اليمين المتطرف بأوروبا يُهدِّد بتصاعد شبح “الإسلاموفوبيا” ضد المهاجرين المغاربة

بعدما كان تخوفا، حولت نتائج انتخابات البرلمان الأوروبي صعود اليمين المتطرف في أوروبا لحقيقة سياسية لا يمكن تجاهلها، بعدما أصبح اليمين المتطرف القوة الانتخابية والسياسية الثانية في عديد البلدان الأوروبية، يسبقه فقط يمين الوسط ويليه اليسار بكل أطيافه الاشتراكية والخضراء.
هذا الصعود، بحسب الخبير في إدارة الأزمات وتدبير المخاطر وتحليل الصراع، البراق شادي عبد السلام، سيؤدي إلى تغييرات جوهرية كبرى في السياسة الأوروبية وقد يؤدي إلى تأثيرات سلبية محتملة على الجالية العربية والمغربية.
واستشهد المتحدث على هذه التأثيرات في تصريح لجريدة “مدار21” الإلكترونية، بمعطيات تاريخية، مؤكدا أنه من خلال العديد من التجارب السابقة في السياق الأوروبي بداية ثلاثينيات القرن الماضي، خاصة في غياب رؤية أوروبية موحدة من طرف الأحزاب المعتدلة واليسارية في المشهد السياسي الأوروبي والمجتمع المدني والمنظمات الحقوقية، المطالبة بوقف الزخم اليميني وتصحيح الوضع بشكل يتماشى مع القيم الأوروبية المتوافقة مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان.
ويرى البراق شادي عبد السلام أنه من المنتظر في حالة لجوء بعض الدول إلى انتخابات سابقة لأوانها وطنيا، وحفاظ الأحزاب اليمينية على زخمها السياسي، والذي كان نتيجة مخاوف المواطن الأوروبي من التحديات المرتبطة بالأمن الأوروبي بسبب الحرب الروسية الأوكرانية وانعكاساتها المخيفة والتحديات المناخية المرتبطة بالانتقال الأخضر وكلفته الغالية والهجرة وتهديداتها على النسيج المجتمعي، (من وجهة نظر الأحزاب اليمينية)، أن يكون لذلك تأثيرات على مستوى البرلمان الأوروبي.
ويشير الخبير في إدارة الأزمات وتدبير المخاطر وتحليل الصراع إلى أن أولها سيكون تشديد القوانين والسياسات المتعلقة بالهجرة واللجوء بطرح قوانين تصعب إجراءات الحصول على التصاريح والإقامة للمهاجرين واللاجئين من هذه الجاليات وبشكل خاص الدول الفاشلة أمنيا، مما قد يؤدي إلى زيادة حالات عدم الاستقرار والقلق بين هذه الجاليات وبالتالي زيادة مشاعر عدم الأمان والتمييز العنصري والديني.
وسجل أن حالة عدم الاستقرار هذه ومشاعر عدم الأمان سيؤديان لظهور الجماعات اليمينية المتطرفة مما يعزز مشاعر الخوف والتهديد لدى هذه الجاليات ، لافتا إلى أن هناك مخاوف حقيقية من أن يؤدي تقدم اليمين المتطرف إلى فرض مزيد من القيود على استقبال المهاجرين واللاجئين، وتصاعد الأجواء السلبية تجاه الجاليات العربية والمسلمة.
وأبرز البراق شادي عبد السلام أن السماح لترويج لإيديولوجيا الاستثناء والتمييز وتأجيج وتيرة الإسلاموفوبيا والخطاب المعادي للمهاجرين، بعد صعود اليمين المتطرف، قد يوّلد مخاطر حقيقية على السلم الاجتماعي والتماسك المجتمعي في الدول الأوروبية.
كما ينتظر بحسب الخبير، أن يخلف على مستوى البرلمان الأوروبي، صعوبة في تحقيق التقدم الاقتصادي والاجتماعي “لأنه في ظل هذا المناخ السياسي المتوتر، قد تواجه هذه الجاليات محدودية في الاندماج في سوق الشغل نتيجة تناقص الفرص المتاحة أمامها مما يعيق إمكانية اندماجها الاجتماعي والاقتصادي”.
وأورد في هذا الصدد أن الأحزاب اليمينية تسعى للاستفادة من الاتحاد الأوروبي اقتصاديًا دون المساس بالسيادة الوطنية، “وهذا يشكل تحديًا للبرامج الإصلاحية والتكاملية التي تتبناها المؤسسات الأوروبية”.
ولوقف هذه السيناريوهات “المخيفة”، يعتبر البراق شادي عبد السلام، أن الأحزاب اليسارية والمعتدلة في المشهد السياسي الأوروبي مطالبة ببذل مزيد من الجهود لتعزيز قيم التنوع والشمول والحوار بين الثقافات على مختلف المستويات.
وسجل أن هذه التطورات تطرح تحديات كبيرة أمام مستقبل المشروع الأوروبي المشترك، ولا بد من إيجاد حلول توافقية تتوازن فيها الاعتبارات الوطنية والأوروبية بما يضمن استمرار التكامل والتماسك الأوروبي وذلك لمواجهة هذه التحديات وحماية حقوق وكرامة هذه الجاليات العربية والمغربية في أوروبا وفق القيم الاوروبية المرتكزة على المواثيق الدولية لحقوق الإنسان.