موقف يغير قواعد اللعبة.. دلالات الدعم الفرنسي لمغربية الصحراء

مع إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن دعم بلاده للسيادة المغربية على الأقاليم الجنوبية ولمقترح الحكم الذاتي، تأكد أن فرنسا اتخذت موقفا سيسهم بشكل كبير في تغيير قواعد اللعبة، لاسيما مع اعتزامها التحرك على أساسها على الساحة الدولية.
الموقف الفرنسي، الذي أعلن عنه في رسالة من الرئيس الفرنسي إلى الملك، يأتي في إطار دينامية يقودها الملك، لوضع حد للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، وليدعم الدينامية الدولية السارية والتي عبرت عنها مواقف الولايات المتحدة وكذا العديد من البلدان العربية، والإفريقية، والأمريكية، والكاريبي، والأوروبية، بما في ذلك إسبانيا.
ويشكل موقف فرنسا، العضو الدائم بمجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، تطورا هاما وبالغ الدلالة لدعم السيادة المغربية على الصحراء، وفق ما أكده مراقبون لهذه التطورات الأخيرة.
ولعل ما يجعل موقف فرنسا يحمل دلالات قوية، وفق المصدر ذاته، هو استناده “لخلفية تاريخية معمقة ومعرفة بالقضية وبرؤية استراتيجية”، ليشكل موقفها عامل “تغيير في قواعد اللعبة” في القضية، وهذا ما أكده الرئيس الفرنسي بكون بلاده تعتزم التحرك في انسجام مع موقفها على الصعيد الوطني، وعلى المستوى الدولي.
ويرى مراقبون أن قرار فرنسا “لا يمثل انتصارا على أي أحد، ولا هزيمة لأي أحد. إنه يجسد ببساطة الحقيقة التاريخية والشرعية القانونية”، مؤكدين أن “دعم سيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية يشكل، في الواقع، مساهمة في تحقيق السلام والاستقرار الإقليميين”.
وذهب مراقبون إلى أنه قرار دولة، متجدر في سياق الاستمرارية المؤسساتية بغض النظر عن الظرفيات السياسية، مشيرين إلى أنه “بهذا الموقف، يؤكد الرئيس الفرنسي التزام فرنسا تجاه المغرب والقضية العادلة لوحدته الترابية. ويؤكد الرؤية المشتركة للبلدين ويضخ نفسا جديدا في العلاقة الاستراتيجية التي تربطهما”.
ويؤكد هذا الموقف “ما سبق أن عبرت عنه فرنسا منذ سنة 2007 بمجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، دعما للمبادرة المغربية للحكم الذاتي، ويرسخها كحل لهذا النزاع الإقليمي”.
وبالرغم من أن القرار يتزامن مع ذكرى عيد العرش، إلا أنه “أبعد من أن يكتسي طابعا ظرفيا أو مناسباتيا. إنه قرار مهيكل وقانوني وشرعي”.
وتابع مراقبون أنه “بهذا القرار، تدعم فرنسا تنمية منطقة الصحراء المغربية، وتتجه نحو الحل من خلال رفض سياسات الجمود وشبح أسوأ السيناريوهات التي ترهن مستقبل المغرب العربي”.
وأعلن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون رسميا للملك أنه “يعتبر أن حاضر ومستقبل الصحراء الغربية يندرجان في إطار السيادة المغربية”، وفق ما أكده بلاغ للديوان الملكي.
وفي الرسالة ذاتها، والتي تتزامن مع تخليد الذكرى الـ25 لعيد العرش، أكد رئيس الجمهورية الفرنسية للملك “ثبات الموقف الفرنسي حول هذه القضية المرتبطة بالأمن القومي للمملكة”، وأن بلاده “تعتزم التحرك في انسجام مع هذا الموقف على المستويين الوطني والدولي”.
وتحقيقا لهذه الغاية، شدد الرئيس إيمانويل ماكرون على أنه “بالنسبة لفرنسا، فإن الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية يعد الإطار الذي يجب من خلاله حل هذه القضية. وإن دعمنا لمخطط الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب في 2007 واضح وثابت”، مضيفا أن هذا المخطط “يشكل، من الآن فصاعدا، الأساس الوحيد للتوصل إلى حل سياسي، عادل، مستدام، ومتفاوض بشأنه، طبقا لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة“.
وبخصوص مخطط الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، يرى رئيس الدولة الفرنسية أن “توافقا دوليا يتبلور اليوم ويتسع نطاقه أكثر فأكثر”، مؤكدا أن “فرنسا تضطلع بدورها كاملا في جميع الهيئات المعنية”، وخاصة من خلال دعم بلاده لجهود الأمين العام للأمم المتحدة ولمبعوثه الشخصي. وشدد الرئيس ماكرون في رسالته قائلا “حان الوقت للمضي قدما. وأشجع، إذن، جميع الأطراف على الاجتماع من أجل تسوية سياسية، التي هي في المتناول”.
من جهة أخرى، وبعدما نوه بجهود المغرب من أجل التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الصحراء المغربية، أعرب رئيس الجمهورية الفرنسية عن التزامه بأن “تواكب فرنسا المغرب في هذه الخطوات لفائدة الساكنة المحلية“.
ويشكل إعلان الجمهورية الفرنسية، العضو الدائم بمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، تطورا هاما وبالغ الدلالة في دعم السيادة المغربية على الصحراء. ويندرج في إطار الدينامية التي يقودها الملك محمد السادس، وتنخرط فيها العديد من البلدان في مختلف مناطق العالم، لفائدة الوحدة الترابية للمغرب ولمخطط الحكم الذاتي كإطار حصري لتسوية هذا النزاع الإقليمي.