الطاقات المتجددة مسؤولة عن انقطاع الكهرباء بإيبيريا.. هل المغرب مهدد؟

كشفت وسائل إعلام أوروبية، على غرار وكالة الأنباء الفرنسية (AFP) وصحيفة “لوفيغارو”، عن كون شركة تشغيل شبكة الكهرباء الإسبانية حذرت من “انقطاعات محتملة في الإنتاج الكهربائي” مرتبطة بـ”الاختراق القوي للطاقات المتجددة في البلاد”. وهو ما يطرح علامات استفهام كبيرة حول الرهان الاستراتيجي للمغرب على هذه الطاقات، لا سيما في ظل الاستثمارات المالية الضخمة المرصودة لها.
ويستثمر المغرب الكثير في سبيل الرفع من منسوب هذه الطاقات في مزيجه الطاقي، بحيث كانت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ليلى بنعلي، أكدت في آخر ظهور إعلامي لها أن 120 مليار درهم هي قيمة الاستثمارات الطاقية بالمغرب من بينها 80 في المئة للطاقات المتجددة.
في هذا الصدد، قدم خبير في الطاقات المتجددة والهندسة البيئية، الدكتور عبد العالي الطاهري، في حوار مع جريدة “مدار21″، قراءته لما جرى، في علاقته بالطاقات المتجددة، وكيف لعب المغرب دوراً مهما في حلحلة الأزمة، ومدى عرضته لحوادث مشابهة.
في ما يلي نص الحوار:
عاشت شبه الجزيرة الإيبيرية وأجزاء من فرنسا الاثنين الماضي واحدا من “أحلك” أيامها بعد انقطاع التيار الكهربائي على نطاق واسع، مؤدياً لأزمة متعددة الأبعاد، ما هي قراءتكم لما جرى؟ وهل تؤيدون الطرح الذي يحمل الطاقات المتجددة مسؤولية الأزمة؟
جواباً على سؤالكم، يجب التأكيد أولاً على أن حالات انقطاع التيار الكهربائي غالباً ما تقع بسبب توقف مفاجئ لمصدر الإنتاج، أي محطة الطاقة، أو بسبب مشكلة فنية أو نقص على مستوى الوقود لتزويد محطات الطاقة الحرارية.
وفي قراءة كرونولوجية تاريخية، يجب التأكيد على أنه في السنوات الأخيرة أدت العديد من الكوارث الطبيعية مثل العواصف والزلازل وحرائق الغابات وارتفاع درجات الحرارة، وأيضاً الانخفاض الشديد لدرجات الحرارة إلى تفاقم هذه الانقطاعات، وفي بعض الحالات أدت هذه الأسباب إلى إتلاف البنية التحتية أو رفع الطلب على التدفئة والتبريد ما يتسبب في انقطاع التيار الكهربائي.
في ما يخص ربط واقعة انقطاع التيار الكهربائي على شبه الجزيرة الإيبيرية وجزء من فرنسا بالطاقات المتجددة، يجب التأكيد أولاً على أن إسبانيا تنتج حوالي 40 في المئة من الكهرباء من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وهذه النسبة تم تجاوزها لتصل إلى 70 في المئة يوم الواقعة، وأيضاً يجب التذكير بأن الهيئة المشرفة على الطاقة بإسبانيا سبق وأن حذرت مشغلي أنظمة النقل الكهربائي، ليس فقط على مستوى إسبانيا، بل على مستوى جميع الدول الأوروبية، وبالضبط بتاريخ 18 أبريل الماضي، من مخاطر كبيرة متوقعة على مستوى انقطاع التيار الكهربائي وذلك نتيجة الإفراط في إنتاج الطاقة الشمسية مع اقتراب الصيف.
كما أشير إلى أن انقطاع الطاقة الكهربائية قد حدث سابقاً ولكن بشكل متقطع وعلى نطاق ضيق وليس على مستوى التراب الإسباني بشكل عام، وكان بمثابة تحذير لإسبانيا ولشبه الجزيرة الإيبيرية من وقوع حادثة الاثنين الماضي.
كيف ساهم المغرب في إنقاذ الموقف و”إخراج إسبانيا من الظلمات إلى النور”؟
الأكيد أن المملكة المغربية لعبت دوراً أساسياً ومفصلياً خلال أزمة الإثنين من خلال تزويد الشبكة الإسبانية بالكهرباء خلال هذه الأزمة، التي أدت أيضاً إلى تعطيل شبكة الكهرباء والهاتف والإنترنت وتوقف القطارات وحركات الطيران، مما أدى إلى أزمة اقتصادية متعددة الأبعاد.
في هذا السياق، وكما أكد بيدرو سانشيز، رئيس الحكومة الإسبانية، أن المغرب كان له فضل كبير في إنقاذ الموقف، من خلال حشد ما يصل إلى 38 في المئة من قدراته الإنتاجية لإرسال الطاقة بعد ظهر يوم الإثنين.
إلى ذلك قام المغرب بربط شبكته الكهربائية بإسبانيا وذلك من خلال خطوط الربط القائمة في مضيق جبل طارق، وذلك بناء على طلب شركة كهرباء إسبانيا.
أكدتم في معرض جوابكم عن السؤال الأول على الطرح الذي يحمل المسؤولية للطاقات المتجددة فيما جرى، وكما تعلمون فإن المغرب يراهن في استراتيجيته الطاقية على الطاقات المتجددة وتعزيز موقعها في مزيجه الطاقي، هل يعني ذلك أن المغرب مهدد بخطر انقطاعات شبيهة؟
لا يمكن الحديث عن وجود مخاطر على مستوى استعمال الطاقات البديلة والطاقات المتجددة، وخصوصاً الطاقات الشمسية والريحية والكهرومائية في المملكة المغربية، لأن المغرب يتعامل مع هذه النوعية الجديدة من الطاقات، أي الطاقات البديلة والطاقات المتجددة كمصادر لتوليد الطاقة الكهربائية بحذر وبعقلانية، وباستعمال متدرج وتوسيع شبكتها شيئاً فشيئاً وبرفع الصبيب بشكل متدرج.
ما وقع بإسبانيا كان نتيجة الإفراط في استعمال الطاقات الشمسية كأحد مصادر الطاقات الكهربائية، وبالتالي لا خوف على المملكة المغربية من خلال استراتيجيتها المتأنية، ومن خلال الوكالة المشرفة على ضبط الطاقة، على تسير المجال الطاقي خاصة في الشق المتعلق بالطاقات المتجددة.