إضراب الأطباء يثير مخاوف تهديد حق الاستشفاء ومطالب للحكومة بتحمل مسؤوليتها

في الوقت الذي يستعد فيه أطباء القطاع العام لشل المستشفيات العمومية، ابتداءً من اليوم الثلاثاء وللأسبوع الثاني تواليا، في مواجهة “تماطل” الحكومة في الاستجابة لمطالبهم، رفضت أصوات حقوقية ضياع حق المواطنين في الاستشفاء والعلاج بسبب “صراع الحكومة والأطباء”.
وستكون مستشفيات المملكة، انطلاقاً من اليوم، شبه فارغة بسبب استمرار الأطباء في خوض الإضراب الوطني الذي سطرته النقابة المستقلة لأطباء القطاع العام، لعدم اقتناعهم بـ”التعديل الذي طرأ على مشروع قانون المالية لسنة 2025″.
وتتشبت النقابة المستقلة لأطباء القطاع العام، وفق بيان دعوتها للإضراب، بـ”مناصب مالية مركزية و بأجور من فصل نفقات الموظفين للميزانية العامة و بصفة موظف عمومي كامل الحقوق مع القيام بأي تعديلات ضرورية للقانونين 08.22 و 09.22″، مطالبةً الحكومة بـ”احترام التزاماتها و التراجع عن مشاريع القوانين و كذا القرارات التي حملها قانون المالية”.
عبد الإله الخضري، رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان، قال إن “هذا الواقع غير مقبول بغض النظر عن المُحقُّ من المخطئ”، مبرزاً أن “اضطراب القطاع الصحي مرتبط بشكل مباشر بالحق في الصحة والاستفادة من الخدمات الاستشفائية وقد يكون مرتبطا بالحق في الحياة في بعض الحالات”.
وخاطب المتحدث ذاته، في تصريح لجريدة “مدار21” الإلكترونية، الأطباء بالقول إنه “على الرغم من كل المبررات التي يمكن أن تؤدي إلى تصعيد الاحتجاجات إلا أنه لابد من مراعاة حقوق المواطنين الصحية”، مشددا على أن “هذا لا ينزع المسؤولية عن الحكومة ولا يجرد الأطباء من سلاح الإضراب”.
وأشار الخضري إلى أن “ممارسة الحق في الإضراب في هذه الحالة قد يمس حق شريحة واسعة من المواطنين الذين هم في حاجة إلى الرعاية الصحية، خاصة عندما تطول مدة هذا الإضراب”، مؤكدا أنه “من الممكن اللجوء إلى أساليب أخرى للاحتجاج والضغط على الحكومة”.
ولم يتفق الفاعل الحقوقي مع “محاولة استغلال الحكومة لهذا المعطى المرتبط بحساسية قطاع الطب من أجل التماطل في الاستجابة لمطالب الأطباء الذين هم أعمدة أي إصلاح للمنظومة الصحية”، مستنكرا “اعتياد الحكومة على إدارة ظهرها لكل الحراكات الاحتجاجية والتفاعل معها إلا عندما تصل إلى مستويات احتقان كبيرة”.
وسجل الحقوقي نفسه أن “المنظومة الصحية المغربية ضعيفة في الأصل ولا تتوفر على الموارد الأساسية لتغطية حاجيات المواطنين المتزايدة للعلاج، فما بالك بحالها عندما ينضاف إلى ذلك إضراب الأطر الطبية؟”.
ودعا رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان إلى التسريع باستعادة الثقة بين الحكومة وشغيلة القطاعات الاجتماعية والحساسة، مشددا على أن “المواطن يجد نفسه بين مطرقة الإهمال والتماطل الحكومي من الاستجابة لمطالب الأطباء وبين سندان الإضراب وشلل المستشفيات العمومية”.
وذكَّر المصدر ذاته بـ”الحراكات التي سبقت في عدد من القطاعات المهمة وعلى رأسها شلل مرفق القضاء بسبب خلافه مع موظفي كتابة الضبط والمحامين وقبل ذلك توقف الدراسة لقرابة سنة بكليات الطب وغيرها من الاحتقانات التي عطلت خدمات المواطنين”.
ومحاولا تجسيد حجم الضرر الذي يمكن أن يسببه إضراب الأطباء، لفت المتحدث ذاته إلى أنه “مخطئ من يعتقد بأن هذا الاحتجاج لن يتسبب في حالات وفاة داخل المستشفيات العمومية أو تضاعف الحالة الصحية لعدد من المرضى الذين هم في حاجة إلى الرعاية الصحية”.
وأمام هذا الوضع المضطرب، بَيَّن الفاعل الحقوقي أنه “على الحكومة أن تتحمل مسؤوليتها السياسية والأخلاقية أمام ضياع حق المواطن في الصحة في وقت ترفع فيه شعارات التغطية الصحية والدولة الاجتماعية”.