“التضخم الانتهازي”.. غلاءٌ يهدد نجاح المغرب في تنظيم “كان 2025”

إذا كانت الحلة التي ظهر بها ملعب الأمير مولاي عبد الله بالرباط قد بعثت رسائل واضحة حول جاهزية المغرب لاحتضان نسخة ناجحة من كأس أمم إفريقيا على مستوى البنية التحتية الرياضية، فالقطاع السياحي مطالب بدوره بتقديم “بروفة” مُقنعة، سيما أن المملكة ستعود بعد 5 سنوات لتنظيم تظاهرة أهم هي المونديال؛ ما يطرح تخوفات من ظاهرة “التضخم الانتهازي”، بحيث يدفع الجشع جهات لرفع الأسعار إلى مستويات غير معقولة في استغلال بشع للمناسبات.
الأرقام التي ما فتئت وزارة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني تفرج عنها بخصوص نمو القطاع السياحي الوطني، على مستوى الوفود وليالي المبيت والمداخيل، تبشر بقدرة استيعابية وطنية كافية لفتح أبواب المملكة للقارة السمراء. غير أنه وعلاوة على الطاقة الاستيعابية الكميّة، يتطلب هذا النوع من التظاهرات الرهان على الجودة والنوعية والحرص على سمعة الوجهة السياحية، لاسيما وأن أنظار العالم مسلطة على المملكة التي يُنتظر منها أيضاً إنجاح مونديال 2030.
وفي هذا الصدد، أوضحت رئيسة الفيدرالية المغربية للمطاعم، إيمان الرميلي، أن كأس أمم إفريقيا لا تعد مجرد بطولة في كرة القدم، بل “اختبارا حقيقيا لمصداقية المغرب قبل استضافة كأس العالم 2030”.
ولفتت إلى أن البطولة ستستقطب أكثر من 1,5 مليون زائر متوقع للمملكة، أي ما يعادل ثلاثة أضعاف نسخة عادية من كأس إفريقيا للأمم، معتبرة أن “كان 2025” تعد أول خطوة نحو بلوغ هدف 17,5 مليون سائح في أفق سنة 2026، طبقا لخارطة الطريق السياحية، مع انعكاسات اقتصادية تقدر بمئات ملايين الدولارات.
وأشارت الرميلي إلى أن الدرس المستفاد من “كان 2023” الأخيرة، المنظمة بساحل العاج، يُظهر أنها حققت نجاحاً كبيرا على صعيد عُنصري حفاوة الاستقبال والتجربة الثقافية الغامرة للزوار؛ غير أن نقاط ضعفها تمثلت في ارتفاع الأسعار والمشاكل المسجلة على مستوى قطاع النقل داخل المدن.
بناء على ذلك، ترى الفاعلة بالقطاع السياحي أن المغرب مطالب باستثمار هذا الدرس؛ و”إدراك أن حفاوة الاستقبال لدينا نقطة قوة حقيقية، لكن التحكم في الأسعار وضمان الانسيابية اللوجستيكية سيكونان عاملين حاسمين”.
“بالتالي ينبغي أن يمنح المغرب الأولوية خلال الفترة المقبلة، التي تمثل العد التنازلي للتظاهرة، لثلاث أوراش ذات أولوية؛ على رأسها التميز التشغيلي؛ أي أن الاستقبال الحار للسياح لم يعد كافيًا، بل نحتاج إلى مساطر سلسة، وخدمات متعددة اللغات، وتدبير محكم للتدفق السياحي”، تضيف المتحدثة، داعية إلى ضرورة بدء عمليات تكوين الرأسمال البشري منذ الآن مع محاكاة فترات الذروة.
ومن جهة أخر اعتبرت الرميلي أن شفافية الأسعار يجب أن تكون أولوية حاسمة للسلطات المغربية؛ “التي عليها أن تسهر على تجنب أي تضخم انتهازي؛ ذلك أن أي ارتفاع غير معقول للأسعار خلال فترة التنظيم قد يصيب سمعة البلاد في مقتل، والتي يمكن أن تتضرر في غضون أيام قليلة”، مقترحة اعتماد ميثاق تسعيري واضح، يبرز قيمة معقولة مقابل الجودة.
وخلصت إلى أنه من الضروري أيضاً تعزيز التنسيق بين القطاعين العام والخاص، لاسيما أن النجاح يعتمد على التنسيق مع المؤسسات العمومية في مجالات النقل، الأمن، والمعلومات؛ مقترحة إحداث قنوات تواصل مباشرة مع لجان التنظيم.