أمازيغية

بادو: حصيلة تفعيل صندوق دعم الأمازيغية “معقَّدة” لغياب برنامج واضح

بادو: حصيلة تفعيل صندوق دعم الأمازيغية “معقَّدة” لغياب برنامج واضح

اعتبر الفاعل الأمازيغي والرئيس السابق للشبكة الأمازيغية من أجل المواطنة، عبد الله بادو، أن تقييم حصيلة الحكومة في تفعيل صندوق دعم اللغة الأمازيغية يبقى “معقَّداً” بسبب غياب برنامج واضح ودقيق بأهداف محددة للعموم على الرغم من كون هذا الملف من أبرز التزامات البرنامج الحكومي خلال الولاية الحكومية الحالية.

وانتقد المتحدث ذاته، في حوار أجراه مع “مدار21″، غياب تواصل الحكومة بشكل عام ووزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة التي يقع على عاتقها تفعيل هذا الالتزام طوال نصف الولاية الحكومية الحالية، مشددا على أن ضعف التواصل تجلى في “حجب موقع الصندوق مؤخرا لتعطيل عملية الولوج إليه مما يجعل مهمة تتبع عمله غير متاح لكل الفاعلين المعنيين بالاستفادة منه أو بتتبع وتقييم عمل الصندوق”.

واتهم المتحدث ذاته الحكومة الحالية بأنها “غير جادة في التعاطي مع ملف الأمازيغية ولا توليه الأهمية الضرورية، رغم أن هذا الورش الوطني الهام بصم على تغير جذري في تعاطي الدولة المغربية مع ملف الأمازيغية خلال العقدين الأخيرين”.

وفي ما يلي نص الحوار:

بما أنه من أهم الالتزامات الحكومية التي لم يركز عليها النقاش حول الحصيلة الحكومية المرحلية، كيف تقيمون حصيلة الحكومة في تفعيل صندوق اللغة الأمازيغية؟

أكيد أن إحداث صندوق خاص بتفعيل الطابع الرسمي للغة الامازيغية يعتبر من أهم التزامات الحزب القائد للائتلاف الحكومي الحالي، وقد حرصت الحكومة على إحداثه في أول سنة من فترتها الانتدابية الحالية حيث خصصت له ميزانية تقدر ب 200 و300 مليون درهم خلال السنتين الأوليين، ولكن دون التصريح ببرنامج عمل واضح ودقيق بأهداف دقيقة ومعلنة للعموم، مما يجعل تقييم ومواكبة عمله وحصيلته مهمة صعبة ومعقدة، لغياب الأهداف والالتزامات والإجراءات والتدابير ومعايير ومؤشرات قياس المنجز وفق الأجندة التي تضعها الهيئة المكلفة بتدبير الصندوق، خاصة أن الحكومة الحالية ووزارة الانتقال الرقمي وتحديث الإدارة وهي المكلفة بتدبير الصندوق لا تُصدر تقارير أو بلاغات تقدم فيها حصيلة التزاماتها بوضوح أو حصيلة الصندوق السنوية.

يُفهم من كلامكم أن هناك أزمة تواصل بخصوص هذا الملف؟

صحيح، فبالإضافة إلى ضعف تواصل الحكومة والوزارة المكلفة بتدبير الصندوق هناك إشكالات أخرى مرتبطة بالأرقام التي تعلنها الحكومة بخصوص حصيلة نصف ولايتها الانتدابية، حيث تغييب المعطيات ذات الصلة بعمل الصندوق ومدى تقدم الأوراش المسندة للوزارة المعنية.

وتحريا للدقة في الموضوع، بحثنا عن الوثائق والمعطيات التي توفرها مواقع الحكومة والوزارة المعنية واتصلنا بمن يمكن أن يمدنا ببعض المعطيات بخصوص الموضوع، إلا أننا لم نتوصل إلى أي معلومة يمكن أن تساعدنا على التعرف على منجز الحكومة والوزارة في هذا الموضوع، كما أن موقع الصندوق غير مفعل وغير محين وهو ما تأكدت منه بعد تصفحه يومه السبت 01 يونيو 2024 على الساعة 14 بعد الزول.

بناء على هذه المعطيات، هل تشككون في جدية تعاطي وزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة والحكومة بشكل عام مع تفعيل صندوق دعم الأمازيغية؟

لا أظن أن الوزارة المعنية جادة في تعاطيها مع الملف من خلال الاطلاع على موقع الصندوق وموقع الوزارة المعنية، حيث يمكن رصد العديد من الاختلالات والتقصير في تفعيل الصندوق كآلية للدفع بتنزيل مقتضيات القانون التنظيمي 16-26 الخاص بتفعيل الطابع الرسمي للغة الامازيغية بالنظر لمجموعة من المؤشرات منها:

عدم إعداد مخطط مندمج لتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية وفق التصور الذي يحدده القانون التنظيمي 16-26، خاصة أن الحكومة الحالية تخلت عن المخطط الذي أعدته الحكومة السابقة دون الحرص على تحيينه أو تغييره بما يتماشى مع سياسة واستراتيجية الحكومة الحالية ذات الصلة بتدبير ملف الأمازيغية، والاكتفاء بالقول، في ظل غياب وثيقة تبرز خطة وبرنامج الحكومة في هذا المجال، مما يجعل التزامات الحكومة موسومة بالضبابية والغموض.

