فن

العسري: أصالح الجمهور بـ”مروكية حارة” والقناة الثانية ساهمت بـ”تبليد الشعب”

العسري: أصالح الجمهور بـ”مروكية حارة” والقناة الثانية ساهمت بـ”تبليد الشعب”

قال المخرج هشام العسري إنه اختار هذه المرة من خلال فيلم “مروكية حارة”، الذي ينافس في القاعات السينمائية، مصالحة الجمهور المغربي بتقديم فيلم يجمع بين الكويميديا السوداء والساركازم، بنوع آخر من الأفلام التي لا تنتمي إلى سينما المؤلف وفي الوقت ذاته لا تنتمي إلى الأفلام الكوميدية السطحية التي يُعتمد عليها في السينما، بعد سلسلة من الأفلام التي عدها البعض “معقدة في الفهم”، في ظل مساهمة التلفزيون “في رفع منسوب غباء الشعب”، ما يجعله غير قادر على الإقبال على أفلام ثقيلة.

وأضاف العسري في تصريح لجريدة “مدار21” أن هذا الفيلم لم يأت من العدم، إنما هو استمرار للمشروع الذي اشتغل عليه في السابق رفقة فدوى الطالب في “بيصارة أوفر دوز” الذي كان تجربة رقمية في الأنترنت في 2016 ولقي إقبالا كبيرا، إلى جانب خلقه الجدل بين مؤيد ومعارض لفكرته.

ويحاول العسري في هذا الفيلم إبراز “شخصية تعيش أسوأ يوم في حياتها في قالب كوميدي ساخر يحمل الكثير من الساركازم والمشاهد الكوميدية بمغزى، مشيرا إلى أن الفليم فيه جوانب قاسية تدفع بالمجتمع إلى مشاهدة أشياء خفية.

ولم يفضل المخرج ذاته الاعتماد على الكلام النابي والعري واللقطات الجنسية في عمله، إنما اختار أن يكون فيلما عائليا، يتحدث عن ظواهر نريد معرفتها أو تلك التي لا نريد مشاهدتها والتعامل معها.

ويرى أن فدوى الطالب شكلت إضافة كبيرة للفيلم لكونها تتوفر على قدرات عالية في الكوميديا والتراجيديا، إلى جانب الممثل صلاح بن صلاح الذي يعتبره “أسطورة في التمثيل، ولو أنه لا يتم تقدير موهبته في المغرب من قبل المخرجين وكتاب السيناريو، ومالك أخميس، وأيوب أبو النصر، ومونية لمكيمل، وكرم العمراني، وعمي إدريس، الذي حاول إشراكه باعتباره أيقونة في طفولة أجيال، مبرزا أنه حاول المزج بين ألوان كوميدية مختلفة بتوظيف أحداث سريعة بإيقاع عال”.

ويشير إلى أنه “من المهم في نهاية الفيلم ألا يغادر الجمهور القاعات السينمائية دون أفكار، إنما يجب أن يغادرها، وهو يتساءل حول الهدف من الفيلم دون الاعتماد على الرسائل لأن الرسائل تعد مدرسية، بينما الهدف هو الإحساس الكوميدي والدرامي ومرافقة مسار شابة لساعة و23 دقيقة، سيما أن هناك عدد من الشباب الذين نحكم عليهم ولا نهتم لأمرهم، وهم ليسوا ضحايا، بل يحاولون الكفاح لإيجاد حياة جميلة”.

وقال العسري إن هذا الفيلم يعد السابع في مساره الإخراجي، ولم يعد المخرج الشاب كما كان يطلق عليه، ويجد أنه حان الوقت ليتصالح مع المجتمع المغربي، الذي كان يعتبر أفلامه، أفلام سينما المؤلف، قاسية وصعبة ويعتبرها البعض غير مفهومة بحوارات قليلة دون موسيقى.

وأضاف في السياق ذاته: “هي كليشيهات سمعتها خلال العشر سنوات الأخيرة التي اشتغلت فيها على أفلامي، ودائما ما كنت أسمع هذه الملاحظات، لكون البعض لا يريد أن يبذل مجهودا في الفهم، واعتاد مشاهدة سامحيني وبعض الأعمال الهابطة في القناة الثانية التي تساهم في تبليد الشعب، ولا تحقق أي استفادة”.

وتابع: “حينما نحكي عن أشياء من واقعنا تعكس هويتنا بطريقة إبداعية، فالبعض لا يريد بذل الجهد لفهمها، ما فتح الباب لتقديم أفلام تلفزية في السينما، فيها الضحك أو ما يسمى بالحموضة، دون تقديم بأفكار، لكنني هذه المرة اخترت أن أتصالح مع الجمهور المغربي وأصنع فيلما أقرب إلى الكوميديا، مع الهروب من التهريج، إذ حاولت أن أشتغل على كوميديا الصمت، وهو مقترح قد يعجب الجمهور أو لا يعجبه، فالفكرة أننا لا نحتاج إلى النظر إلينا كضحايا”.

واسترسل قائلا: “يجب التخلي أيضا عن مسألة الدفاع المبالغ فيه عن المرأة لأن هذا الأمر أصبح حيطا قصيرا وتم وضعها في خانة الضحية في المجتمع، أو نظهرها في قالب القوية والتي بلغت مراتب مهمة، وتغفل أن هناك نساء مغربيات مكافحات تشتغلن في المنازل وتعملن في خدمات بسيطة، إذ إن هذا لا يمنع أنهن بطلات الواقع رغم قساوة الحياة، فهن معيلات، والفيلم رسالة حب لهن”.

ويصر العسري على أنه “في السينما لا يجب أن يتم تمرير رسائل بل يجب تقديم تجارب إنسانية متخيلة، وليس بالضرورة تقديم الدروس، فالسينما يجب أن تكون مثل كتاب نسافر فيه في رحلة، غير أن هذا لا يعني أن هناك طريقة واحدة في السينما، إذ هناك العديد من الأصناف”.

ويرى العسري أيضا أنه ليس من الضروري أن يكون التلفزيون موضعا لتمرير الرسائل، رغم أنه يتقيد بطقوس الضيافة وإقتحام المنازل واحترام العائلات، إذ نحاول أن نجمع الناس كلها، بينما تعد السينما اختيارا، ولا يمكن المقارنة بينهما ولو أنهما عبارة عن صورة وصوت وممثلين لكنهما يختلفان.

وتابع: “لذلك تكون الكتابة لصاح التلفزيون ضعيفة ومبنبة على الحوارات، بدون إبداع في الإخراج، بينما السينما تعد عملا فنيا أكثر مما هو عمل حكائي”.

وواصل حديثه قائلا: “مانزال في تلفزيون بمجهوداتها الكبيرة وعدد المتابعين الذي يصل الملايين، مقيدين بالجانب المحافظ، مما يطرح الأفكار نفسها وأحيانا المواضيع نفسها في مسلسلات مختلفة، وبديكور مشابه وشخصيات ذاتها”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News