مقاطعة القمة العربية.. تبون يرمي آخر أوراقه المحروقة ضد المغرب

قرر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الأحد، عدم المشاركة في القمة العربية الطارئة بمصر المقررة غدا الثلاثاء، وكلف وزير الخارجية، أحمد عطاف، لتمثيل الجزائر في أشغالها، وذلك وفق ما أعلنت وكالة الأنباء الجزائرية نقلا عن من مصدر وصفته بالمطلع.
وبرر المصدر نفسه القرار بأنه يأتي “على خلفية الاختلالات والنقائص التي شابت المسار التحضيري لهذه القمة، حيث تم احتكار هذا المسار من قبل مجموعة محدودة وضيقة من الدول العربية التي استأثرت وحدها بإعداد مخرجات القمة المرتقبة بالقاهرة دون أدنى تنسيق مع بقية الدول العربية المعنية كلها بالقضية الفلسطينية”.
ونقلت الوكالة عن المصدر نفسه أن الرئيس الجزائري “حزت في نفسه طريقة العمل هذه، التي تقوم على إشراك دول وإقصاء أخرى، وكأن نصرة القضية الفلسطينية أصبحت اليوم حكرا على البعض دون سواهم”.
وينتظر أن تعقد الجامعة العربية اجتماعا استثنائيا للقمة العربية الثلاثاء في القاهرة، إذ يتوقع أن تعرض فيه مصر خطتها لمستقبل غزة، والتي سبق وأعلن وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي أنه تم الانتهاء منها، مؤكدا أنه “لم يطلع عليها أي أحدا بعد”،بعد قمة مكة التي أعلن عنها مجلس التعاون الخليجي والتي دعا لحضورها كل من المغرب مصر والأردن وسوريا فقط.
عبد العالي سرحان، الباحث في العلوم السياسية، قال إنه في الوقت الذي كان من المفترض أن تكون القمة منصة لرد عربي موحد على اقتراح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول ترحيل الفلسطينيين من غزة، جاء القرار الجزائري ليزيد من تعقيد الوضع السياسي الإقليمي.
ولفت سرحان في تصريح لجريدة “مدار21” الإلكترونية، أنه ورغم أن هناك بعض الروايات التي تشير إلى احتكار بعض الدول العربية لإعداد مخرجات القمة، إلا أن السبب الحقيقي لغياب الرئيس الجزائري يتعلق بشكل أكبر بالعلاقات المتوترة مع المغرب، خاصة في ظل التقارب المتزايد بين دول الخليج والمغرب في قضايا إقليمية ودولية.
واسترسل موضحا “رغم التصريحات الرسمية الجزائرية التي تؤكد أن غياب الرئيس تبون عن القمة ناتج عن موقف داخلي متعلق باحتكار بعض الدول العربية لإعداد القرارات، فإن الواقع يظهر أن المسألة أكبر من ذلك بكثير. العلاقة بين الجزائر والمغرب قد تكون العامل الأساسي وراء هذا القرار، إذ إن الجزائر كانت وما تزال تعتبر أن أي تقارب بين دول الخليج والمغرب يمكن أن يكون على حساب مصالحها السياسية والإقليمية”.
وأبرز الباحث في العلوم السياسية، في تصريحه للجريدة، أن الرئيس الجزائري قرر بمقاطعته للقمة العربية أن يعبر عن استيائه من التحالفات الإقليمية الجديدة التي تزداد وضوحا، والتي تساهم في تعزيز موقف المغرب على حساب الجزائر في القضايا الإقليمية والدولية.
من زاوية أخرى، سجل المتحدث أنه يمكن اعتبار هذا القرار بمثابة نقل لعداء الجزائر تجاه بعض الدول الأوروبية، وأبرزها فرنسا وإسبانيا إلى الساحة العربية، موضحا “فالجزائر قد دأبت على توجيه انتقادات لاذعة للغرب، خاصة في ما يتعلق بمواقفهم اتجاه المغرب”.
كما اعتبر أن قرار غياب الرئيس الجزائري عن قمة الجامعة العربية يمكن أن يراه البعض تعبيرا عن سياسة أكثر انغلاقا، والتي قد تؤدي إلى توتر أكبر بين الجزائر والدول العربية الأخرى، خصوصا في الوقت الذي يحتاج فيه العالم العربي إلى الوحدة لمواجهة التحديات الكبرى في المنطقة.
وخلص سرحان إلى أن هذا القرار سيزيد من عزلة الجزائر على الساحة العربية والدولية، “هذا الموقف يعكس ضعف القيادة الجزائرية الحالية وفشلها في بناء تحالفات استراتيجية مع الدول العربية الكبرى. فبدلا من تعزيز مكانتها داخل العالم العربي، قد يؤدي هذا القرار إلى عواقب سلبية على صورة الجزائر في المنطقة، فضلاً عن تعزيز الانقسامات داخل جامعة الدول العربية”.