الاختلال الثاني يتمثل في غياب خطة تواصلية للوزارة المعنية لشرح آليات وإجراءات تفعيل الصندوق، رغم أن القانون المنظم لعمل الصندوق ينص على مجموعة من الإجراءات والتدابير في هذا المجال، والدليل أن موقع الصندوق تم حجبه مؤخرا لتعطيل عملية الولوج إليه مما يجعل مهمة تتبع عمله غير متاح لكل الفاعلين المعنيين بالاستفادة منه أو بتتبع وتقييم عمل الصندوق، وهذه مفارقة عجيبة، فكيف يمكن لوزارة ستسهر على رقمنة الإدارة وتحديثها أن تقوم بهذه المهمة وهي غير قادرة على تدبير موقع إليكتروني؟

المشكل الثالث الذي رصدناه تمثل في تغيير المرسوم الخاص بالصندوق والذي ساهم في إغراق الصندوق باختصاصات جديدة كتحديث الإدارة ورقمنتها، مما يجعل محور استعمال الأمازيغية محورا ثانويا في اختصاصات الصندوق، ويبرز ذلك في تخصيص مليار ونصف برسم قانون ميزانية السنة الحالية 2024 دون توضيح حجم الاعتمادات المخصصة للأمازيغية.

أما الاختلال الرابع فهو عدم التزام الوزارة المعنية بتطبيق مضامين المرسوم رقم 2.23.245 الصادر في 8 ماي 2023 والمتعلق بتحديد أشكال وكيفيات دفع المبالغ وتقديم الدعم من صندوق تحديث الإدارة العمومية ودعم الانتقال الرقمي واستعمال الأمازيغية، وخاصة المادة 2 والتي تنص على أن السلطة الحكومية المكلفة بالانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، ستُعِدُّ بتنسيق مع السلطة الحكومية المكلفة بالمالية، برنامج العمل السنوي للصندوق بناء على التوجهات الاستراتيجية المندرجة ضمنها العمليات المتعلقة بتحديث المرافق العمومية والتحول الرقمي واستعمال اللغة الأمازيغية، وأنه يمكن تحيين هذا البرنامج خلال السنة.

بمعنى أن إحداث صندوق للأمازيغية ظل حبيس النوايا وأن الإجراءات لم تكن ذات أثر ملموس؟

نعم والدليل على ذلك هو أنه لم يسبق للوزارة أن أعلنت عن فتح باب تلقي الطلبات عبر المنصة الإلكترونية للصندوق في إطار المحاور ذات الأولوية، حسب المجالات الواردة في برنامج العمل السنوي المشار إليه في المادة 2 أعلاه، سواء بالنسبة للقطاعات الوزارية أو المؤسسات بخصوص المشاريع والعمليات التي تعتزم القيام بها، أو بالنسبة للجماعات الترابية والمؤسسات أو المقاولات العمومية في ما يتعلق بطلبات الاستفادة من الدعم بخصوص هذه المشاريع، وحتى بالنسبة للقطاع الخاص، والجمعيات، والتعاونيات، ومؤسسات ومعاهد التكوين التي نص المرسوم على أنا تُلقي طلبات الترشيح للاستفادة من دعم الصندوق بخصوص المشاريع والعمليات التي من المزمع القيام بها.

كما أن الوزارة المعنية لم تحدد، إلى حدود الساعة، وفق ما تنص عليه المادة 3 من المرسوم،  معايير وشروط دراسة المشاريع والعمليات المقترحة للاستفادة من دعم الصندوق بقرار مشترك مع السلطة الحكومية المكلفة بالانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة والسلطة الحكومية المكلفة بالمالية حسب مجالات ومحاور ذات الأولوية القابلة للدعم.

ألا يسيء هذا التماطل إلى الخطابات الرسمية التي تدعو تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية؟

من خلال المعطيات المتوفرة حول صندوق اللغة الأمازيغية، أظن أن الحكومة الحالية غير جادة في التعاطي مع ملف الأمازيغية بشكل عام ولا توليه الأهمية الضرورية، رغم أن هذا الورش الوطني الهام بصم على تغير حذري في تعاطي الدولة المغربية مع ملف الأمازيغية خلال العقدين الأخيرين، مما يدعونا إلى التشكيك في إرادة الدولة في المضي قدما من أجل ترصيد ورسملة المكتسبات التي تحققت في هذا الورش من قبيل إدماج الامازيغية في المنظومة التعليمية الوطنية، وتطوير الإعلام الناطق بالأمازيغية وإدراج الأمازيغية في التشوير الطرقي والإدارات العمومية، وإحداث خدمات التواصل والإرشاد بالأمازيغية في عدد محدود من الإدارات والمرافق العمومية، إلا أن الملاحظ الآن هو أن هذه الدينامية عرفت خفوتا وانتكاسة مع الحكومة الحالية، مما يسير في الاتجاه المعاكس للخطابات والشعارات التي تروج لها الحكومة منذ توليها تدبير الشأن العام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News