“الأسود” يسقطون “النسور” بهدفي حكيمي والكعبي وسط دعم جماهيري فاسي قوي

تمكن المنتخب الوطني المغربي من انتزاع فوز صعب أمام نظيره التونسي، في المباراة الودية التي جمعتهما على أرضية ملعب فاس الكبير، مساء اليوم الجمعة، ضمن استعدادات الأسود لنهائيات كأس أمم إفريقيا “المغرب 2025”.
وأرضت كتيبة وليد الركراكي الجماهير الفاسية التي توافدت بكثافة على مدرجات الملعب، في أول ظهور للمنتخب الوطني بعد إعادة تهيئة المركب الرياضي.
وشهد الشوط الأول من المباراة الودية التي جمعت بين المنتخبين ندّية كبيرة منذ اللحظات الأولى، وسط حضور جماهيري لافت خلق أجواءً مميزة دعمت “أسود الأطلس”.
ودخل “نسور قرطاج” المواجهة بضغط هجومي مكثف خلال الدقيقتين الأوليين، محاولين إرباك الدفاع المغربي مبكراً، إلا أن هذا الأخير أبان عن تماسك واضح، مشكّلاً سداً منيعاً حال دون تهديد مرمى الحارس ياسين بونو.
وفي الدقيقة الخامسة، بدا أن النسق الهجومي المغربي يعاني من بعض التسرّع، حيث فشل لاعبو المنتخب الوطني في الحفاظ على نسق تمريراتهم خلال عدة محاولات هجومية متتالية، ما فتح المجال أمام ارتدادات سريعة للمنتخب التونسي، الذي استحوذ نسبياً على الكرة في تلك الدقائق.
غير أن ردة فعل الأسود لم تتأخر، ففي حدود الدقيقة الثامنة، قادت كتيبة وليد الركراكي هجمات مرتدة خطيرة، أبرزها فرصة واعدة جاءت عبر كرة ثابتة نُفذت بطريقة جيدة لكنها لم تُترجم إلى هدف، فيما تواصل الضغط المغربي تدريجياً وسط تناغم واضح بين الأظهرة والوسط.
ولعب الجمهور الفاسي دوراً كبيراً في فرض ضغط نفسي واضح على لاعبي المنتخب التونسي، إذ لم يتوقف عن إطلاق صافرات الاستهجان كلما لمس لاعبو “نسور قرطاج الكرة”، وهو ما بدا أنه أثّر نسبياً على تركيز بعض عناصر الفريق الضيف، خاصة في الثلث الأول من الشوط.
وعرفت الدقيقة 16 حصول المغرب على ضربة خطأ مباشرة بعد تدخل خشن من الدفاع التونسي على الصيباري، تولى تنفيذها يوسف بلعمري، غير أن الحارس التونسي أيمن دحمان تصدى لها ببراعة وأبعدها عن شباكه.
المنتخب التونسي حاول الرد سريعاً، وفي الدقيقة 18 قاد هجمة مركزة تصدى لها أشرف حكيمي في آخر لحظة، حوّلها إلى ركنية نجح الدفاع المغربي في التعامل معها بنجاح.
واستمرت مجريات اللعب بهدوء وتوازن من الجانب المغربي، مع محاولة افتكاك الكرة في وسط الميدان وبناء الهجمات بشكل تدريجي، دون اندفاع غير محسوب، إلى غاية الدقيقة 24 التي كاد خلالها أشرف حكيمي أن يوقع على هدف التقدم، لولا تدخل الدفاع التونسي الذي أبعد الكرة إلى ركنية.
وفي الدقيقة 26، أثار يوسف النصيري القلق بعد أن شعر بانزعاج عضلي استدعى تدخل الطاقم الطبي، مما أجبر الحكم على توقيف المباراة للحظات.
وبالموازاة مع ذلك، شرع سفيان رحيمي وأيوب الكعبي في عمليات الإحماء، قبل أن يعود النصيري لأرضية الميدان ويكمل اللعب، وسط تصفيقات وتشجيعات قوية من الجماهير الفاسية.
