الخصاص المهول في الطب الشرعي يجر وهبي للمساءلة

ماتزال المعطيات المقلقة بشأن نقص أطباء الطب الشرعي تطارد وزير العدل عبد اللطيف وهبي، لاسيما مع النقص الفظيع في عدد الأطباء، وتقاضيهم أجر هزيل لا يتعدى 100 درهم عن كل جثة، مع تسجيل غيابهم عن عدد من المناطق التي يضطر سكانها إلى التنقل في ظروف صعبة من أجل إجراءات التشريح.
ووجه النائب البرلماني عن فريق الأصالة والمعاصرة عبد الله العمري، سؤالا كتابيا إلى وزير العدل عبد اللطيف وهبي بخصوص الإجراءات والتدابير التي ستتخذها الوزارة لتقريب وتوفير الطب الشرعي بالجماعات الترابية بإقليم الرشيدية.
وأوضح النائب البرلماني أن أقاليم جهة درعة تافيلالت، على سبيل المثال تنغير زاكورة ورزازات تعيش وضعا صعبا نتيجة عدم توفرها على أي مختص في الطب الشرعي.
وبين العمري أن أسرة الضحية تضطر للتنقل إلى مراكش أو فاس من أجل إجراءات التشريح الطبي، “في ظروف قاسية وصعبة للغاية والحال أصعب بالنسبة لساكنة المناطق القروية بالجماعات الترابية البعيدة عن مستشفى مولاي علي الشريف بإقليم الرشيدية، التي تعاني صعوبة التنقل والوقت في تتبع الإجراءات للضحايا وخصوصا نهاية الأسبوع مما يخلق قلقا ومعاناة لدى العائلات وأهالي المعنيين بالتشريح الطبي”.
وسجل النائب بأسف أن “بلادنا، لا تتوفر إلا على عدد جد محدود من الأطر الطبية المختصة في ميدان الطب الشرعي”، مشيرا إلى أن ذلك “يضرب في الصميم الجهود المبذولة في مجال تطوير المحاكمة العادلة وتطويرها وتقريب القضاء من المتقاضين، فضلا عما يسببه ذلك من معاناة إضافية وضغوط نفسية على أهالي الضحايا”.
ونبه العمري إلى أن القانون رقم 77.17 المتعلق بتنظيم ممارسة مهام الطب الشرعي يعتبر “خطوة هامة لتطوير آليات العدالة الجنائية الوطنية، بحيث يعد الطب الشرعي آلية فعالة في مساعدة القضاء لإحقاق العدالة والمحاكمة العادلة، من خلال مساهمته في كشف ملابسات الجرائم وجمع الأدلة المتعلقة بها بالوسائل العلمية، تحت إشراف أجهزة العدالة المختصة، كما يقوم بمهام الفحص السريري للأشخاص المصابين جسمانياً وعقلياً بغرض وصف الإصابات، وتحديد طبيعتها وأسبابها، مع تحديد تاريخ حدوثها والوسيلة المستعملة، وتحرير تقارير أو شهادات طبية”.
وكان وزير العدل قد كشف في وقت سابق، أن المغرب يعاني نقصا حادا في الأطباء الشرعيين، مشيرا إلى أن الأمر يتعلق بالأساس بضعف التعويضات المادية المخصصة لأطباء الطب الشرعي.
وقال وهبي ردا على سؤالين شفهيين بخصوص وضعية الطب الشرعي في المغرب، إن التقارير الدولية، بالإضافة إلى التقريرين اللذين أصدرتهما النيابة العامة، كلها أشارت إلى أن المغرب يعاني من نقص كبير في الأطباء الشرعيين، مبينا أن جوهر الأزمة يتعلق بالقانون المنظم للمصالح القضائية والذي ينص على مبلغ 100 درهم كمقابل عن كل عملية تشريح تجريها المستشفيات.
وأبرز وهبي أن وزارته اشتغلت على هذا الموضوع من خلال صياغتها لقانون يتعلق بتخصيص تعويضات مهمة للأطباء الشرعيين وإرساله لوزارة المالية لمذاكرته، مضيفا أن وزارته استطاعت الوصول إلى 24 طبيبا شرعيا بدل 13 طبيبا شرعيا، إلا أن هذا يبقى رقما ضعيفا.
كما قامت الوزارة يضيف وهبي” بمرسوم بمقتضاه سيتم تكوين مجموعة من الأطباء الراغبين في ولوج تخصص الطب على الشرعي لكي يصبحو أطباء شرعيين”، بالإضافة إلى إبرامها اتفاقا مع الجامعة وبمقتضاه تتكلف الوزارة بتعويضات هذا التكوين، “وهكذا تم الوصول إلى 95 طبييا شرعيا بعد القيام بـ95 تكوينا في الطب الشرعي”.
كما بين أن وزارة العدل بعد تواصلها مع عدة قطاعات وفتح الباب أمام الراغبين في ولوج هذا التخصص تمكنت من بلوغ 158 طبيبا شرعيا، مشيرا إلى أنها طلبت من مسؤولين في الإدارة تمديد تاريخ هذا المرسوم إلى حين تكوين 160 طبيبا شرعيا آخرين، مشيرا إلى أن هدف الوزارة يتمثل في “توفر كل محكمة وكل عمالة على طبيب شرعي”.