رأي

التخليق قولا..العبث فعلا

التخليق قولا..العبث فعلا

عاد التخليق  كمصطلح ليصبح مفتاح الخطاب في كثير من اللقاءات الحزبية و تصريحات بعض قادة الاحزا ، منذ الرسالة التي وجهها جلالة الملك للبرلمان بمناسبة الندوة المخلدة للذكرى الستين لتأسيسه، و التي أكد فيها على ضرورة تخليق الحياة البرلمانية و العمل على الرفع من جودة النخب البرلمانية و المنتخبة.

وعاد المصطلح بقوة في العناوين المؤطرة للمؤتمرات و الأنشطة الحزبية، بشعارات هاجسها التعبير عن حسن إلتقاط الرسالة، و السعي إلى تفعيلها على أرض الواقع، و الواقع لمن يحسن قراءة ما يحدث يظل لصيقا بالقول و القدرة على لوك الكلمات دون مقدمات التغيير، كما لو أن الواجب ينحصر في التنويه بمضمون الرسالة الملكية، ثم بعدها لكل حديث حديث، و لكل فعل ألف طريق.

و لأن للطرق السيارة حينا منعرجات حبلى بالحفر  أو حتى متاهات حينا آخر ، فقد صار الفعل ، في علاقة بالتخليق ، مرآة لعبث يفضح حقيقة واقع سياسي و حزبي يثير الاشمئزاز ، و يبعث على النفور و انعدام الثقة، هل هو أمر وليد اليوم ؟ هل هو مسؤولية الاحزاب وحدها ؟ أم هي الدولة نفسها ساهمت  منذ عقود  في هذا الذي نعيشه ؟

لا شك الأمر مرتبط بتراكمات، و بضعف بين في منسوب الوطنية لدى البعض، حتى من موقع المسؤولية أو القيادة، أي من يفترض فيهم وصف رجالات الدولة، ضعف محكوم بعقلية الأنا و منطق اغتنام الفرصة قبل تحولها لغصة، و الرغبة المفضوحة في التشبث بالموقع،  بعيدا عن حاجة المجتمع و الدولة لعقليات جديدة، و لواقع التداول كمدخل من مداخل التغيير ..

التخليق قولا و العبث فعلا ، هذا هو الواقع ، و هذا ما يستوجب  لتجاوز ذلك، و في سياق التفعيل الحقيقي لروح الرسالة الملكية، الانكباب العملي على وضع أسس و قواعد قانونية جديدة للحياة السياسية ببلادنا ، تتجاوز بالأساس الثغرات القائمة، بدءا من القانون التنظيمي للاحزاب السياسية ، مرورا بالقوانين التنظيمية المتعلقة بمجلس النواب و مجلس المستشارين و الجهات و الاقاليم و المجالس الترابية.

و كل ذلك بمنطق الإصلاح بعيدا عن التنازلات اللصيقة بالبحث عن التوافق و الاجماع،  ذلك أن الوضع مرتبط في مجمله بقواعد تكمل بعضها البعض، سواء ما يتعلق بالديمقراطية الداخلية داخل الأحزاب ، التداول على القيادة، الوضوح في المواقف، التزكيات المرتبطة بالاستحقاقات الانتخابية، المسؤوليات بالمؤسسات الدستورية و مؤسسات الحكامة.

و حتى الإعلام الرسمي الذي لا يخجل من تكرار نفس الأوجه من هذا الحزب و ذاك منذ أكثر من عقدين من الزمن، قواعد تجعل من عملية التخليق و تجويد النخب ليس مجرد شعارات محصورة في قاعات مغلقة ، و لكن بسلوك محكوم بمنطق دولة المؤسسات، و وفق قواعد ديمقراطية واضحة، تتحدد فيها المسؤوليات و تتعاطى معها الجهات المختصة، سواء وزراة الداخلية ، أو القضاء بكثير من التقيد بالنص المؤطر و المنظم للحياة السياسية و ما يرتبط بها ببلادنا.

هو أمل إذن أو لربما حلم ، في ظل تداعيات التقرير الأخير للمجلس الاعلى للحسابات ، الذي زاد طين التوجس بلة، ووضع الكثير من الشعارات أمام سواد الممارسة، الأمر الذي لا شك يستحق وحده وقفة كبرى في مسار التخليق، لنا في ذلك حديث آخر

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News