حنشان: تحلية المياه خطوة هامة لتخفيف الإجهاد المائي بجهة فاس

أكد الخبير في المناخ والأستاذ الباحث بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، محمد حنشان، أنه في ظل وضعية الإجهاد المائي “المقلقة”، يشكل مشروع التزويد بالماء المحلى “خطوة هامة” من شأنها تخفيف الضغط على المياه الجوفية بجهة فاس-مكناس.
وأوضح حنشان، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن جهة فاس-مكناس تعاني من نقص في معدل التساقطات الثلجية التي تشكل مصدرا مهما بالنسبة للجهة.
وأشار، في السياق ذاته، إلى أن تكثيف الأنشطة الفلاحية تتسبب في “ضغط كبير” على المياه الجوفية والموارد المائية السطحية.
وأوضح حنشان أن “حدة الإجهاد المائي ازدادت من خلال الانفجار الديموغرافي وارتفاع وتيرة التمدن”، مسجلا أنه ينضاف إلى هذا المعطى مسألة التلوث “الكبير جدا” للموارد المائية بالجهة التي بلغت مستوى يناهز 70 في المائة، بالإضافة إلى وضعية المياه العادمة التي لا تتجاوز نسبة معالجتها 40 في المائة.
وفي هذا السياق، يكتسي مشروع التزويد بالماء المحلى “أهمية كبيرة بالنسبة للفلاحة بجهتنا”.
وأوضح الخبير في المناخ أن “ميزته الأساسية تكمن في توفير تزويد دائم بالماء بالنسبة للسقي”، مؤكدا أن هذا الاستقرار المائي سيساهم ليس فقط في تحسين مردودية الزراعات، بل أيضا في جعل فلاحتنا أكثر صمودا في مواجهة التغيرات المناخية.
فضلا عن ذلك، يضيف حنشان، سيمكن استعمال المياه المحلاة في الفلاحة من التقليص الملحوظ للضغط على الاحتياطات من المياه الجوفية، مما سيساهم في ملئها وتجديدها، مضيفا إنها خطوة هامة نحو تحقيق توازن مائي أكثر استدامة، ومسألة بالغة الأهمية لمنظومتنا البيئية المحلية.
وبالنسبة للباحث فإنه “من خلال الاحتفاظ بالمياه العذبة الطبيعية للاستخدام المنزلي، سيكون بمقدورنا تحسين جودة حياة الساكنة مع تطوير زراعة خضراء أكثر استدامة”.
وأمام تزايد الاستغلال المفرط للموارد المائية التقليدية، حولت جهة فاس-مكناس وجهتها إلى حلول مبتكرة لضمان الولوج المستدام للماء الصالح للشرب الصناعي والسياحي.
وأطقت وزارة التجهيز والماء من خلال مديرية البحث والتخطيط المائي، طلب عروض دولي مفتوح من أجل إنجاز دراسة لجدوى مشروع للتزويد بالماء الم حلى. ويرتقب فتح الأظرفة الخاصة بهذا المشروع في 29 أكتوبر 2024.
وبحسب تقديرات مديرية البحث والتخطيط المائي، فإن الحوض المائي لسبو الذي تعتمد عليه الجهة، يواجه اختلالا متزايدا بين العرض والطلب على المياه. وتتعرض المياه الجوفية التي تعد المصدر الرئيسي للتزويد، لاستغلال مفرط ازدادت حدته جراء تأثيرات تغير المناخ.
ويعاني نظام طبقة المياه الجوفية بفاس-مكناس من عجز كبير مما يهدد الأنشطة الاجتماعية والاقتصادية وجودة حياة الساكنة المحليين.
وبحسب الوزارة الوصية فإن اللجوء إلى تحلية مياه البحر يبدو خيارا معقولا للتخفيف من حدة هذا الوضع وضمان التزويد بالماء الشروب بشكل مستدام.
وتهدف هذه الدراسة إلى تقييم الجدوى التقنية والاقتصادية والبيئية لهذا الحل واقتراح مخطط أمثل لتزويد جهة فاس – مكناس بالمياه.
وبحسب المعطيات التي قدمتها مديرية البحث والتخطيط المائي، التابعة لوزارة التجهيز والماء، فإن دراسة جدوى مشروع التزويد بالماء المحلي بجهة فاس – مكناس، ست نجز على مرحلتين رئيسيتين.
وتروم المهمة الأولى التي تحمل عنوان “دراسة مخططات التزويد بالمياه التقليدية وغير التقليدية” إلى تحديد، بدقة، المناطق الجغرافية التي ستستفيد من المشروع، سواء كانت مدنا أو مراكز قروية أو مناطق صناعية أو مواقع سياحية. كما تتضمن وضع تقييمات مفصلة للحاجيات من الماء الصالح للشرب الصناعي والسياحي في أفق سنتي 2025 و 2050، مع إدماج مختلف سيناريوهات تطور الطلب.
وأخيرا، ستقارن هذه المهمة الأولى بين خيارات مختلفة للتزويد بالمياه، مثل الربط بين السدود، أو توسيع محطة تحلية المياه الموجودة (على سبيل المثال المحطة الموجودة في الرباط)، أو إنجاز محطة جديدة مخصصة حصريا لجهة فاس-مكناس.
وسيتم اختيار الحل الأنسب لحاجيات المنطقة أخذا بعين الاعتبار المعايير التقنية والاقتصادية والبيئية والاجتماعية.
أما المهمة الثانية ستركز على حل التزويد بالمياه الذي تم اختياره في نهاية المرحلة الأولى. وستمكن من تقديم تحليل مفصل للحل الذي وقع عليه الاختيار، وتحديد بدقة، الخصائص التقنية لمختلف عناصر المشروع، بدءا من مأخذ مياه البحر إلى محطة الضخ، مرورا بمحطة التحلية وخزانات التخزين وأنابيب الإمداد.
وسيتم، في الأخير، تقديم تقدير دقيق حول تكاليف الاستثمار واستغلال وصيانة المشروع، مما سيتيح لصناع القرار تقييم الجدوى الاقتصادية للحل المقترح.
ويشكل مشروع تزويد جهة فاس-مكناس بالماء الصالح للشرب، رهانا كبيرا للأمن المائي والتنمية السوسيو اقتصادية للجهة. ويطمح المغرب من خلال تعبئة أفضل الخبرات الدولية، إلى تنفيذ حل مستدام وم بتكر للاستجابة للحاجيات المائية المتزايدة، والحفاظ على الموارد التقليدية وتعزيز صموده في مواجهة التغيرات المناخية.