رأي

المغرب – سوريا إلى أين؟

المغرب – سوريا إلى أين؟

لا اختلاف أن النظام السوري المخلوع كان نظاماً طائفياً، وبدل أن يكون نظاماً “اشتراكياً” حوَّلَ سوريا إلى دولة بوليسية، قمعية، يحكمها العسكر بالحديد والنار، وهو ما أدى وساهم في انهياره السريع وبالشكل الذي تابعناه على القنوات التلفزية، طبعاً لن ننسى العامل الخارجي خاصة الاقليمي، الدور التركي والقطري في إسناد “قوات” الشرع وجبهة النصرة للدخول لسوريا في الليلة الموعودة.

إنهار النظام وجاء نظام جديد، رحل نظام طائفي شيعي وجاء نظام كان يُفترض فيه أن يُسقط الطائفية وينفتح على قوى المعارضة السورية الديموقراطية والعلمانية والمدنية التي كانت أيام بشار الأسد تتحرك ونالت نصيبها من القمع والاضطهاد…و إذا بكل المؤشرات تعيد إلى الأذهان نموذج حكم دولة دينية يتحكم في مخالبها بقايا تنظيمات دينية خاصة منها المسلحة التي كانت تعارض بشأن الأسد بالسلاح، هذا النموذج كان يمكن تجاوزه والقبول به كنموذج لدولة دينية معتدلة، بديلة عن دولة طالبان أو على الأقل قريبة من النموذج التركي، لكن ما يحدث اليوم سوريا من تزكية للحرب الطائفية من خلال المشاهد التي يتم نقلها على مواقع التواصل الإجتماعي لفيديوهات تتهم جماعات مسلحة من بقايا جبهة النصرة وغيرها تتحرك في الساحل السوري وفي المناطق ذات الأغلبية الدرزية والعلوية/الشيعية ترتكب جرائم قتل في حق المدنيين، وتطارد السوريين ممن ينتمون لهذه الطوائف الدينية في مشاهد أقل ما يُقال عنها أنها توثق لجرائم ضد الإنسانية، وارتكاب إعدامات خارج القانون وغيرها من الجرائم التي يعاقب عليها القانون الدولي…أضف لها عمليات نزوح جماعي المدنيين من المناطق التي باتت اليوم مهددة.

سوريا تتجه نحو حرب طائفية خطيرة، في عدم قدرة النظام الجديد على بناء سوريا ديموقراطية بمؤسسات مدنية حقيقية يجتمع حولها كل السوريين من مختلف الطوائف المشكلة للنسيج المجتمعي السوري من سنيين، علويين، درزيين، علمانيين… وغيره، هذا المسار الذي تتجه نحو سوريا يجب أن يثير الإنتباه إلى كون المنطقة لم تخرج بعد من منطق ما سمي “بالربيع العربي” الذي عشناه قبل عقد من الزمن، وهو منطق كان يريد حمل التيارات الدينية بالمنطقة نحو الحكم ويبدو أن هناك من يريد العودة لهذا المشروع من البوابة السورية!!

المغرب كان قد قطع علاقته بالنظام السوري السابق بسبب القضية الوطنية ودعم نظام بشار الأسد لمليشيات البوليساريو، وعندما كانت في الأيام الأخيرة لذاك النظام  العديد من الدول العربية تطبع معه العلاقة ظل المغرب مخافظاً على مسافة حقيقة من كل ذلك المسار، وانتهى الأمر بسقوط بنظام البعث السوري وفرار بشار الأسد خارج سوريا، اليوم النظام الجديد هو نظام غير واضح في شكل الدولة السورية التي يريد بناءها، إعلامياً يتحدث الشرع عن دولة “المؤسسات” و”الحوار الوطني” لكن في الواقع خاصة مع ما حدث من تطورات في نهاية الأسبوع الجاري تشير الوقائع إلى أن التنظيمات المسلحة الموالية للنظام الجديد ترتكب جرائم ضد الإنسانية وتعيد نفس سيناريو النظام البائد من انتهاكات حقوقية جسيمة وخطيرة…خلَّفَت ضحايا من المدنيين وسقط على إثرها الكثير منهم، لهذا لا يمكن للمغرب أن يُطبع علاقته مع نظام للأسف يجر بلاده نحو الحرب الأهلية ويدفع بمليشياته إلى ارتكاب جرائم خطيرة تحتاج للتحقيق ومحاكمة مرتكبيها!!!

المغرب في علاقته الخارجية كان واضحاً، داعماً للإنتقالات الديموقراطية وللإستقرار لعب هذا الدور في تونس مباشرة بعد سقوط نظام بن علي بحيث استفادت تونس من التجربة المغربية في مجال العدالة الانتقالية التي صدَّرها المغرب للعهد الجديد بتونس…

كما أنه يلعب دوراً كبيراً في ليبيا للوساطة بين مختلف مكوناتها، وساند الشرعية وبناء المؤسسات الليبية وقدم مبادرة الصخيرات التي تبناها الأمم المتحدة…

في سوريا المغرب عليه المضي قدماً في علاقته بالنظام الجديد بخطوات حذرة، هادئة لا تسابق الزمن ولا تهرول كما فعل نظام العسكر الجزائري الذي أرسل وزير خارجيته لسوريا، على العكس يجب مراقبة الوضع وتطوراته الداخلية قبل الإقدام على خطوة كبيرة اتجاه النظام الجديد!!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News