دراسة تدعو للتريث في فتح رأسمال “الشركات الجهوية” أمام الخواص

أوصى المعهد المغربي لتحليل السياسات بالحفاظ على مفهوم التعريفة الاجتماعية في ما يتعلق بتدبير الشركات الجهوية متعددة الخدمات لقطاع الكهرماء، داعياً إلى عدم التسرع في فتح رأسمالها أمام الفاعلين الخواص وتأهيل الجماعات الترابية لتكون فاعلا حقيقيا في المشروع.
الدراسة المعنونة بـ”الشركات الجهوية متعددة الخدمات: هل يوجد المستهلكون في مأمن؟”، لصاحبها سفيان الكمري، اعتبرت أنه “لا بد من الإبقاء على مفهوم التعريفة الاجتماعية لحماية القدرة الشرائية للساكنة الهشة وتكريس مبدأ المساواة الاجتماعية بين مستخدمي الشركات الجهوية في الحقوق والالتزامات وذلك من أجل إضفاء الطابع الاجتماعي على قانون الشركات الجهوية”.
وفي ما يتعلق بدخول فاعلين جدد لتنظيم وتدبير قطاع الماء والكهرباء، أوصت الورقة، التي اطلعت عليها جريدة “مدار21” الإلكترونية، بعدم التسرع في فتح رأسمال الشركات الجهوية أمام الفاعلين الخواص وتأهيل الجماعات الترابية لتكون فاعلا حقيقيا في المشروع وضرورة التشاور مستقبلا مع الفاعلين الاجتماعيين في كل مراحل تنزيل القانون، مؤكداً ضرورة استحضار الأبعاد الاجتماعية وأهمية التشاور الواسع مع مختلف الفاعلين الاجتماعيين أثناء تنزيل المشروع.
وبخصوص ضرورة استحضار الأبعاد الاجتماعية، أوضحت الدراسة أن هذا الموضوع يُشكِّل محوراً للجدل المجتمعي القائم حول قانون الشركات الجهوية منذ أكثر من سنة، وذلك بسبب التخوف من التخلي عن مفهوم “التعريفة الاجتماعية” الذي كان سائدا من ذي قبل.
وتابع المصدر ذاته أن هذا التوجس تَحكَّم في بعض الفعاليات الرسمية التي دعت في العديد من المناسبات إلى ضرورة إرساء آلية لتعديل التعريفة بصفة دورية وبطريقة تعكس التكلفة الحقيقية للكهرباء وتحمي القدرة الشرائية للساكنة الهشة.
وفي هذا السياق الاجتماعي، أشارت الدراسة إلى أنه لا بد من حماية منظومة مستخدمي قطاع الكهرباء والماء بمختلف أطرهم وتنوع إنتماءاتهم الإدارية، مستدركةً أنه إذا كان قانون الشركات الجهوية والقرار التطبيقي لوزير الداخلية المشار إليه سابقا قد أشاروا جميعا إلى حماية “الامتيازات” السابقة التي كان يتمتع المستخدمون بها، إلا أن تنوع الأنظمة الإدارية والاجتماعية التي يخضعون لها بحسب قطاعاتهم المنقولين منها وتفاوتها من حيث الحوافز المادية وخدمات الأعمال الاجتماعية، قد يؤدي إلى خلق نوع من “الاحتقان” داخل القطاع.
وعن التشاور الواسع مع مختلف الفاعلين الاجتماعيين، وفي علاقة بالحراك الذي تعرفه منطقة فكيك جراء تطبيق هذا القانون على قطاع الماء الذي له خصوصية محلية على مستوى التدبير، سجلت الوثيقة ذاتها أن “استفزاز الاحتجاج القبلي خير من تكلفة الاحتجاج البعدي”.
وخاطبت الدراسة المسؤولين عن تطبيق مقتصيات هذا القانون بأن المقاربة التشاركية تقي الدولة من التكاليف الباهظة لفشل السياسات العمومية، مبرزاً أن فشل سياسة معينة بدون المرور من القنوات التشاركية (الساكنة المحلية، الشعب، الهيئات المنظمة: نقابات، جمعيات، أحزاب…) يعني تحمل ضريبة إهدار الأموال العامة ومواجهة معقدة للممارسات الاحتجاجية التي قد يستعصي أحيانا توقع نتائجها وآثارها.
وأوضح المصدر ذاته أنه من هذا المنطلق تبرز ضرورة تملك الفاعل العمومي “للروح التشاركية” من خلال استدعاء مبدأ التشاور مع مختلف الفاعلين الاجتماعين في كل مراحل الفعل العمومي المتعلق بتدبير القطاع، مشدداً على أن الأمر في النهاية يتعلق بثروتين عموميتين هامتين هما الكهرباء والماء، وهما ملك للجميع، ومن ثم فإن تدبيرهما؛ ينبغي أن يكون أيضا ملكا للجميع.