سقوط طفلة بركان يسائل النموذج التدبيري الترابي بالمغرب

اعتبر أستاذ القانون الإداري، رضوان اعميمي، أن حادث سقوط الطفلة يسرى ببالوعة ببركان، يدق ناقوس الخطر ويسائل مرة أخرى النموذج التدبيري الترابي ككل وما يرتبط به من نخب محلية ومنتخبة، بعد أزيد من 65 سنة من “التراكم”، وكذا يساءل منظومة المراقبة والتتبع التي تتولاها جهات عديدة بإمكانيات كبيرة.
وقال اعميمي إن فتح تحقيق من طرف النيابة العامة، “خطوة في الاتجاه الصحيح نحو فصل المسؤولية الشخصية عن خلطها بمسؤولية المرفق العمومي، فالأمر يتعلق بضرر بالغ مقابل تصرف متهور لا يندرج ضمن فكرة الخطأ أو المخاطر التي لا يمكن لميزانية الجماعة تغطيتها”.
واعتبر أستاذ القانون بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن حادث وفاة طفلة بركان في بالوعة ليس حادثا عاديا ولو أنه يتكرر منذ مدة طويلة إلا أنه لا يؤدي حتما للوفاة؛ لأنه أدى لإزهاق روح بريئة لسبب لا يمكن قبوله في مغرب الأوراش الكبرى والحماية الاجتماعية والاستعداد للمونديال.
وسجل أستاذ القانون الإداري أنه طالما تعرض مواطنون لأمثال هذا الحادث دون أن ننتبه لخطورته التي قد تؤدي لإزهاق الأرواح؛ مشيرا إلى أنه تترتب عليه مسؤولية الجماعة عن التعويض من الناحية القانونية بسبب التقصير في أداء الوظيفة الإدارية كما استقرت على ذلك المحاكم الإدارية منذ مدة طويلة.
لكن بالمقابل، تساءل الأستاذ الجامعي رضوان أعميمي عن “ماذا” ستعوض هذه المسؤولية التقنية ومن أموال من ستعوض، مبرزا أنها حتما لن تعوض قيمة الروح التي ذهبت ضحية تهاون واستهتار وضعف أداء الجماعة الترابية.
كما تساءل عما إذا كان سيتم تغطية المئات إن لم تكن الآلاف من المخاطر المماثلة وغير المماثلة المنتشرة على صعيد 1503 جماعات منتخبة لتقديم الخدمات وتجويدها عوض الاستمرار في الهدر الزمني والمالي والتدبيري.
كما طرح سؤالا آخر عما إذ كان التعويض سيكون عن التقصير في أداء الوظيفة كما يتم وصفه بالمحاكم الإدارية أم على جريمة متكاملة الأركان يتعين فصلها عن العمل الإداري لكي تحاسب الشخص أو الأشخاص المسؤولين عليها مباشرة دون إلصاقها تعسفا بالمرفق العمومي، ولكي تشكل قطيعة مع عبثية في التدبير الترابي قد تتفاقم أكثر فأكثر.
كما تساءل عن مصدر الأموال التي يجب التعويض منها، هل هي من ميزانية الدولة؟ أم من ميزانية الجماعة؟ أم أنه ليس هناك فرق إلا إذا حشرنا أنفسنا في الزاوية القانونية والتقنية الضيقة التي لن تستطيع الردع ولا الوقاية، طالما أننا أمام أموال عمومية تعوض عن أفعال بشرية متهورة جرمية وقاتلة، عوض أن توظف في تنمية هذه الجماعات وتحسين خدماتها ومرافقها”.