أزمة الوصول للمدارس بالعالم القروي تُجدِّد نقاش الولوج العادل للتعليم العمومي

أعاد وقوف نتائج استطلاع للمرصد الوطني لحقوق الطفل ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونسيف” على تخوف قرابة 40 في المئة من المستجوبين من تحدي وصول الأطفال إلى المدرسة في العالم القروي نقاش تحقيق الولوج العادل والمنصف للتلاميذ إلى التعليم العمومي.
وفي رد المستجوبين على سؤال التحديات الثلاثة الرئيسية التي تواجه الأطفال، حسب نتائج الاستطلاع التي اطلعت عليها جريدة “مدار21” الإلكترونية، تَصدَّر تحدي الوصول إلى المدرسة في المناطق القروية قائمة هذه الصعوبات بتسجيلها نسبة 39.4 في المئة من مجموع الأجوبة.
وفي تفاصيل هذه النسبة، أورد عرض نتائج استطلاع الرأي حول تصورات الأطفال لحقوق الطفل أن قرابة 48 في المئة من المستجوبين الذين سلطوا الضوء على إشكالية الوصول إلى التعليم في العالم القروي ينتمون إلى المجال القروي في حين استقرت هذه النسبة في 34.8 في المئة من المستجوبين في المجال الحضري.
خالد الصمدي، خبير في مجال التربية والتعليم وكاتب دولة سابق مكلف بالتعليم العالي والبحث العلمي قال إن “إقرار قرابة نصف المستجوبين بأن التحدي الكبير الذي يواجه الأطفال هو الوصول إلى المدرسة في العالم القروي يحثنا على البحث عن الأسباب الرئيسية التي جعلت الأطفال يولون أهمية كبرى بهذه القضية الجوهرية”.
وأمام هذه النسب المقلقة بخصوص الولوج إلى المدرسة العمومية في الوسط القروي، استحضر الخبير التربوي، في تصريح لجريدة “مدار21” الإلكترونية، “أهمية الولوج العادل والمنصف إلى المدرسة”، موردا أن “هذا شعار كبير جدا من شعارات الرؤية الاستراتيجية 2015/2030 التي تحولت إلى قانون إطار ملزم لجميع الحكومات المتعاقبة”.
واعتبر الصمدي أنه “بعد صدور هذا القانون تم بذل مجهودات كبيرة جدا من أجل تحقيق هذا الهدف”، مسجلاً أن “الإشكال الرئيسي، في تقديري، سبق أن نبه إليه المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي والمعلق بعدم خلق التراكم والاستمرارية في السياسات العمومية في مجال التربية والتعليم”.
وأورد المصرح ذاته أن “حل هذه الإشكالية يرتبط أساساً بالعناية بالتعليم في العالم القروي من خلال البنيات والتجهيزات التحتية الضرورية وضمان النقل المدرسي وبرامج الدعم الاجتماعي”، مؤكداً أنه “لاحظنا في الحكومة الحالية إيقاف برامج الدعم الاجتماعي مثل برنامج تيسير وبرنامج مليون محفظة”.
وأشار الوزير السابق إلى أن “مثل هذه الأمور ستؤثر بشكل كبير جداً على تحقيق الولوج العادل والمنصف للتلاميذ إلى المدرسة على المدى المتوسط والبعيد”، مؤكداً أن “هذه الأزمة طبيعي أن تتزايد في العالم القروي الذي يعاني فيه الأطفال من صعوبات كبيرة جدا في الحصول على العدة التربوية بالإضافة إلى إشكالية التنقل إلى المدرسة في ظروف جيدة وآمنة ومحترمة”.
وبيَّن الصمدي أن “رفع يد الحكومة على مثل هذه البرامج الاجتماعية طبيعي أن يخلق قلقا لدى المجتمع ويرفع منسوب التخوف من عدم الولوج المنصف إلى المؤسسات التعليمية خاصة في العالم القروي الذي يعيش أزمات متراكمة”.
وشدد المتحدث ذاته على ضرورة “خلق تراكم في السياسات العمومية في مجال التربية والتعليم وعدم اشتغال كل حكومة بشكل منفصل عن السياسات والمخططات التي وضعتها الحكومات السابقة علما بأن الأولويات محددة في الرؤية الاستراتيجية ومحددة في القانون الإطار”.
وعلى مستوى الأعطاب التي يراها معرقلةً لنجاح وضع المدرسة العمومية في سكتها الصحيحة في المجالين القروي والحضري، سجل الصمدي “الاختلاف بين الشعارات المرفوعة من طرف الوزارة بتحقيق تعليم جيد ومنصف للجميع مقابل بطء التنزيل على أرض الواقع”.
وفي هذا الصدد، لفت المصدر ذاته إلى “تأخر إدماج التعليم الأولي في التعليم الابتدائي وجعلهما سلكاً واحداً كما ينص على ذلك القانون”، مبرزاً أنه “ما زلنا نسجل أرقاماً محتشمة على اعتبار أن جزءاً كبيراً جدا من التعليم الأولي يمارس خارج المؤسسات التعليمية ويدبر من خلال مجموعة من الجمعيات دون أن نصل إلى الطموح الذي هو دمج مؤسسات التعليم الابتدائي في المدارس العمومية ووضعها تحت إشراف الدولة”.
وأورد الخبير في الشأن التربوي أن “التشخيص الذي رافق الرؤية الاستراتيجية شدد على أن السبب الرئيسي وراء ارتفاع نسب الهدر راجع إلى عدم استفادة التلاميذ من التعليم الأولي”، مؤكداً أنه “ما زلنا لم نحقق النسب المرجوة لإدماج التعليم الأولي في التعليم الابتدائي”.