جالية

كفاءات مغربية بألمانيا تضع خبراتها في خدمة اقتصاد وتنمية المغرب

كفاءات مغربية بألمانيا تضع خبراتها في خدمة اقتصاد وتنمية المغرب

التأمت الكفاءات المغربية-الألمانية بمدينة فرانكفورت في إطار المنتدى الاستراتيجي الأول لشبكتها، وهو حدث مؤسس يعكس إصرار الجالية المغربية على الانخراط الفعال في مسلسل التنمية ببلدها الأصلي وتعزيز جسور التعاون مع ألمانيا.

وانعقدت هذه النسخة الأولى (26-27 شتنبر) تحت شعار: “شبكة الكفاءات المغربية-الألمانية: آلية مؤسساتية من أجل مساهمة فعالة في تنمية الوطن”، بمشاركة مسؤولين مؤسساتيين مغاربة، وفاعلين جمعويين، ورجال أعمال، وأكاديميين، وخبراء من المغرب وألمانيا وعدة بلدان أوروبية.

وتضمن برنامج المنتدى، الذي افت تح مساء الجمعة بجلسة للتعارف والتواصل، ندوات وحوارات سلطت الضوء على الدور المركزي لمغاربة العالم، بما يمتلكونه من خبرات وشبكات وموارد، في الدينامية المتواصلة لتحديث المملكة.

ورغم غنى النقاشات، ظل الهدف واضحا: بناء جسور مستدامة وتوفير إطار عملي لانخراط الكفاءات المغربية بألمانيا في دعم التنمية متعددة القطاعات بمختلف جهات المملكة.

وفي هذا السياق، ستكون جهة طنجة-تطوان-الحسيمة رائدة في هذه التجربة المغربية-الألمانية الجديدة، التي وصفها المشاركون بـ “المشروع النموذجي” القابل للتعميم على باقي جهات المملكة.

ولا يقتصر هذا المشروع على نقل خبرات الكفاءات المغربية-الألمانية إلى المغرب واستثماراتهم الخاصة أو قدرتهم على جذب مستثمرين ألمان، بل يشكل أيضا استجابة لتحد تنظيمي يقتضي توحيد جهود الجالية التي كانت في السابق مبعثرة ومتركزة بشكل أساسي على مناطقها الأصلية بالمملكة.

وفي هذا الإطار، شاركت نائبة رئيسة الجهة المكلفة بالتعاون الدولي، رفيعة المنصوري، في المنتدى إلى جانب عدد من الكفاءات المغربية المقيمة بألمانيا، فضلا عن مستثمرين ألمان مهتمين باستكشاف مؤهلات جهة الشمال في مجالي الجاذبية والتنافسية.

وبتنسيق وثيق استمر عدة أشهر، حدد المجلس الجهوي ومؤسسات مغربية أخرى، بتعاون مع الشبكة، عدة مجالات للشراكة، تمهيدا لإعداد مشروع سيتم عرضه قريبا على تصويت أعضاء الجهة قصد اعتماده.

وساهم في هذه المبادرة أيضا كل من ممثلة قطاع المغاربة المقيمين بالخارج بوزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، زبيدة السقاط، وممثل الوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات والصادرات، علي محرز، تأكيدا على الارتباط الوثيق لمغاربة العالم بوطنهم الأم.

وانطلقت أشغال المنتدى بعرض رسالة فيديو للوزير المنتدب المكلف بالاستثمار والتقائية وتقييم السياسات العمومية، كريم زيدان، قبل أن يتم تقديم شهادات شخصية مؤثرة لأعضاء الشبكة حول مبادرات سابقة بالمغرب، وعرض نتائج مجموعات العمل، خصوصا في قطاعات السيارات والطاقات المتجددة والهجرة-الإدماج والطب والصحة.

وأكد زيدان في رسالته الدور الاستراتيجي لمغاربة العالم في دينامية الاستثمار باعتبارهم رافعة للنمو الاقتصادي والتنمية الاجتماعية، مشددا على أن إسهامهم لا يقتصر على تحويل الموارد المالية، بل يشمل أيضا نقل المعارف والخبرات الدولية وبناء الشبكات المهنية.