وشهدت الدقيقة 30 واحدة من أبرز فرص أسود الأطلس في الشوط الأول، حين قاد أشرف حكيمي هجمة من الجهة اليمنى، حولها بذكاء إلى كرة مرتدة سريعة وصلت إلى يوسف النصيري، الذي ارتقى فوق الدفاع التونسي وسدد كرة رأسية مرت بمحاذاة القائم الأيسر للحارس أيمن دحمان.
بعدها بأربع دقائق فقط، عاد المنتخب المغربي لتهديد المرمى التونسي، وهذه المرة عبر تسديدة قوية من المدافع يوسف بلعمري من خارج منطقة الجزاء، تصدى لها الحارس دحمان ببراعة، منقذاً مرماه من هدف بدا قريباً.
وواصل المغرب بحثه عن هدف التقدم، وتحصل على ضربة خطأ مباشرة في الدقيقة 41، تولى تنفيذها إلياس بن صغير، لكن الدفاع التونسي تدخل بنجاح وأبعد الكرة عن مناطقه.
وقبل إسدال الستار على الشوط الأول، أعلن الحكم عن إضافة ثلاث دقائق كوقت بدل ضائع، حاول خلالها الطرفان تعديل الكفة دون جديد يُذكر.
ليسدل الستار على شوط أول قوي تكتيكياً ومشحون جماهيرياً، انتهى على إيقاع التعادل السلبي (0-0).
ومع بداية الشوط الثاني، أجرى المنتخب التونسي أول تغييراته بخروج المهاجم فراس الشواط ودخول اللاعب حازم مستوري، في محاولة لتعزيز الفعالية الهجومية والبحث عن حلول جديدة أمام التماسك الدفاعي المغربي.
ودخل نسور قرطاج هذا الشوط بعزيمة واضحة لتسجيل الهدف الأول، من خلال تكثيف الضغط الهجومي وتنويع محاولاتهم، وكانت أبرز هذه المحاولات في الدقيقة 51، حين وصلت كرة خطيرة إلى مشارف منطقة الجزاء المغربية، غير أن تدخل حكيم من أشرف حكيمي قطع التمريرة في اللحظة الحاسمة، وحرَم المنتخب التونسي من فرصة سانحة للتسجيل.
وفي الدقيقة 55، كاد إلياس بن صغير أن يوقع على الهدف الأول لصالح المنتخب المغربي، بعد تسديدة قوية من خارج المنطقة، مرت بمحاذاة القائم الأيمن للحارس أيمن دحمان، وسط زفير جماعي من الجماهير المغربية التي كانت تمني النفس برؤية الشباك تهتز.
وبعدها بدقيقة واحدة، سنحت فرصة أخرى لأسود الأطلس، هذه المرة عبر يوسف النصيري، الذي وجد الكرة بين قدميه داخل مربع العمليات، لكنه لم يحسن التعامل معها في اللحظة الأخيرة، لتضيع فرصة ثمينة من جديد على أصحاب الأرض.
وتواصلت المباراة على إيقاع تبادل للهجمات بين الجانبين، دون أن يتمكن أي من المنتخبين من فك شفرة الدفاع الآخر، في ظل يقظة الحارسين واستمرار الحذر الدفاعي إلى حدود الدقيقة 58.
ورافق هذه المرحلة من اللقاء توتر واضح في صفوف المنتخب التونسي، حيث واصل اللاعبون الاعتراض على بعض قرارات الحكم، ما أخرجهم نسبياً من تركيزهم.
وفي الدقيقة 58، أجرى الناخب الوطني وليد الركراكي أول تغييراته في المباراة، حيث قرر إقحام المهاجم أيوب الكعبي مكان يوسف النصيري، كما دفع بسفيان رحيمي لتعويض بلال الخنوس، في محاولة لتسريع الرتم وتفعيل الجبهة الهجومية.
