دولي

عزّز صلاحياته وأضعف الحكومة.. هل يحوّل سعيّد نظام الحكم بتونس لرئاسي؟

عزّز صلاحياته وأضعف الحكومة.. هل يحوّل سعيّد نظام الحكم بتونس لرئاسي؟

أعلن الرئيس التونسي، قيس سعيّد، أمس الأربعاء، تدابير تعزز صلاحياته على حساب الحكومة، وتتيح له إصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، ما يزيد إمكانية انتقال البلاد نحو نظام رئاسي عبر “تعديل دستور” 2014 مثلما أشار سابقا.

ونُشرت التدابير في الجريدة الرسمية، أمس الأربعاء، بعد حوالى شهرين من إعلان سعيّد تجميد أعمال البرلمان وإقالة رئيس الحكومة، هشام المشيشي، وتولي السلطات في البلاد بنفسه، مستندا في ذلك إلى الفصل 80 من الدستور.

وأثار الإعلان تنديد حزب النهضة ذي المرجعية الاسلامية، الذي كان صاحب الغالبية في المجلس التأسيسي الذي وضع دستور 2014، ونص على تركيز السلطة التنفيذية لدى الحكومة وإعطاء الرئيس صلاحيات محدودة في مجالي الدفاع والخارجية.

كما ظهرت تدوينات في مواقع التواصل الاجتماعي تعبّر عن مخاوف إزاء مسار الديمقراطية في مهد انتفاضات “الربيع العربي”.

وكان الحزب الإسلامي اعتبر سابقا قرارات سعيّد التي أعلنها في 25 يوليوز “انقلابا على الثورة والدستور”.

الإجراءات التي نشرت الأربعاء في الجريدة الرسمية هي تدابير لتنظيم السلطتين التنفيذية والتشريعية وتتألف من 23 فصلا.

وجاء في الفصل الرابع منها “يتم إصدار القوانين ذات الصبغة التشريعية في شكل مراسيم يختمها رئيس الجمهورية”.

في حين جاء في الفصل الثامن منها “يمارس الرئيس السلطة التنفيذية بمساعدة حكومة يرأسها رئيس الحكومة” و”تتكون الحكومة من رئيس ووزراء وكتّاب دولة يعيّنهم رئيس الجمهورية”.

والسلطة التنفيذية أساسا في يد الحكومة ومسؤولة أمام البرلمان بموجب دستور 2014، لكن سعيّد أعلن أنها ستكون مسؤولة أمام رئيس الجمهورية.

ونشرت الرئاسة التونسية بيانا أوضحت فيه مواصلة تعليق جميع اختصاصات مجلس نواب الشعب، ومواصلة رفع الحصانة البرلمانية عن جميع أعضائه، ووضع حد لكافة المنح والامتيازات المسندة إليهم.

وأبقى سعيّد في الإجراءات التي أصدرها الأربعاء “العمل بتوطئة دستور 2014 وبالبابين الأول والثاني” فقط، وألغى الهيئة المؤقتة لمراقبة دستورية القوانين.

وخصص الباب الأول والثاني من الدستور للمبادئ العامة والحقوق والحريات التي شدّد سعيّد مرارا في خطاباته على أنّه لن يتم المساس بها.

بالإضافة إلى ذلك، سيتولى سعيّد، الذي انتخب عام 2019 “إعداد مشاريع التعديلات المتعلّقة بالإصلاحات السياسية بالاستعانة بلجنة يتم تنظيمها بأمر رئاسي”، وذلك بهدف “تأسيس نظام ديمقراطي حقيقي يكون فيه الشعب بالفعل صاحب السيادة ومصدر السلطات ويمارسها بواسطة نواب منتخبين أو عبر الاستفتاء”، بحسب ما جاء في نص الأمر الرئاسي.

كما صارت لسعيّد حصرا صلاحيات الإعفاءات والتعيينات في الوظائف العليا في الدولة ولم يعد مجبرا كما كان عليه الأمر بالمرور بمصادقة البرلمان.

وردا على القرارات، قال القيادي وعضو المكتب التنفيذي لحركة النهضة، محمد القوماني، إن “الرئيس وضع في الحقيقة تنظيما مؤقتا للسلطات وهو عبارة عن دستور جديد وصغير وبذلك ينتقل الرئيس من شبهة الانقلاب وخلاف حول خرق الدستور يوم 25 يوليوز إلى الانقلاب السافر على دستور 2014”.

وأكد القوماني لوكالة “فرانس برس” رفض حزبه للقرارات لأن الرئيس “يضع نفسه في موضع الحكم الفردي المطلق ويدفع بتونس إلى منطقة المخاطر العالية”.

بدوره، اعتبر القيادي في حركة النهضة، سمير ديلو، في تدوينة على صفحته في موقع “فيسبوك” أن “تونس انتقلت من الحكم الديمقراطي إلى الحكم الفردي المطلق ومن السلطة الشرعية إلى سلطة الأمر الواقع”.

وسعيّد، أستاذ قانون دستوري ويقدم نفسه منذ دخوله في خلافات على الصلاحيات مع البرلمان والحكومة على أنّه المؤول الأول للدستور في ظل غياب المحكمة الدستورية التي لم ينه البرلمان انتخاب أعضائها بسبب تجاذبات سياسية.

ودائما ما يشدّد سعيّد في خطاباته على أن قراراته “نابعة من الشعب”، مستندا في ذلك إلى شعار “الشعب يريد”، أحد أهم الشعارات التي رفعت في ثورة 2011 التي أطاحت بنظام الرئيس الأسبق، زين العابدين بن علي.

وكان سعيّد أعلن، الإثنين الماضي، أنّه سيكلّف رئيس حكومة جديدا لكنّه سيبقي على الإجراءات الاستثنائية التي أقرّها منذ حوالى شهرين وجمّد بموجبها عمل السلطة التشريعية ومنح نفسه صلاحيات واسعة.

وينتقد مراقبون وحقوقيون القانون الانتخابي الذي أفرز في الانتخابات النيابية في العام 2019 برلمانا بكتل صغيرة ومشتّتة وتوجهات سياسية مختلفة ما أثّر على عمله لاحقا، وخصوصا في التوافق على المصادقة على القوانين.

ولقيت القرارات التي أصدرها سعيّد في 25 يوليوز ترحيبا من شريحة واسعة من التونسيين، وقد خرج كثيرون منهم للاحتفال ولا سيّما بعد فرض منع السفر أو الإقامة الجبرية على العديد من المسؤولين السابقين والسياسيين ورجال الأعمال، فضلا عن توقيف وملاحقة نواب في البرلمان قضائيا بعد أن رُفعت عنهم الحصانة النيابية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News