سياسة

“تماسك” الأغلبية يسائل “تشتت” المعارضة ويضع أدوارها الرقابية على المحك

“تماسك” الأغلبية يسائل “تشتت” المعارضة ويضع أدوارها الرقابية على المحك

قد لا يخفى على أي متتبع للشأن السياسي المغربي توالي اجتماعات الأغلبية الحكومية المكونة من 3 أحزاب سياسية وتواتر إشاداتها ب”التماسك الحكومي” و”الانسجام” في تنزيل البرنامج الحكومي، وذلك في مقابل استمرار “تشتت” مكونات المعارضة و”غياب التنسيق” بينها في عملية ممارسة الأدوار الرقابية المنوطة بها دستوريا في مراقبة عمل الحكومة وتقييم سياساتها العمومية.

آخر هذه الإشادات بـ”تفاهم” أحزاب الأغلبية، ولو ظاهريا، جاء في الاجتماع الأخير، وسط الأسبوع المنصرم، الذي جمع مكونات هيئة رئاسة الأغلبية والتي أثنت على “تماسكها”، مشيرة إلى أن “انسجامها أثمر الحصيلة الحكومية الحالية بتنزيل التزامات البرنامج الحكومي ومواجهة الإشكالات الطارئة”، ومنوهةً بعمل أغلبيتها في البرلمان وبالتفاعل المؤسساتي للمعارضة وبأدوار الجماعات والمجالس الإقليمية ومجالس الجهات”.

ومحاولةً منها لمقاربة تأثير “تماسك الأغلبية” مقابل “تشتت” المعارضة على إسماع صوت الأخيرة ومساهمتها في تقييم برامج وسياسات الحكومة، تواصلت “مدار 21” مع أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية ورئيس مركز شمال إفريقيا للدراسات والأبحاث وتقييم السياسات العمومية، رشيد الأزرق، الذي قال إن “المعارضة على عكس الأغلبية ليس مطلوبا منها أن تكون منسجمةً إلى حد التحالف”، مستدركا أنه “في المقابل الذي تحتاجه المعارضة في السياق السياسي المغربي الحالي هو أن يكون بينها تنسيق يضمن إيصال صوتها عوض التشتت والتشرذم”.

وأضاف الباحث في الشأن السياسي والدستوري أن “التنسيق الذي تفتقده مكونات المعارضة في الولاية البرلمانية الحالية هو الذي سيحرمها من التفعيل الحقيقي والناجع لآليات الرقابة البرلمانية التي تمنحها لها المقتضيات الدستورية والنظام الداخلي لمجلس النواب في مراقبة وتقييم عمل الحكومة”.

“التنسيق بين أعضاء المعارضة يضمن لها وزنها”، يشدد المتحدث ذاته، ويواصل مسجلا أنه “من بين التحديات المطروحة في بينة المعارضة البرلمانية الحالية هو توجهاتها الإيديولوجيا المختلفة”، مشددا على أنه “كان من المفروض على أحد الأحزاب التي اصطفت في المعارضة والتي حصدت مقاعد أكثر أن تتولى مهمة التنسيق والتشاور بين باقي الأحزاب المعارضة لتكزين جبهة قوية قادرة على إسماع صوتها”.

وانتقد رئيس مركز شمال إفريقيا للدراسات والأبحاث وتقييم السياسات العمومية انسحاب “حسابات سياسية ضيقة” على تماسك صفوف المعارضة البرلمانية بالقول إن “هناك طموحات شخصية وصراعات بين أشخاص في الأحزاب السياسية المعارضة للحكومة عطلت نجاح هذا التنسيق وعطلت معها ممارسة معارضة حقيقية للسياسات العمومية في جميع القطاعات”.

وتابع الأستاذ الباحث في القانون الدستوري وعلم السياسة في جرد انعكاسات “ضعف المعارضة” قائلا إن “المعارضة بعدما كانت منصة ومشتلا لإنتاج خطاب ونخب سياسية حقيقية تساهم في تصويب هفوات الحكومة في تدبير الشأن العام هاهي اليوم يُنظر إليها على أنها عقاب سياسي إلى درجة أنه بعض الأحزاب عوض ممارسة المعارضة فإنها تنتظر فرصتها للحاق بمكونات الأغلبية والانضمام إلى الحكومة”.

ولدى سؤاله عن إمكانية ربط هذا “التشتت” و”غياب التنسيق” بين مكونات المعارضة بالخلافات والصراعات الحزبية السابقة بين مكونات المعارضة الحالية، أجاب المتحدث ذاته بأن “المفروض أن السياسة لا تقام ولا تتأثر بالنوازع الذاتية والشخصية”، مسجلا أن “معظم الأحزاب المشكلة للمعارضة الحالية اشتغلت مجتمعةً في ولايات حكومية سابقة”.

واعتبر المصرح ذاته على أن “هذا التشتت لا يتوقف عند إضعاف الأدوار الرقابية للمعارضة بل يتجاوزها إلى إضعاف الممارسة الديموقراطية في البلد”، مسجلا أنه “في مثل هذه الحالات تصبح الديموقراطية تمارس بشكل انتهازي وتصبح استفادة أكثر من كونها شرف تدبير الشأن العام وتحقيق البدائل وإبداع البرامج التنموية”.

وحذر الباحث في القانون الدستوري والعلوم السياسية من عواقب تشتت المعارضة المؤسساتية بالإشارة إلى أنها “تفسح المجال أمام قوى معارضة من خارج المؤسسات والتي قد نجهل نواياها وغايات معارضتها في انتحال للفرص من أجل ضرب المؤسسات السياسية والدستورية للبلد”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News