الدقيقة 60 شهدت تمريرة دقيقة من أشرف حكيمي نحو سفيان رحيمي، الذي تسلل بذكاء داخل مربع العمليات، لكن الكرة لم تصل إليه في الوقت المناسب، لتضيع فرصة أخرى كانت قد تمنح التقدم لأسود الأطلس
وتواصلت الإثارة في الشوط الثاني من ودية المغرب وتونس، إذ اقترب المنتخب الوطني المغربي من افتتاح باب التسجيل في أكثر من مناسبة.
ففي الدقيقة 64، أهدر سفيان رحيمي فرصة ذهبية للتقدم، بعدما تهيأت له تمريرة دقيقة من أيوب الكعبي، انفرد على إثرها بالحارس التونسي، لكنه لم يُحسن وضع الكرة في الشباك.
ولم تمر سوى ثلاث دقائق حتى عاد أشرف حكيمي ليهدد المرمى التونسي من خلال ضربة خطأ مباشرة سددها بقوة، غير أن الحارس أيمن دحمان واصل تألقه، وتصدى لها ببراعة في الدقيقة 67، حارماً الأسود من هدف بدا قريباً.
وفي الدقيقة 68، ارتقى المدافع جواد الياميق فوق الجميع لتنفيذ كرة رأسية قوية عقب ركنية نفذها بن صغير، إلا أن كرته جانبت القائم الأيمن لمرمى دحمان، وسط حسرة واضحة على دكة بدلاء المنتخب الوطني.
في المقابل، أجرى المنتخب التونسي تغييراً جديداً في الدقيقة 70، بخروج اللاعب بن سليمان ودخول سيف الله اللطيف، في محاولة لإنعاش خط الوسط وإيقاف الزحف المغربي المتواصل.
ورغم التغييرات، واصل أسود الأطلس فرض إيقاعهم وضغطهم الهجومي، لكن دون التمكن من فك شفرة الدفاع التونسي المحكم.
وفي الدقيقة 71، ارتكب عز الدين أوناحي هفوة على مستوى التمرير في وسط الميدان، ما منح نسور قرطاج فرصة للهجوم المعاكس، غير أن المحاولة افتقدت للنجاعة ولم تُشكل خطراً حقيقياً على مرمى ياسين بونو.
وفي الدقيقة 73، كاد المنتخب التونسي أن يخطف هدفاً مفاجئاً من ركنية نُفذت بإتقان، انقض عليها أحد اللاعبين برأسية خطيرة، لولا تدخل ياسين بونو في اللحظة الأخيرة.
وفي الدقيقة 78، أجرى الناخب الوطني وليد الركراكي تغييراً جديداً في صفوف المنتخب المغربي، بدخول الوافد الجديد مروان الصناني مكان إسماعيل الصيباري، ليمنح اللاعب الشاب فرصة الظهور الأول بقميص الأسود وسط تصفيقات حماسية من الجماهير الفاسية.
وبعد دقيقتين فقط من هذا التبديل، نجح أشرف حكيمي في فك شفرة الدفاع التونسي وافتتاح التسجيل للمنتخب المغربي في الدقيقة 80، عبر رأسية متقنة استقرت في شباك الحارس أيمن دحمان، إثر ركلة ركنية نُفذت بإتقان.
وعمّت الفرحة المدرجات بشكل جنوني، حيث دوّى الهتاف في ملعب الحسن الثاني احتفالاً بأول أهداف اللقاء.
وفي اللحظات الأخيرة من المواجهة، أعلن الحكم عن إضافة أربع دقائق كوقت بدل ضائع، في ظل محاولات خجولة من الطرفين لتغيير النتيجة قبل صافرة النهاية.
وأضاف أيوب الكعبي الهدف الثاني للمنتخب الوطني في الأنفاس الأخيرة من اللقاء، بعد هجمة منظمة بدأها يوسف النصيري بمجهود فردي مميز، أنهاها بتمريرة ذكية وضعت الكعبي في وضعية مناسبة للتسجيل، ليحسم بذلك فوز الأسود أمام تونس.
ومن المرتقب ان يجري المنتخب الوطني المغربي مواجهة إعدادية ثانية أمام منتخب البنين، في 9 يونيو 2025، على أرضية ملعب فاس الكبير.