“أمطار الخير” تعيد فتح جراح زلزال الحوز

فوائد قوم عند قوم مصائب، فإذا كان المزارعون ونخبة “المغرب الاقتصادي”، عموماً، قد استبشروا بالأمطار الأخيرة، التي جاءت لإنقاذ الموسم الفلاحي وآفاق النمو الاقتصادي، فإن “ساكنة الخيام” من ضحايا زلزال الحوز يجدون أنفسهم في مواجهة خطر داهم وأوضاع مزرية، لم تزد الأمطار طينها إلا بلة.
وما زالت العديد من الأسر المغربية التي فقدت مساكنها إثر الزلزال العنيف الذي ضرب منطقة الحوز منذ حوالي السنة ونصفها، يتخذون من خيام بالية لا تقي من برد ولا أمطار مآوي لهم في ظل غياب البديل. في وضع مأساوي ينذر بالتحول إلى كارثة إنسانية نتيجة السيول والفيضانات المحتملة بفعل التساقطات المطرية الهامة التي تعرفها البلاد خلال هذه الأيام.
وزارت صحيفة “مدار 21” بعضا من هذه الأسر المكلومة بنواحي مراكش، وتحديداً دوار “تيفني”، حيث تتناثر الخيام في وضع يذكر بأحوال لاجئي غزة إثر العدوان الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وبأصوات لا تخفي ما يكتنفها من حزن وخوف وقلق، قال بعض المتضررين لـ”مدار 21″: “حنا مكرفسين” بسبب البرد والأمطار، و”في الواقع نحن نعاني حتى في أوقات الصيف”.
وفي جواب عن سؤال حول الدعم الحكومي، قالت إحدى المتضررات “استفدنا من دعم قدره مليوني سنتيم، ولكنها لا تكفينا في شيء”، وفي علاقة بمسألة تشييد بيوت جديدة أوردت أنه “طُلِب منا العودة إلى الدوّار، ونحن نتساءل كيف نبني في دوّار منكوب ولا يزال مخرباً بالكامل؟”.
ويعاني الضحايا من مشاكل بالكاد ينبته إليها من لم يعايش المأساة عن كثب، فحتى طهو الطعام مثلاً يتم هنا باستخدام الحطب؛ “بسبب تبلل الخشب بمياه الأمطار وتلطخه بالطين، لن نجد وسيلة لطهو ما نسد به رمقنا” تضيف المتحدثة.
وعلى امتداد الطريق المؤدية من عاصمة الجهة، مراكش، صعوداً إلى جبال الحوز، تتناثر قرىً مازالت ندوب الزلزال، على هيئة شروخ عميقة على واجهات البيوت، تتوعدها بالسقوط في أي لحظة، شاهدة على هول ما جرى خلال الزلزال.
ونبتت “قرى” كالفطر من الخيام والأكواخ و”الملاجئ” تأوي المنكوبين، عُرضة لما هو أسوء من الزلزال، فمن الواضح أن الصخور الجبلية قد تهوي على رؤوسهم في أي لحظة، ومن يدري مصيرهم في مواجهة الرياح العاتية أو الأمطار.
وما فتئت “التنسيقية الوطنية لمنكوبي زلزال الحوز”، تخوض وقفات احتجاجية، آخرها بتاريخ 21 أكتوبر من العام الماضي، أمام مقر ولايتي مراكش آسفي وسوس ماسة، بسبب استمرار أوضاع الأسر المنكوبة على ما هي عليه منذ أزيد من عام ونصف، مع إقصاء أكثر من نصف سكان المناطق المنكوبة من الدعم، وفقا للجهة المذكورة.
وتوجه فعاليات مدنية أصابع الاتهام لتعقيد مساطر الاستفادة من الدعم إداريا، ما حرم جزءً كبيراً من المتضررين من فرص إعادة الإعمار ودفعهم للعيش في الخيام.