من جهته، اعتبر رئيس الشبكة، محمد الكرز، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن هذه النسخة الأولى تمثل “منطلقا لإرساء شراكات مستدامة بين جهات المملكة والكفاءات المغربية بألمانيا، وفي ما بعد مع الولايات الألمانية”.

وأوضح أن الشبكة، التي تضم نحو 500 عضوا، تنشط في مجالات متنوعة تشمل الصناعة، وخاصة السيارات والطاقات المتجددة، إلى جانب قطاعات أخرى مثل السياحة، لافتا إلى أن غالبية هذه الكفاءات تنحدر من شمال المغرب، وهو ما يبرر اختيار هذه الجهة لتكون أول شريك استراتيجي للشبكة.

وأضاف أن هذا المسار مرشح للتوسع ليشمل باقي جهات المملكة، بهدف خلق تآزر بين الجهات المغربية الاثنتي عشرة والولايات الألمانية الست عشرة، انسجاما مع إرادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس الرامية إلى تعبئة كفاءات مغاربة العالم وتعزيز مساهمتهم في الاقتصاد الوطني، خاصة من خلال جذب الاستثمارات.

من جانبه، شدد المهندس في قطاع السيارات بأحد المجموعات الألمانية الرائدة ورئيس مجموعة العمل الخاصة بالسيارات داخل الشبكة، عبد الصمد بندحو، على أهمية إعداد الرأسمال البشري بالمغرب للتحول نحو التنقل الكهربائي والتكنولوجيات الجديدة، مع جعل الشباب في صلب هذه الدينامية عبر التكوين ونقل التكنولوجيا.

وأكد أن إسهام خبراء الشبكة في هذا المجال يكتسي أهمية مضاعفة بالنظر إلى أفق سنة 2035 التي ستعرف نهاية السيارات الحرارية داخل الاتحاد الأوروبي، ما يستلزم جهدا مكثفا لتأهيل المهندسين والتقنيين لمواكبة هذا التحول.

وأشار بندحو إلى أن القرب الجغرافي للمغرب من أوروبا يمثل ميزة تنافسية كبرى، شريطة الاستثمار بكثافة في تنمية قدرات الأجيال الصاعدة.

أما رجل الأعمال الألماني والاستشاري في الابتكار التكنولوجي، غوران كيلمن، فأبرز دور الكفاءات المغربية المقيمة بأوروبا في إيجاد حلول مبتكرة بالخارج ونقل خبراتها إلى المغرب، منوها في الوقت ذاته بالخيار الاستراتيجي للمملكة بالاستثمار في الطاقات المتجددة، وما يتيحه من فرص هامة على مستوى شهادات الكربون، بما يعزز التنمية متعددة الأبعاد.

وأعرب عن رغبته في الاستثمار في مجال السياحة الإيكولوجية، الذي يشهد بدوره دينامية موازية للانتقال الأخضر بالمغرب، معتبرا أنه قطاع واعد قادر على استقطاب زبناء ألمان حريصين على السفر المستدام.

وأكد كيلمن أن المغرب يوفر اليوم بيئة ملائمة لخلق أنشطة مستدامة ذات قيمة مضافة عالية، مشيرا إلى أن موقعه المتميز داخل الصناعة السياحية الدولية، الذي تأكد خلال المعرض الدولي للسياحة ببرلين، يشكل دعامة إضافية.

ومن خلال هذا المنتدى، جددت الكفاءات المغربية بألمانيا والمجتمع الاقتصادي المرافق لها ارتباطها الراسخ بالمغرب، مبرزة أن الأمر يتعلق برغبة في رد الجميل للوطن الأم الذي رسخ فيهم قيم العمل وروح المسؤولية التي مكنت هذه الأجيال من إثبات وجودها داخل مجتمعات شديدة التنافسية.

وإدراكا منهم للعناية السامية التي يوليها جلالة الملك لمغاربة العالم، يطمح هؤلاء الشباب، سواء المزدادون بالمغرب أو المنتمون للجيلين الثاني والثالث من أبناء المهاجرين بألمانيا، إلى توظيف خبراتهم وشبكاتهم واستثماراتهم ليكونوا جسرا للمعرفة ورافعة استراتيجية في خدمة مسار التنمية الذي يشهده المغرب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News