والي بنك المغرب يُفكّك وضعية “اللايقين” بالعالم وتأثيرها على المغرب

في سياق دفاعه عن قرار الحفاظ على السعر المديري للفائدة دون تغيير، أسهب والي بنك المغرب عبد اللطيف الجواهري في تفكيك مشهد “انعدام اليقين” الذي يسِم الوضع العالمي، ويؤثر بشكل أو بآخر على المغرب، ومنه ما يتعلق بتطورات الشرق الأوسط، والحرب الروسية الأوكرانية، والحرب الاقتصادية المشتعلة، والتطورات التكنولوجية، وصولا إلى العلاقات المتشنجة بين المغرب والجزائر.
وخلال توضيحه لمعالم “عدم اليقين”، والسؤال حول الصراع في الشرق الأوسط، أفاد الجواهري، في الندوة الصحفية ليوم أمس الثلاثاء، أن الأمين العام للأمم المتحدة “يعِظ في الصحراء، فهو يتحدث في الفراغ. أعتقد أنه في الأمس أو حتى اليوم، أعرب عن مخاوفه من الوضع في المنطقة، وعندما يقول “المنطقة” لا يعني فقط لبنان، بل خاصة إيران، لأن حزب الله هو إيران”.
وأضاف “التحليل الذي يتم تقديمه يقول إن إسرائيل تهدف إلى تدمير القدرات العسكرية لحزب الله”، مفيدا أن الأشخاص المطلعين يعلمون أن “حزب الله لديهم ما يناهز 30 ألف مجند، وفقدان 500 أو 100 مجند لا يؤثر”.
وتابع والي بنك المغرب أنه إذا افترضنا أن حزب الله يتوفر على ذلك، فإنه “سيستهدف الشمال، مما يؤدي إلى نزوح 10,000 إسرائيلي من المنطقة الشمالية التي تتعرض للهجوم، وهو وضع ليس بسيطًا، حيث لا يمكنهم العودة إلى منازلهم”.
وأورد أن “كل هذا يتخذ أبعادًا غير قابلة للتصديق، وليس من مصلحة أي طرف، وأنا بالطبع لست سياسيًا، لكن تحليلي الشخصي هو أن نتنياهو لديه أجندة شخصية ويدفع الأمور إلى أقصى الحدود، مع العلم أن الولايات المتحدة تمر الآن بمرحلة انتخابية ومنشغلة ولم يعد هناك من يأتي عنده أو ينهاه”.
وأكد أنه بغض النظر عن ظرفية الانتخابات “فمن غير الممكن أن توقف الولايات المتحدة مساعدتها لإسرائيل بغض النظر عمن سيكون الرئيس، هذا التحليل الذي أعتقده لأن اللوبي في الولايات المتحدة قوي جدًا، ولا يمكن لأي من المرشحين تحمل مواجهة اللوبي بالكامل في فترة الانتخابات”، مفيدا “لا أحد يعلم إلى ماذا سيكون غدا”.
وبخصوص الوضع بأوكرانيا، يورد والي بنك المغرب “هناك خطة للسلام يذهبون بها إلى الولايات المتحدة وأوروبا والأمم المتحدة وما إلى ذلك، لكن أي خطة سلام يمكن أن تتخلى عن الأراضي المحتلة؟ هذا غير معقول. والروس هل سيتراجعون عن الأراضي التي احتلوها؟ هذا غير معقول أيضا. وإذا منحت (كييف) استخدام الأسلحة الغربية ضد روسيا، فقد هددت روسيا بالفعل باستخدام الأسلحة النووية”، متسائلا “إلى أين نتجه؟ هذه تبقى علامة استفهام”.
وأشار الجواهري من جهة أخرى إلى اجتماع مجموعة “بريكس” في الهند الأسبوع الماضي، والذي تم خلاله دعوة المغرب أيضًا، وكان حاضرا وزير التجارة والصناعة خلال الاجتماع، موضحا “هذا يعني أن هناك أيضًا صراعًا بين الغرب ومجموعة “بريكس” وتأثيرات الصين وروسيا والهند، فهل ستبقى هذه المجموعة متماسكة؟ وما هي الدول الأخرى التي ستشارك فيها وكيف؟ لا نعرف”.
ولفت إلى أنه “حاليًا، الجميع يستعد حتى من الناحية المالية، فالصينيون لم يعودوا يشترون السندات الأمريكية كما كانوا يفعلون سابقًا، بل بدأوا في شراء الذهب، الذي يشهد ارتفاعًا قياسيًا الآن. بدأت روسيا في دفع بعض الواردات بالذهب مباشرة. أين نحن ذاهبون؟ لا أحد يستطيع أن يقول”.
وتساءل “هل ستتخذ الأمور أبعادًا جديدة؟ هناك مشاكل سياسية ودبلوماسية، والأمم المتحدة غير قادرة على معالجة الأمور، لأن الجميع أصبح يتجاهل الأمم المتحدة. ربما ستتضح الأمور بعد الانتخابات الأمريكية، لأنه قد يكون هناك رئيس أو رئيسة أمريكية مسؤولة لما لا تنخرط لمعالجة الوضع”.
واسترسل “حتى وإن أغفلنا هذه الحروب، لكن يجب أن نتذكر أن هناك حربًا اقتصادية ثانية تتشكل مع التغيرات التكنولوجية مثل 5G والذكاء الاصطناعي، وهذه ليست سوى حربا بين الولايات المتحدة والصين. النزاعات لا تتوقف عند هذا الحد، هناك بحر الصين وتايوان. نحن في مرحلة إعادة توزيع الأدوار، وما قد ينتج عن ذلك يبقى سؤالًا كبيرًا”.
وأردف إيران تقول إنها إذا هوجمت، سترد بطبيعة الحال، ولديها الأسلحة النووية أو الصواريخ البعيدة المدى، وقد تغلق مضيق هرمز، وإذا أغلقته، فهذا يعني أننا سنواجه أسعارًا تصل إلى 150 دولارًا للبرميل، وهو سيناريو كارثي”، مضيفا “لا أقول إن هذا هو السيناريو الكارثي، لكنني أقول إنه بدلاً من رؤية النزاعات، يجب أن نجلس حول طاولة المفاوضات ونبدأ في التحدث وإيجاد حلول، ولكن العكس هو الذي يحدث”.
وأشار إلى أنه “بغض النظر عن كل هذه الأمور، ما يحدث مع جيراننا (الجزائر) أليس عدم اليقين. لذا، فإن عدم اليقين هو الواقع، وليس مجرد مصطلح نختبئ خلفه لتبرير قرار ما. هذا هو الواقع”.