امرأة

من الهشاشة إلى الأمل.. نساء مكناسيات يصنعن مستقبلهن بسواعدهن

من الهشاشة إلى الأمل.. نساء مكناسيات يصنعن مستقبلهن بسواعدهن

يحدو العديد من النساء المغربيات اللواتي يعانين من الهشاشة والعنف حلم واحد، هو أن يصبحن مستقلات ويعشن بكرامة. ويبدو أن العديد منهن تمكن من تحقيق هذا المبتغى بفضل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي تقدم الدعم والمساعدة لهذه الفئة، من خلال برامج تهدف إلى الحماية والتمكين.

وفي هذا السياق، وفي إطار مواكبة الأشخاص في وضعية هشاشة للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، تم إحداث العديد من المركبات الاجتماعية لتمكين النساء ضحايا العنف أو في وضعية صعبة من مأوى ومواكبة نفسية وقانونية، إضافة إلى تكوينات من أجل تعزيز اندماجهن المهني.

وفي مكناس، يشكل المركز الاجتماعي “ابتسامة” نموذجا يحتذى في ما يتعلق بالتمكين الاقتصادي للنساء. فمنذ سنة 2010 يضطلع هذا المركز بدور هام من خلال تمكين هذه الفئة من المجتمع من مواكبة نفسية وقانونية واجتماعية. كما يوفر الإيواء المؤقت للنساء في وضعية صعبة، بهدف مساعدتهن على الاندماج في المجتمع وفي النسيج الاقتصادي. وخلال هذه السنة، تستفيد ما بين 500 و1200 من النساء من خدمات هذا الفضاء الذي تبلغ طاقته الاستيعابية حوالي 559 مستفيدة، ضمنها حوالي 100 مقعد مخصص للإيواء. وتشمل المواكبة التي يوفرها المركز، على الخصوص، الاستماع والتنسيق مع مختلف الفاعلين الاجتماعيين.

وفي شهادة خصت بها وكالة المغرب العربي للأنباء، أفادت مستفيدة فضلت عدم الكشف عن اسمها، أنها عانت لسنوات من العنف الزوجي دون أن تجرؤ على المغادرة. وتابعت “وصلت إلى هنا للمركز محطمة، لا أعرف ما الذي يتعين علي القيام به، وإلى أين أولي وجهي”. وأضافت أن “المركز فتح لي أبوابه ووفر لي مأوى أشعر فيه بالأمان لأول مرة منذ مدة طويلة”، مسجلة أنها استفادت من دعم نفسي ساعدها على تجاوز صدمتها، وكذا مواكبة قانونية من أجل القيام بالإجراءات الضرورية. رويدا رويدا استعادت ثقتها بنفسها. واليوم تشعر بكونها أكثر قوة واستقلالية.

وأعربت عن امتنانها لهذا الفضاء والأشخاص العاملين به الذين أضحوا بمثابة أسرتها الثانية. من جهتها، أوضحت فدوى نيدعبد الله، أخصائية نفسية بالمركز، بأن غالبية النساء اللواتي يستقبلهن المركز هن ضحايا العنف الزوجي والأسري، مسجلة أن عملها يرتكز، أولا وقبل كل شيء، على الاستماع لهن ومواكبتهن في تدبير الصدمات اللائي تلقينها. وتابعت “الكثير منهن يعانين من اضطراب ما بعد الصدمة”، وهي حالة تتسم بإعادة التذكر المنتظم للعنف الذي تعرضن له والمظاهر الجسدية للمشاعر الشديدة التي يشعرن بها، مؤكدة أنه يتم إيواء هؤلاء النساء ويستفدن من مواكبة نفسية، إضافة إلى الدعم القانوني.

من جهتها، أوضحت حياة نديشي، منسقة الفضاء متعدد الوظائف للنساء، التابع للمركب الاجتماعي “ابتسامة”، أن الخدمات المقدمة تغطي جزءا كبيرا من الحاجيات، وتشمل على الخصوص التمكين النفسي والاجتماعي، والمواكبة القانونية والاقتصادية. وأشارت السيدة نديشي إلى أن “كل مستفيدة تصل بمسار مختلف وانتظارات خاصة. فبعضهن يسعين للهروب من العنف، وأخريات يفدن من أجل متابعة تكوين تأهيلي وتعزيز استقلاليتهن”.

وأضافت أنه يتم أيضا اقتراح ورشات للتطوير الشخصي للمستفيدات من المركز، لمساعدتهن على تطوير ثقتهن بأنفسهن، مسجلة أن المركز يقترح أيضا جلسات للوساطة الأسرية، لاسيما في حالة الطلاق، من أجل مساعدة الآباء على تنظيم الزيارات الخاصة بالأطفال. وبهدف تعزيز الاستقلال الاقتصادي للمستفيدات، يقترح هذا الفضاء تكوينات عديدة في الخياطة والفصالة والحلويات والحلاقة.

وتختتم هذ التكوينات، التي تتواصل على مدى سنة كاملة، بمنح شهادة معترف بها من قبل الدولة، تتيح لهن ولوج سوق الشغل، وخلق مشاريعهن الخاصة، أو الانضمام إلى إحدى التعاونيات.

وفي هذا الصدد، أوضحت حليمة، مكونة في مجال الحلويات ومستفيدة سابقة من المركز، أنها استفادت من عدة تكوينات مكنتها من بدء حياة جديدة وتحقيق الاستقلال المالي، مشيرة إلى أن تجربتها حفزتها على نقل خبرتها إلى المستفيدات الجدد.

من جانبها، اعتبرت مستفيدة أخرى تتابع حاليا تكوينا في ميدان الحلاقة، أنه بفضل التكوينات وورشات التطوير الشخصي، استعادت ثقتها بنفسها، وتشعر بكونها في أتم الجاهزية لولوج سوق الشغل. ولا يقتصر دور المركز الاجتماعي “ابتسامة” على مواكبة النساء في وضعية صعبة، إذ يضم أيضا بنيات أخرى مخصصة للأشخاص في وضعية هشاشة.

ويتعلق الأمر بوحدة حماية الطفولة التي تستقبل الأطفال في وضعية هشاشة أو ضحايا العنف، و وحدة الإسعاف الاجتماعي المتنقل التي تتكفل بالأشخاص في وضعية صعبة، وفضاء الأشخاص المسنين الذي يقترح مجموعة من الأنشطة التفاعلية.

ومن خلال مختلف هاته المبادرات، يرسخ الفضاء متعدد الوظائف للنساء بمكناس مكانته كفاعل محوري في محاربة العنف والإقصاء الاجتماعي، حيث يمنح آفاقا مستقبلية واعدة، ويسهم في إعادة الأمل للنساء المستفيدات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News