فن

“كوكتيل المثلية” يُحوّل مهرجان مراكش إلى منصة لترويج الشذوذ الجنسي

“كوكتيل المثلية” يُحوّل مهرجان مراكش إلى منصة لترويج الشذوذ الجنسي

أطفأ المهرجان الدولي للفيلم بمراكش شمعته على دورته الـ21 يوم السبت الماضي، غير أن نيران جدل تسويقه للمثلية الجنسية لم تخمد بعد، مع استمرار تقاطر الاتهامات على إدارته بالتطبيع مع الشذوذ الجنسي والعمل على نشر أفكاره في المغرب بتسهيل وصول أفلام حوله ومنح تأشيرة التعبير عنه لمخرجين ينتمون إلى هذه الأقلية “المرفوضة في المجتمع”.

ولم يبقَ النقاش حبيس مواقع التواصل الاجتماعي بين رواده من المنتقدين لهذا التوجه الجديد لإدارة المهرجان، بل دخل رجال السياسة على الخط، إذ شن الأمين العام لحزب العدالة والتنمية حرب كلام عليها في نهاية الأسبوع خلال مؤتمر للحزب، متهما إياها بتمجيد المثلية علانية وتقديم مخرج مثلي الجنس للجمهور من أجل المجاهرة بميولاته.

انتقل هذا النقاش إلى فضاء البرلمان اليوم الإثنين، بمساءلة برلمانية عن الحزب ذاته وزير الثقافة، محمد المهدي بنسعيد، عن سماحه بتمرير هذه الرسائل في مهرجان يحمل طابعا دوليا، ويمثل المغرب فنيا، من موقعه كوزير مسؤول عن القطاع، غير أنه فضل الهروب وعدم الجواب بشكل مباشر عبر تشبثه في خيط رفيع يؤكد فيه عدم تمويله هذه الأفلام، التي دخلت شاشات المغرب بإنتاج أجنبي يسعى إلى ترسيخ أفكاره التي تتعارض مع أخلاق المجتمع، وفق منتقدي هذا الاستعمار الثقافي الذي يتوغل بتوفير أموال هذه المشاريع الفنية المروجة للمثلية.

السينما في خدمة المثلية!

جرّت إدارة المهرجان الدولي للفيلم بمراكش على نفسها انتقادات لاذعة هذه الدورة بسبب ما اعتبره البعض انخراطا في مشروع التسويق للمثلية الجنسية فنيا، الذي شكل قضية محورية في الدورة الـ21.

ويتضح جليا تطبيع المهرجان الدولي للفيلم بمراكش من خلال الأفلام المختارة، وباقة من المخرجين الذين يشهرون مثليتهم علانية، علاوة على التطريق إليها في أفلامهم الموجهة لجمهور الشاشات الكبرى، وفق منتقدي هذا التوجه الذي أضحى “موضة” عالمية.

لم يأت هذا التمجيد دفعة واحدة بل سبق للمهرجان أن عرض مجموعة من الأفلام التي تتطرق إلى “المثلية الجنسية” في دورات سابقة؛ كما “القفطان الأزرق” لمريم التوزاني الذي بدوره عرض مشاهد حميمية لرجل متزوج يقع في حب شاب وسيم يعمل لديه في محل للخياطة، ويحظى بمباركة زوجته لهذه العلاقة.

“ميلك” يفتتح “الصدمة”

انطلق الجدل مع المثلية الجنسية في مهرجان مراكش مع فيلم أمريكي “ميلك” للمخرج “شون بين” الذي شهد اعتراض مغاربة حضروا لمشاهدته، انسحبوا فور بث مشاهد تجمع رجلين في وضعية حميمية احتجاجا على إدارة المهرجان التي سمحت بهذا العرض محتفلة بالممثل والمخرج “شون بين” على مساره الفني.

وفي خضم هذا الجدل الذي أعقب عرض فيلم “ميلك” الأمريكي، ووصل صداه إلى مواقع التواصل الاجتماعي، عرضت إدراة المهرجان فيلم “البحر البعيد” الذي وضع في منتصف حلم هجرة شاب مغربي إلى أوروبا، إغراءات شرطي مثلي الجنس يحاول سحبه إلى عالمه.

ويظهر كريطع (نور) في منتصف الفيلم، محاولا قمع رغبة شرطي فرنسي (سيرج) يرغب في سحبه نحو ميولاته الجنسية الشاذة، في مقابل إقامته علاقات متعددة مع العديد من الفتيات.

وفي الفيلم، تأخذ الحانات والملاهي الليلة الكثير من المساحة، لرصد جانب من العلاقات الجنسية المثلية، خاصة وأنها تشكل فضاء خاصا برجال يمارسون الشذوذ الجنسي.

