حوادث وكوارث

فاجعة “حافلة طاطا” تسائل “تهور السائقين” واستباقية تدخل السلطات الطرقية

فاجعة “حافلة طاطا” تسائل “تهور السائقين” واستباقية تدخل السلطات الطرقية

أعادت فاجعة “حافلة طاطا”، التي خلفت وراءها 10 وفيات وفقدان 7 أفراد، النقاش حول “اليقظة” و”الحذر” الواجبين في الطرقات في مثل هذه الحالات الاستثنائية وجدل المسؤول عن “الاستخفاف” بأرواح المواطنين بين “تهور” السائقين و”قصور” مجهود السلطات المعنية في المراقبة والتدخل العاجل واستباق حدوث مثل هذه الفواجع المؤلمة.

وفي سياق هذه الفاجعة المميتة، ألحّ مهتمون بقضايا السلامة الطرقية وحوادث السير على ضرورة “إقرار” إجراءات السلامة والوقاية الكافية التي تتماشى مع درجة “خطورة” النشرات الإنذارية التي تعممها المديرية العامة للأرصاد الجوية لتفادي تكرار مآسٍ من حجم مأساة “حافلة طاطا”.

إلياس سليب، رئيس المرصد الوطني للسلامة الطرقية، قال إن “المسؤولية مشتركة بين السائق الذي كان من الواجب عليه أن يبقى بعيدا عن السيول”، مستدركا أنها “أيضا مسؤولية سلطات المراقبة التي يجب أن تتفاعل مع النشرات الإنذارية بإقرار أجهزة مراقبة واعتماد حواجز أمنية مثل حاجز الثلج إلى أن تمر هذه المرحلة الحرجة”.

وأضاف سليب، في تصريح لجريدة “مدار21” الإلكترونية، أنه “لا يمكن أن نلقي بالمسؤولية في كل مرة تقع فيها مثل هذه الفواجع على عاتق السائق لوحده”، مستدركا أن “السائق يتحمل طبعا المسؤولية لكن مثل هذه الفواجع المؤلمة تكون فيها المسؤولية مشتركة بين عدد من المتدخلين”.

وفي سياق ترتيبه المسؤوليات حسب المتدخلين في مراقبة الطرقات، سجل المتحدث ذاته أن “المسؤول الأول عن مثل هذه المآسي هي السلطات المكلفة بمراقبة الطرقات بالنظر إلى أن التساقطات القياسية سبقتها نشرة إنذارية ساعات قبل حدوث الفيضانات”.

وأورد المتحدث ذاته أنه “كان على مصالح الدرك الملكي والوقاية المدنية بشكل أساسي أن تعبئ فرقها وتتخذ الإجراءات والاحتياطات الضرورية بما أن مديرية الأرصاد الجوية عممت نشرتها الإنذارية بخصوص التساقطات التي غمرت أقاليم الجنوب الشرقي، وطاطا على وجه الخصوص”.

وأشار الفاعل المدني إلى أنه “حسب ما بلغنا بخصوص فاجعة طاطا فإن السائق في حد ذاته لم يكن على علم بأن الوادي الذي يمر منه بلغ مستوى ملء قياسي”، مؤكدا أن “بعض الشهادات تقول بأن السائق تفاجأ بوجوده وسط السيول في وقت قصير”.

ولفت المتحدث ذاته إلى أنه “على الأقل كان من الضروري إيفاد دوريات الدرك الملكي بالقرب من أي قنطرة مهددة بالسيول القوية لمنع كل من لم يكن على علم بخطورة المسالك الطرقية؛ خاصةً أن فاجعة الحافلة ليست هي الأولى من نوعها بل سبق أن جرفت السيول سيارات أجرة وسيارات عادية”.

وتابع المصدر نفسه أن “توزيع نقط مراقبة خاصة بالدرك الملكي على طول الطرق المهددة بالسيول سيقلص من إمكانية حدوث مثل هذه الفواجع التي تودي بحياة عدد من المواطنين أو تعرضهم لإصابات خطيرة يمكن أن تصل حد العاهة المستدامة”.

وانتقد رئيس المرصد الوطني للسلامة الطرقية “تأخر وغياب التدخل السريع لإنقاذ المحاصرين في هذه الحافلة”، مشددا على أنه “بعض التسجيلات الصوتية المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي اشتكت من تأخر تدخل عناصر الوقاية المدنية مباشرة بعدما علقت الحافلة وسط السيول”.

وسجل المتحدث ذاته أن “درجة اليقظة وسرعة التدخل هي التي تخلق الفرق في مثل هذه الحالات”، مؤكدا أنه “حسب تصريح لأحد الناجين من هذه الفاجعة فإن الحافلة ظلت عالقة وسط القنطرة ومحاصرة بجذوع الأشجار داخل الوادي لقرابة 6 ساعات متواصلة دون أي تدخل”.

واعتبر الفاعل المدني أن “تأخر التدخلات لـ6 ساعات هي معضلة كبيرة في حد ذاتها”، موردا أن “السلطات المحلية مطالبة باستثمار كل الإمكانيات المتاحة لديها من لوجيستيك وفرق إنقاذ لصد حدوث مثل هذه الفواجع”.

ومن بين المسؤولين الرئيسين عن مثل هذه الحوادث المأساوية، يشير سليب إلى “الشركات التي تشغل السائقين وأصحاب المأذونيات بحكم الضغط الذي يتعرضون له”، مبرزا أنه “في كل مرة نتواصل مع السائقين يقولون بأنهم مجرد عبد مأمور ومجبر على احترام المواعيد”.

وفي السياق ذاته، لفت المصدر ذاته أنه “حتى أصحاب المأذونيات والشركات المشغلة تتحجج بكم الضرائب التي تؤديها وخسارتها في حالة تأخر انطلاق ووصول الرحلات”، مشددا على أنه “على الرغم من كل هذه الإكراهات فإن حل هذه الأزمة بيد السلطة التي يجب أن تُغلِّب مصالح وأرواح المواطنين على أي مصلحة آخرى”.

وذكَّر المختص في قضايا السلامة الطرقية بأنه “حتى التكوين المستمر للسائقين المهنيين يلعب دور مهم في تجاوز مثل هذه المأساة”، مشيرا إلى أن “عدد من مراكز التكوين تقدم هذه الشهادات دون أن يحصل السائقون على التكوين اللازم وهو ما سبق أن اعترفت به تقارير وزارة النقل”.

وشدد المتحدث ذاته على أن “مدونة السير تفرض خضوع السائقين المهنيين لتكوين مستمر في كل 5 سنوات بالموازاة مع عمله العادي”، لافتا إلى أن “معظم السائقين لا يجدون وقت لإجراء هذا التكوين وبالتالي يلجؤون إلى أداء واجب هذه الدورات لمراكز خاصة دون الحضور إلى هذه التكوينات المهمة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News