رياضة

دول مونديالية (4).. عندما جمعت قطر بين التنظيم المبدع والعوائد المالية الضخمة

دول مونديالية (4).. عندما جمعت قطر بين التنظيم المبدع والعوائد المالية الضخمة

في عام 2022، خطفت قطر الأضواء عالميًا باستضافتها كأس العالم، محققة سابقة تاريخية كأول دولة عربية تنظم هذا الحدث الرياضي الضخم.

جاء المونديال بتنظيم فريد من نوعه وأرقام قياسية غير مسبوقة، ما جعله محل إشادة واسعة من الجماهير والخبراء الرياضيين على حد سواء.

استقطبت البطولة أكثر من 1.4 مليون مشجع من مختلف القارات، فيما بلغ إجمالي الحضور في الملاعب نحو 3.4 مليون متفرج، بمتوسط حضور تجاوز 53 ألفًا في كل مباراة.

هذا الإقبال الجماهيري الكبير يعكس نجاح قطر في تقديم تجربة استثنائية للمشجعين وتحقيق تنظيم سلس ومبهر.

اقتصاديًا، سجلت البطولة عوائد مالية ضخمة، إذ حقق “فيفا” إيرادات بلغت 7.5 مليارات دولار على مدار أربع سنوات، بينما بلغت ميزانية المونديال 1.7 مليار دولار.

هذه الأرقام تعزز مكانة قطر كوجهة عالمية قادرة على تنظيم الفعاليات الكبرى بكفاءة عالية وإمكانات متطورة.

أما على مستوى البنية التحتية، فقد شهدت قطر استثمارات هائلة في مشاريع رياضية وخدمية، من بينها بناء ملاعب متطورة، مثل استاد لوسيل الذي احتضن المباراة النهائية بحضور يقارب 89 ألف متفرج.

وعلى صعيد التفاعل الرقمي، حطم المونديال أرقامًا قياسية، حيث تجاوز عدد المتفاعلين مع الحدث عبر المنصات الرقمية 5 مليارات شخص، ما يؤكد حجم التأثير العالمي للبطولة وأهميتها في المشهد الرياضي الدولي.

ولم يقتصر نجاح البطولة على الأرقام والإحصائيات، بل قدمت قطر تجربة استثنائية للمشجعين، إذ أتيح لهم حضور أكثر من مباراة في اليوم الواحد بفضل تقارب الملاعب وسهولة التنقل، مما جعل مونديال 2022 تجربة فريدة من نوعها في تاريخ كأس العالم.

استضافة تاريخية وأغلى مونديال في التاريخ

واعتبر الصحافي بوكالة المغرب العربي للأنباء، طارق مومن، أن منح قطر شرف استضافة مونديال 2022 كان حدثًا استثنائيًا بكل المقاييس، إذ أصبحت أول دولة عربية تنظم هذه البطولة العالمية، وهو ما شكل نقطة تحول في تاريخ كرة القدم.

وأوضح طارق مومن في اصريح لجريدة “مدار21″، أن قطر منذ حصولها على حق الاستضافة، استثمرت نحو 300 مليار دولار لضمان تنظيم نسخة استثنائية، مما جعلها الأغلى في تاريخ كأس العالم منذ انطلاق البطولة عام 1930.

وتابع مومن أن هذا الاستثمار الضخم لم يكن فقط لضمان نجاح البطولة، بل كان جزءًا من رؤية قطر الطموحة لتحديث بنيتها التحتية وتعزيز مكانتها على الساحة الدولية.

وأبرز الصحافي بوكالة “لاماب” أن الشكوك التي راودت البعض حول قدرة الدولة الخليجية على إنجاز المشاريع الكبرى في الوقت المحدد تبددت تمامًا بعد أن تمكنت قطر من إتمام كافة الإنشاءات الخاصة بالملاعب قبل عام كامل من انطلاق البطولة، مؤكدا أن هذه الملاعب خضعت لاختبارات عملية خلال بطولة كأس العرب 2021.

المونديال.. رافعة لتطوير البنية التحتية

وأكد المتحدث ذاته أن مونديال قطر لم يكن مجرد حدث رياضي، بل كان محركًا أساسيًا لتطوير البنية التحتية في البلاد.

