مجتمع

خبراء: الغلاء والتمثلات الاجتماعية السلبية وراء تشاؤم المغاربة حول الوضع المعيشي

خبراء: الغلاء والتمثلات الاجتماعية السلبية وراء تشاؤم المغاربة حول الوضع المعيشي

“حالة من التدهور والتشاؤم” تلك التي رسمتها أرقام المندوبية السامية للتخطيط حول مستوى معيشة الأسر المغربية خلال الـ12 شهرا السابقة بتصريح 57.9 بالمئة من الأسر أن مستوى معيشتها تدهور خلال السنة الماضية مقابل إقرار 7.7 بالمئة فقط بتحسنها، ما يجدد فتح النقاش حول عوامل تراجع مستوى معيشة عدد كبير من الأسر المغربية خلال الفترة الأخيرة.

معطيات المندوبية، تظهر، حسب الخبير الاقتصادي، محمد جدري، انعدام ثقة الأسر في الوضعية الاقتصادية الراهنة، مُشيرا إلى أنه رغم تحسن مؤشرات الثقة لدى الأسر بنقطة واحدة مقارنة بالسنة الماضية لاتزال تظهر جليا حالة التشاؤم السائدة بين الأسر المغربية حول مستوى معيشتها.

وأضاف المتحدث، في تصريح لجريدة “مدار21” الإلكترونية، أن النظرة التشاؤمية للأسر المغربية للوضعية الاقتصادية تعود أساسا إلى تضرر قدرتها الشرائية وعدم قدرتها على الادخار، مبيناً أن “نسبة مهمة من الأسر تتوقع استمرار ارتفاع أثمنة المواد الغذائية بحكم أنه، وبحسب ما جاء في المذكرة، فإن نسبة 2 بالمئة فقط هي التي استطاعت الادخار وهي نسبة ضعيفة جداً”.

وذَكَّر جدري أنه من بين خمسة مؤشرات شملت جودة الخدمات الصحية، والإدارية، والتعليمية، إضافة إلى وضعية حقوق الإنسان والبيئة، كانت الخدمات الإدارية هي الوحيدة التي سجلت تحسنًا ملموسًا في نظر الأسر.

من جانبه، يرى فؤاد ابن المير، الباحث في علم الاجتماع، أن التشاؤم السائد بين الأسر المغربية حول الوضعية الاقتصادية يُعزى إلى الفجوة المتزايدة بين التوقعات والواقع المعيشي، مشيرا إلى أن “الأسر تواجه ضغوطًا اقتصادية خانقة نتيجة مجموعة من العوامل الذاتية والموضوعية”.

وتابع الباحث في علم الاجتماع، في تصريح للجريدة، أن “أبرز ما يواجهه المغاربة اليوم هو الأزمة الاقتصادية الممتدة منذ عام 2008 والتي تفاقمت حدتها مع جائحة كوفيد-19″، مضيفا أن “هذه الأزمات أدت إلى ارتفاع تكاليف الحياة اليومية، خاصة في ظل غياب حماية اجتماعية كافية، مما عزز الإحساس الجماعي بعدم الاستقرار”.

وأكد المتحدث ذاته أن “الخطابات المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي تفتقر في كثير من الأحيان إلى الدقة والمصداقية وتساهم في تعميق الفجوة بين المواطنين والجهات الحكومية وتعزيز مشاعر الإحباط”، مبرزاً أنه “غالبًا ما تكون هذه الخطابات مدفوعة بأجندات سياسية ما يزيد من تأثيرها السلبي”.

ولم ينف السوسيولوجي ذاته “أثر صدمات الأزمات السابقة على الذاكرة الجمعية للمغاربة”، موضحاً أنها “تلعب دورًا كبيرًا في ترسيخ التمثلات الاجتماعية التشاؤمية التي تعتبر المستقبل امتدادًا لأزمات الماضي والحاضر، ما يولد حالة من الانغلاق الفكري إزاء آفاق مستقبلية أفضل”.

وأضاف المتحدث أن العدوى الاجتماعية تشكل عاملاً آخر في انتشار هذه النظرة السلبية، مبيناً أن “منشورات مواقع التواصل الاجتماعي تعزز هذه العدوى إلى جانب ضعف قيم التضامن وتزايد الفردانية داخل المجتمع”، مبرزاً أن “النظرة التشاؤمية الحالية ليست نتاج الأوضاع الاقتصادية فقط بل تعكس أزمة اجتماعية عميقة يجب أن تُؤخذ بعين الاعتبار”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News