التخليق قولا..العبث فعلا
![التخليق قولا..العبث فعلا](https://madar21.com/wp-content/uploads/2021/12/61cb933439f20-1024x576.jpg)
عاد التخليق كمصطلح ليصبح مفتاح الخطاب في كثير من اللقاءات الحزبية و تصريحات بعض قادة الاحزا ، منذ الرسالة التي وجهها جلالة الملك للبرلمان بمناسبة الندوة المخلدة للذكرى الستين لتأسيسه، و التي أكد فيها على ضرورة تخليق الحياة البرلمانية و العمل على الرفع من جودة النخب البرلمانية و المنتخبة.
وعاد المصطلح بقوة في العناوين المؤطرة للمؤتمرات و الأنشطة الحزبية، بشعارات هاجسها التعبير عن حسن إلتقاط الرسالة، و السعي إلى تفعيلها على أرض الواقع، و الواقع لمن يحسن قراءة ما يحدث يظل لصيقا بالقول و القدرة على لوك الكلمات دون مقدمات التغيير، كما لو أن الواجب ينحصر في التنويه بمضمون الرسالة الملكية، ثم بعدها لكل حديث حديث، و لكل فعل ألف طريق.
و لأن للطرق السيارة حينا منعرجات حبلى بالحفر أو حتى متاهات حينا آخر ، فقد صار الفعل ، في علاقة بالتخليق ، مرآة لعبث يفضح حقيقة واقع سياسي و حزبي يثير الاشمئزاز ، و يبعث على النفور و انعدام الثقة، هل هو أمر وليد اليوم ؟ هل هو مسؤولية الاحزاب وحدها ؟ أم هي الدولة نفسها ساهمت منذ عقود في هذا الذي نعيشه ؟
لا شك الأمر مرتبط بتراكمات، و بضعف بين في منسوب الوطنية لدى البعض، حتى من موقع المسؤولية أو القيادة، أي من يفترض فيهم وصف رجالات الدولة، ضعف محكوم بعقلية الأنا و منطق اغتنام الفرصة قبل تحولها لغصة، و الرغبة المفضوحة في التشبث بالموقع، بعيدا عن حاجة المجتمع و الدولة لعقليات جديدة، و لواقع التداول كمدخل من مداخل التغيير ..
التخليق قولا و العبث فعلا ، هذا هو الواقع ، و هذا ما يستوجب لتجاوز ذلك، و في سياق التفعيل الحقيقي لروح الرسالة الملكية، الانكباب العملي على وضع أسس و قواعد قانونية جديدة للحياة السياسية ببلادنا ، تتجاوز بالأساس الثغرات القائمة، بدءا من القانون التنظيمي للاحزاب السياسية ، مرورا بالقوانين التنظيمية المتعلقة بمجلس النواب و مجلس المستشارين و الجهات و الاقاليم و المجالس الترابية.
و كل ذلك بمنطق الإصلاح بعيدا عن التنازلات اللصيقة بالبحث عن التوافق و الاجماع، ذلك أن الوضع مرتبط في مجمله بقواعد تكمل بعضها البعض، سواء ما يتعلق بالديمقراطية الداخلية داخل الأحزاب ، التداول على القيادة، الوضوح في المواقف، التزكيات المرتبطة بالاستحقاقات الانتخابية، المسؤوليات بالمؤسسات الدستورية و مؤسسات الحكامة.
و حتى الإعلام الرسمي الذي لا يخجل من تكرار نفس الأوجه من هذا الحزب و ذاك منذ أكثر من عقدين من الزمن، قواعد تجعل من عملية التخليق و تجويد النخب ليس مجرد شعارات محصورة في قاعات مغلقة ، و لكن بسلوك محكوم بمنطق دولة المؤسسات، و وفق قواعد ديمقراطية واضحة، تتحدد فيها المسؤوليات و تتعاطى معها الجهات المختصة، سواء وزراة الداخلية ، أو القضاء بكثير من التقيد بالنص المؤطر و المنظم للحياة السياسية و ما يرتبط بها ببلادنا.
هو أمل إذن أو لربما حلم ، في ظل تداعيات التقرير الأخير للمجلس الاعلى للحسابات ، الذي زاد طين التوجس بلة، ووضع الكثير من الشعارات أمام سواد الممارسة، الأمر الذي لا شك يستحق وحده وقفة كبرى في مسار التخليق، لنا في ذلك حديث آخر