دعوة الملك لانتقاء الوفود البرلمانية تسائل استقطاب الأحزاب السياسية للأطر والكفاءات

فتحت الدعوة الملكية الصريحة لتعزيز انخراط البرلمان، بمجلسيه، في الدينامية المتقدمة التي يعرفها ملف الصحراء المغربية والحرص على انتقاء وفود البرلمانيين إلى المنتديات واللقاءات البرلمانية الدولية للترافع عن القضية الوطنية الأولى، نقاش استقطاب الأحزاب السياسية للأطر والكفاءات السياسية القادرة على إقناع “الدول القليلة، التي ما زالت تسير ضد منطق الحق والتاريخ”، حسب تعبير الملك.
وذَكَّر الملك، في الخطاب الذي ألقاه داخل القبة التشريعية، الجمعة الماضية، بمناسبة افتتاح السنة التشريعية الرابعة، بـ”الدور الفاعل للدبلوماسية الحزبية والبرلمانية، في كسب المزيد من الاعتراف بمغربية الصحراء، وتوسيع الدعم لمبادرة الحكم الذاتي، كحل وحيد لهذا النزاع الإقليمي”، داعيا إلى “المزيد من التنسيق بين مجلسي البرلمان بهذا الخصوص، ووضع هياكل داخلية ملائمة، بموارد بشرية مؤهلة، مع اعتماد معايير الكفاءة والاختصاص، في اختيار الوفود، سواء في اللقاءات الثنائية، أو في المحافل الجهوية والدولية”.
وفي هذا الإطار، واصل الملك أنه “يجب شرح أسس الموقف المغربي، للدول القليلة، التي ما زالت تسير ضد منطق الحق والتاريخ، والعمل على إقناعها، بالحجج والأدلة القانونية والسياسية والتاريخية والروحية، التي تؤكد شرعية مغربية الصحراء”.
خالد الشيات، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الأول بوجدة، قال إن “دعوة الملك محمد السادس إلى ممثلي الأمة تحمل في طياتها دعوة صريحة للأحزاب السياسي من أجل استقطاب الأطر والكفاءات السياسية القادرة على الترافع في قضية الصحراء المغربية في المنتديات البرلمانية الدولية أو اللقاءات البرلمانية الثنائية”.
وسجل المحلل السياسي، في تصريح لجريدة “مدار21” الالكترونية، أن “الملاحظ، مع الأسف، هو أن العمل البرلماني المغربي بشكل عام، وليس على مستوى الديبلوماسية البرلمانية فقط، أصبح رهنا لأشخاص وتيارات لا تفقه في هذا الملف الحيوي شيئا ولا حتى في السياسة الخارجية للمغرب”.
ولفت الأستاذ الجامعي إلى أن “الأحزاب السياسية مدعوة لاستيعاب هذه الدعوة والعمل على تخليق وتأطير نخبها السياسية حتى تكون في المستوى الذي تتطلبه المرحلة والتجاوب مع الدعوة الملكية بما يكفي من فعالية للمشاركة في إنهاء هذا الملف المفترع”.
وأورد الأكاديمي ذاته أن “انتقاء النواب للترافع حول قضية الصحراء المغربية تحتمل الكثير من القراءات”، مبرزا أنه “بعيدا عن القراءات التي تسيس هذه الدعوة فإن الغرض منها، بالأساس، هو اختيار النائب المناسب للدفع بمسار تدعيم مغربية الصحراء على مستوى الديبلوماسية البرلمانية”.
وأضاف الشيات أن “المطلوب اليوم من النائب البرلماني هو تحمل مسؤوليته السياسية في الدفاع عن القضية الوطنية الأولى عوض اعتبار هذه البعثات مجرد عمليات للاستجمام والسياحة في دول أخرى”.
وتابع المتحدث ذاته أن “رئاسة مجلسي البرلمان مطالبة أيضا ببذل جهد كبير في انتقاء الشخصيات السياسية والبروفايلات القادرة على ترجمة الدعوة الملكية الصريحة من خلال ما يتوفرون عليه من قدرات لغوية ومعرفية وفكرية وسياسية وإقناعية والتي تخول لهم أن يكونوا لسان حال المغرب في المنتديات البرلمانية خاصة الدولية”.
وأورد المحلل السياسي أن “دعوة الملك تكتسب أهمية سياسية كبيرة بالنظر إلى أن معظم المواقف المعادية لمغربية الصحراء ووحدته الترابية كان مصدرها برلمانات عدد من الدول المساندة للطرح الانفصالي”، مبرزا أن “الأهمية الثانية هي أن البرلمان انعكاس للأسس الشعبية والديمقراطية”.
وأوضح المحلل السياسي ذاته أن “التعامل البرلماني مع قضية الصحراء هو مسألة مهمة جدا لتوسيع الدعم الدولي لمغربية الصحراء وجدية مقترح الحكم الذاتي الذي طرحه المغرب منذ سنة 2007″، مشيرا إلى أن “تداول عدد من البرلمانات، وعلى رأسها البرلمان الأوروبي حول قضية الصحراء المغربية، ناتج عن غياب صوت مقابل للأصوات المشوشة والداعمة للطرح الانفصالي”.
وسجل الشيات أنه “حتى على مستوى العلاقات البرلمانية الثنائية يمكن أن توصل صوت المغرب إلى فضاءات سياسية تحتكرها توجهات سياسية معادية لشرعية حوزة المغرب لأقاليمه الجنوبية وبالتالي عزل هذه الأصوات والانتصار للحقيقية التاريخية”.
وأبرز الأكاديمي ذاته أن “أهمية البرلمانات تكمن في استمراريتها”، موردا أن “العمل البرلماني هو عمل دائم وإنما يتغير النواب في كل ولاية تشريعية فقط ومنه فلا بد أن تستمر هذه الأعراف في البرلمان المغربي على مستوى التعامل مع قضايا السياسة الخارجية لبلادنا والتخلي عن سياسة الكرسي الفارغ”.
وأوضح الشيات أنه “من الناحية الواقعية هناك تفوق مغربي استراتيجي على مستوى التصور ومنهجية تدبير الصراع المفتعل في الصحراء المغربية نابع من رئيس الدولة الذي هو الملك محمد السادس”، لافتا إلى أن “إبقاء الضغط على أطراف النزاع المفتعل هي مسألة ضرورية خاصة وأنه يتصرف بطريقة عشوائية وغير مضبوطة أو ممنهجة”.