رئاسة النيابة العامة “حرصت، منذ تأسيسها، على إيلاء فئة الأطفال عناية خاصة عبرت عنها من خلال مجموعة من الدوريات والمناشير الموجهة إلى قضاة النيابة العامة، تحثهم فيها على الاهتمام بقضايا الأطفال وتفعيل المقتضيات القانونية مع الحرص الدائم على تحري مصلحتهم الفُضْلَى”.

وأبرز هشام بلاوي إلى أن القانون 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة “جاء بتصور حديث لمعالجة القضايا التي تستوجب العقوبات السالبة للحرية، وذلك من خلال منح القضاء صلاحية استبدال العقوبات الحبسية النافذة بتدابير بديلة، تتيح للطفل في نزاع مع القانون قضاء عقوبته في بيئة طبيعية ومألوفة”، مشيرا إلى أنه أمر “يسهم في تقويم السلوك وتيسير اإدماج في المجتمع، بالإضافة إلى ضمان استمرارية المساهمة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية، مع اعتماد نظام تتبع دقيق لتقييم أثر هذه العقوبات، تحت إشراف الجهات القضائية أو الإدارية المختصة وفقًا لما ينص عليه القانون الخاص بتنفيذ العقوبات البديلة”.

وشدد رئيس النيابة العامة على أن اللقاء الوطني، المنظم لمناقشة قانون العقوبات البديلة قبيل دخوله حيز التنفيذ ومن أجل إطلاع القضاة المعنيين بمختلف المستجدات التي يحملها هذا القانون، “يُعد فرصة يجب استثمارها للوقوف مجددا على الوضعية الحالية لعدالة الأطفال بالمغرب وتقييم السبل ودراسة الحلول التي يعتمدها مختلف الفاعلين في مجال حماية حقوق الأطفال في تماس مع القانون، وفرصة أيضا لتقاسم الممارسات الفضلى ودعوة الفاعلين الوطنيين لتعميمها في انسجام مع المعايير الدولية والقوانين الوطنية ذات الصلة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News