كما أوضح أن استثمارات قطر في البنية التحتية خلال العقد الماضي بلغت نحو 230 مليار دولار، وهو رقم ضخم مقارنة بالهدف الأساسي، وهو استضافة البطولة.

لكن ذلك لم يمنع طارق مومن من ذكر أن معظم هذه الاستثمارات كانت جزءًا من “رؤية قطر الوطنية 2030”، التي تتجاوز كأس العالم وتهدف إلى تحقيق تنمية مستدامة تستفيد منها الأجيال القادمة.

وفيما يتعلق بتأثير هذه الاستثمارات على مستقبل البلاد، أشار مومن إلى أن قطر اعتمدت نهجًا استراتيجيًا في تطوير بنيتها التحتية، إذ ستظل هذه المشاريع قائمة بعد انتهاء البطولة، مما يضمن تحسين مستوى معيشة السكان ودعم الاقتصاد المحلي.

ولفت إلى أن هذه المشاريع تندرج ضمن رؤية الحكومة القطرية الرامية إلى تقليل الاعتماد على إيرادات النفط والغاز، وتوسيع قاعدة الاقتصاد الوطني ليشمل قطاعات جديدة مثل السياحة والخدمات والتكنولوجيا.

نقلة نوعية في قطاع النقل والمواصلات

كما تطرق مومن إلى التحولات الكبيرة التي شهدها قطاع النقل والمواصلات في قطر بفضل استضافة المونديال، مشيرًا إلى أن الحكومة القطرية استثمرت بشكل مكثف في تطوير شبكة المواصلات العامة.

وأوضح أن من بين أبرز المشاريع التي تم تنفيذها كان “مترو الدوحة”، الذي أصبح وسيلة نقل حديثة وفعالة داخل العاصمة، إلى جانب إنشاء مسارات جديدة للحافلات وتطوير أنظمة “الترام” في مدن مثل لوسيل والمدينة التعليمية.

وأضاف الصحافي عينه أن هذه المشاريع لم تسهم فقط في تحسين تجربة المشجعين خلال البطولة، بل ستظل ركيزة أساسية لتخفيف الضغط على الطرقات وتحسين جودة الحياة في البلاد.

تنويع الاقتصاد وتعزيز السياحة

وبخصوص التأثير الاقتصادي لمونديال 2022، يرى مومن أن البطولة كانت خطوة مهمة في استراتيجية قطر لتنويع اقتصادها بعيدًا عن قطاع الطاقة، الذي يتسم بتقلباته السريعة.

كما أكد “أن الدولة تسعى إلى أن تصبح مركزًا عالميًا للتجارة والسياحة، مستفيدة من البنية التحتية المتطورة التي تم إنجازها خلال فترة التحضير للمونديال، بما في ذلك المطار الجديد والفنادق والمراكز التجارية” على حد تعبيره.

وفيما يتعلق بالإشعاع السياحي، أشار الصحافي المغربي إلى أن تنظيم كأس العالم عزز مكانة قطر كوجهة سياحية دولية، إذ حققت البلاد إيرادات تتراوح بين 2.3 مليار و4.1 مليارات دولار من الإنفاق السياحي وحقوق البث، ما يعادل ما بين 0.7% و1% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2022.

ولفت إلى أن هذا الزخم سيساعد في ترسيخ موقع قطر كوجهة سياحية رائدة في المستقبل، ضمن إطار استراتيجيتها لتنويع مصادر الدخل القومي.

مونديال الأرقام القياسية والعائدات الضخمة

كما أورد مومن أن مونديال قطر 2022 سجل أعلى عائد مالي في تاريخ بطولات كأس العالم، إذ بلغت العوائد المالية للبطولة نحو 17 مليار دولار، فيما وصلت إيرادات الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” إلى 7.5 مليارات دولار خلال السنوات الأربع الماضية.

وذكر أن هذه الأرقام تعكس النجاح الاقتصادي الكبير للبطولة، التي تجاوزت كل التوقعات من حيث الإيرادات والتأثير الاقتصادي المباشر وغير المباشر.

وفي ختام حديثه، شدد طارق مومن على أن قطر لم تنظم فقط بطولة عالمية ناجحة، بل وضعت نموذجًا جديدًا لاستغلال الأحداث الرياضية الكبرى في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، مما يجعلها نموذجًا يُحتذى به للدول التي تسعى لاستضافة فعاليات كبرى في المستقبل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News