فن

العسري: علينا إخراج الكتابة من سجن الواقع إلى مشاكل المستقبل

العسري: علينا إخراج الكتابة من سجن الواقع إلى مشاكل المستقبل

قال الكاتب والمخرج السينمائي، هشام العسري، إنه لا ينبغي حصر الكتابات في المواضيع البسيطة التي لا تقود القارئ إلى الغوص في خيال واسع، مبرزا أن هناك العديد من الأشخاص الذين يفضلون الانفتاح على أبعاد أخرى، في الوقت الذي توجد فيه أيضا فئة تفضل متابعة ما يُشبه بمسلسل “سامحيني”.

ويضيف العسري أنه “بالنسبة لي لا فرق بين الكتابة والإخراج، لأن الكتابة فيها جانب من الإخراج أيضا، إذ حينما أكتب رواية أكتبها بتصور أحداث أحاول منحها ريتما وإيقاعا وعمقا من شأنها أن تضع تصورا واقعيا عند القارئ”.

وتابع في تصريح لجريدة “مدار21”: “الكتابة تكون موجهة إلى القارئ، لذا يجب أن تسمح له بالغوص بسرعة في العوالم التي نقترحها عليه، ولو كانت غرائبية، لأن القراء اليوم يبحثون عن هذه الكتابات العميقة في تناولها للأحداث بالإبحار في الإبداع”.

وقال إن توظيف الخيال العلمي في الأدب ليس حديثا، إذ يستخدم لما يزيد عن قرنين، مردفا: “نستحق في المغرب ألا نحصر المواضيع التي نتحدث عنها في الواقع أو المشاكل الحالية، إذ يمكن أن نتحدث عن مشاكل المستقبل”.

وفي هذا السياق، كشف العسري أنه يحضر كتابا جديدا عن التصحر والجفاف في المستقبل، مشيرا إلى أن “هذا لا يمنع أن تكون لهذه القضايا جذورا في الواقع التي من شأنها أن تجعلنا نفهم طريقة عيش الأشخاص بعد 4 قرون مثلا من الآن”.

ويؤكد أن “أهمية الكتابة تتجلى في كونها أزلية، أي أن وجودها يظل دائما ويمكن الرجوع إليها ولو بعد سنوات طويلة، سواء كُتبت لفيلم أو لكتاب”.

وعن الإخراج، يقول إن الأمر يختلف “لتعلقه بتوجيه عشرات الأشخاص لتنفيذ وجهة نظرك في العمل ورؤيتك وخلقها في الواقع”.

وبخصوص تجربته في التمثيل، أوضح أنه قرر تجسيد بعضها التي تكون مساحتها صغيرة، ليجيد طريقة مثلى في التعامل مع الممثلين بقبعة المخرج”.

ويضيف في السياق ذاته: “بالنسبة لي أفضل طريقة أن تضع نفسك أمام الكاميرا لتفهم وضعية الممثل، لذلك أسندت لنفسي في بعض الأعمال الأخيرة بعض الأدوار الصغيرة، لتحقيق القرب من الممثل”، مشددا على أنه لا يطمح ليكون ممثلا.

وصدر للكاتب هشام العسري، رواية جديدة تحمل عنوان “فتنة بانك” في المكتبات يوم أمس الأحد، إذ يضع العسري القارئ أمام عالم يتطلب إعادة النظر في العلاقات الإنسانية والاجتماعية، من خلال عمل ينضاف إلى سلسلة أعمال طرحها بمقاربة تعكس التوتر بين الغرابة والرغبة في البقاء.

ويلامس الكاتب الروائي والمخرج السينمائي عالم الخيال العلمي في روايته الجديدة “فتنة بانك”، بقراءة عميقة لأحداث غير مألوفة تتسم بالغرابة في مجتمع مليء بالغموض والإثارة يعكس جوانب يُغفل معالجتها رغم أهميتها، معتمدا فيها على أسلوب شاعري ومرتكزا على الاستعارة، بعيدا عن البساطة المعتادة في الأعمال الفنية المغربية.

ويغوص هشام العسري في هذه الرواية في قصة لا تقل غرابة عن سابقتها من الروايات التي يشتغل عليها، إذ ركز قلمه على شخصية نسائية تجد نفسها مبحرة في تجربة عمل غامض لا تفهم فحواه إلا عند الاقتراب من نهاية القصة، في إشارة إلى فرضيات حول نهاية العالم، وفق ما كشف عنه.

وفضل العسري الاشتغال على تيمة الخيال العلمي في هذه الرواية، لخلق عالم خيالي يصف نهاية العالم، يحضر فيه المنقذ الذي ستأتي به هذه السيدة التي تدعى نورا لتمنح وجهة نظر عن محاولة فهم المجتمع بطريقة مجازية.

وتتجلى أهمية الخيال العلمي بالنسبة لهشام العسري في إمكانية فتح باب تصور أشياء غير واقعية لكن في الوقت ذاته لها علاقة بالواقع المعاش، للابتعاد عن الكتابات الواقعية التي تحكي عن المشاكل الحالية، وما يأتي بعد الكارثة، بسطحية، وفق تعبيره.

ويسرد العسري قصة روايته الديستوبية، التي تدور أحداثها في الإنترزون، وهو فضاء خيالي مستوحى من المنطقة الدولية بطنجة، التي كانت في وقت سابق ترمز للفوضى والمقاومة، بشكل جريء كما تعود عيله الجمهور.

وفي تفاصيل الرواية الجديدة، التي تحمل مفهومين، هما “البانك” الذي يعني حركة احتجاجية ثورية، و”الفتنة”، التي تشير إلى الفوضى والانقسام.

واختار العسري في هذه الرواية، معالجة التفكك الاجتماعي والاحتجاجات المعاصرة بتوظيف أسلوبين بصري وشاعري يهدفان إلى تفكيك القواعد السردية التقليدية.

وتحكي هذه الرواية عن “نورا”، شابة تجد نفسها في عالم غامض بعد قبولها عرض عمل غريب، يغوص القارئ معها في قالب من الغموض والاكتشاف التدريجي للأحداث.

وتعكس هذه الرواية الأزمات التي تمر بها المجتمعات الحديثة، بتوظيف استعارة تعكس طابعا كابوسيا تتخلله زلازل وهزات أرضية.

وتندرج “فتنة بانك” في سياق أعمال هشام العسري التي تتناول قضايا التمدن والتهميش والإقصاء الاجتماعي، بأسلوب يمزج بين التمرد والابتكار اللغوي، وفق ما توصلت به جريدة “مدار21”.

واختار العسري أيضا في هذه الرواية أن يربط الواقع الحديث، بالتكنولوجيا والاضطرابات التي يعيشها العالم في ظل التفكك الاجتماعي، في قراءة عميقة.

يذكر أن الكاتب الروائي والمخرج هشام العسري، أشرف قبل أيام على إخراج مسلسل تلفزيوني يحمل عنوان “منال” الذي تولى أيضا كتابة السيناريو الخاص به.

ولارتباطه بالتجديد في مجال عمله وخوض تجارب غير مسبوقة مرتبطة بالجانب العلمي، وظف العسري في هذا المسلسل المرتقب عرضه على شاشة قناة الأولى، تقنية “التزييف العميق” التي تعمل على تغيير الوجوه.

ويتحدث هذا المسلسل الذي يعتمد في إخراجه على  بتقنية “deepfake” أي “التزييف العميق” عن العمل بالتكنولوجيا في المغرب الحديث، إذ يُظهر كيفية استعمال التكنولوجيا في المغرب الحديث، من باب دفاع الشخصية (البطلة) عن ذاتها وحماية نفسها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News