لن يتخلص نور من الشرطي الذي يميل إلى إقامة علاقات مع جنسه، بسهولة، إذ سيجد نفسه في سلسلة مواقف تعقد سير حياته.

ولا يخلو فيلم “البحر البعيد” من اللقطات الحميمية التي تجمع نور مع الفتيات، ولقطات أخرى للشرطي مع أشخاص لديهم ميولات جنسية غير طبيعية.

ويخصص الفيلم مساحة للحب والعلاقات الغرامية، الذي سينتصر في نهاية الفيلم بزواج نور من زوجة الشرطي الفرنسي الشاذ جنسيا بحسب ما يرصده الفيلم.

الطايع يجاهر بمثليته

وألصقت تهمة “التسويق للمثلية الجنسية” لإدارة المهرجان، بعد استقبالها للمخرج عبد الله الطايع الذي أشهر علانية مثليته الجنسية في قاعة السفراء بقصر المؤتمرات للإعلان عن ميولاته من قلب المهرجان، وعرض فيلمه “كابونيكرو” الذي يعبر فيه عن جانب من حياة المثليين.

وقبل هذا العرض، صعد فريق العمل إلى جانب مخرجه الذي اعترف من قلب مهرجان مراكش بمثليته الجنسية، معربا عن سعادته للتعبير عنها في فيلمه السينمائي، مشيرا إلى أنه كرس فنه للتعبير عن هذه الفئة التي ينتمي إليها، والدفاع عن ميولاتها، خاصة وأنه عانى في طفولته وشبابه من الوحدة وعدم الاحتضان والحب، بسبب عدم تقبل اختلافه.

ولم يكن الطايع، المخرج الوحيد الذي يدافع علانية عن المثلية الجنسية في أفكاره السينمائية أو ينتمي إلى هذه الفئة المرفوضة في المجتمع، إذ إن المخرجة سميرة الموزغيباتي، التي تشهر علانية شعار المثلية في حساباتها، وتدعم هذه الأقلية، شاركت أيضا في قسم بانوراما السينما المغربية، بفيلمها الوثائقي “أمك”.

ولا تعد سميرة أيضا وحدها من تربطها علاقة بالمثلية الجنسية، إنما شارك المخرج كاران جوهر، في قسم سينما الجمهور الناشئ والأسرة، بفيلم “أحيانا السعادة وأحيانا الحزن”، الذي يدافع بشدة عن المثلية الجنسية، وكان من بين المطالبين برفع التجريم عنها، والسماح بزواج هذه الفئة مع بعضها البعض، وطالته العديد من الشائعات حول ميولاته وعلاقته بصديق مقرب منه.

رؤى مختلفة لمعاناة متعددة

في المقابل تمكنت إدارة المهرجان الدولي للفيلم بمراكش نقل رؤى مجموعة من المخرجين السينمائيين من مختلف الدول حول ما يشهده العالم من أزمات اجتماعية وسياسية واقتصادية، ومجتمعية.

المخرجة التونسية هند المدب جاءت بمعاناة الشباب السوداني خلال الحراك الشعبي، في فيلمها “سودان يا غالي” إلى مهرجان مراكش، على غرار ما يحدث أيضا في أوكرانيا، من خلال فيلم لداميان كوكور “تحت البركان”، والصومال عبر فيلم “القرية المجاورة للجنة” للمخرج مو هاراوي، في الوقت الذي قدم فيلم “تأتي دائما في الليل”، لغابرييل برادي صورة عن عواقب التغيرات المناخية في منغوليا.

وكان لمعاناة النساء نصيب في برمجة المهرجان، في أفلام “ملزمة في السماء” الذي يحكي عن نساء قويات عندما يتناولان قضية العنف الأسري في الصين للمخرج هيو شين، والنضال الباسل للعمال البورميين في فيلم “ما، صرخة الصمت” للمخرج تي ماو نيانغ.

وغاص محمد حمدي ودانيا ريموند-بوغنو في تاريخ بلادهما، مصر من خلال فيلم “معطر بالنعناع”، والجزائر بفيلم “العواصف”، وفي تركيا تطرق مراد فرات أوغلو، في فيلمه “أحد تلك الأيام مات فيها هيمي”، إلى قصة رجل مصمم على عدم الاستسلام للظلم.

وتناول المخرج إسكندر قطبي الذي حصل على النجمة الذهبية في المهرجان، الجوانب المسكوت عنها في مؤسسة الأسرة من أجل الكشف عن مجموعة من الحقائق المجتمعية، لما تعيشه عائلة فلسطينية من حيفا في فيلم “ينعاد عليكو”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News