سياسة

“عصيان” بنكيران ضد المدونة.. “غنيمة” انتخابية وبحث عن “زخم مفقود”

“عصيان” بنكيران ضد المدونة.. “غنيمة” انتخابية وبحث عن “زخم مفقود”

كثف حزب العدالة والتنمية وأمينه العام، عبد الإله ابن كيران، من الخرجات المتركزة حول موضوع تعديلات مدونة الأسرة، والتي تطورت إلى “مهاجمة” المجلس الوطني لحقوق الإنسان ومسؤولين بأحزاب سياسية لديها طرح مخالف لتصور “حزب الإسلاميين” عكستها المذكرات المقدمة للهيئة المكلفة بمراجعة المدونة.

ولم يدخر حزب “البيجيدي” جهدا في مهاجمة “الصف الحداثي” بخصوص تعديلات المدونة، حتى أن زعيمه دعا المغاربة إلى “مسيرة مليونية”، رغم أن هيكلة هيئة مراجعة المدونة تضمن التوازن داخلها واستمعت لكل الأطراف، وهذا ما أقره مصطفى الرميد، وزير العدل الأسبق.

وتطرح “مبالغة” حزب العدالة والتنمية في التركيز على نقاش مدونة الأسرة تساؤلات حول ما إن كان الأمر مرتبطا بـ”تخوفات مشروعة” بخصوص تعديلات تمس الأسرة المغربية، أم أن الأمر مرتبط بتوظيف سياسي للموضوع من طرف حزب فقد كثيرا من رصيده السياسي خلال انتخابات الثامن من شتنبر، التي هوَت به إلى الرتبة الثامنة في ترتيب القوى السياسية المغربية، بعد أن كان في الصدارة.

عبد الرحيم العلام، أستاذ القانون الدستوري وعلم السياسة بجامعة القاضي عياض بمراكش، لم يستبعد، في تصريح لجريدة “مدار21″، حضور المستويين معاً في تأويل السلوك السياسي لحزب العدالة والتنمية، رغم تأكيده صعوبة الجزم “في النوايا لكن يبقى كل شيء واردا”.

حزب سياسي بطابع ديني

ويرى العلام أنه من جانب، يوجد لدى حزب العدالة والتنمية هواجس وتخوفات من أن تطال تعديلات مدونة الأسرة أمورا تدخل، بالنسبة إليهم كإسلاميين، في صميم العقيدة، ذلك أن الدفاع عن العقيدة هي الأساس الذي وُجدوا من أجله لأن إسلاميي المغرب لم تأتِ بهم في البداية رغبة الدخول في إصلاحات اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية، وإنما الدفاع عن الشريعة والتدافع داخل المؤسسات لأجل عدم الإضرار بما يعتبرونه نصوصا دينية قطعية.

ويضيف العلام مسترسلا “لهذا نجد الإسلاميين لا يتعاطون مع القضايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية بنفس القوة والحدة مقارنة بتعاطيهم مع قضايا هوياتية أو دينية، التي يلجؤون خلالها، ليس فقط إلى التهديد، بل إلى مسيرات واحتجاجات”، مشيرا إلى أن البيجيدي “حزب سياسي لكن يغلب عليه الاهتمام بما هو ديني”.

“ضمانات” خلف تصعيد “البيجيدي”

ومن جهة ثانية، ذهب العلام إلى أن الوجه الثاني من العملة يبقى واردا، مفسرا بأن حزب العدالة والتنمية “لا ينبري إلى الدفاع عن قضايا إلا إذا أيقن بوجود زبائن مجتمعيين يوافقونه الرأي، ولا يهدد بالتصعيد إلا إذا آنس في نفسه قوة وفي المجتمع اشتراكا معه، وأيضا أن المؤسسات الرسمية الدينية منها من يؤيد طرحه”.

ويتابع أستاذ القانون الدستوري وعلم السياسة أن حزب العدالة والتنمية “لا يدخل في صراع مباشر مع السلطة إلا إذا تأكد له أن مؤسسات دينية داخل الدولة تساند طرحه، خاصة وأن هذه المؤسسات قد لا تستطيع المجاهرة برفض المضامين المُراد تعديلها، وصمتها يُمكن أن يوحي للبيجيدي بأنه مسنود من طرف هذه المؤسسات”.

الإسلاميون و”الزخم المفقود”

ويضيف المتحدث نفسه أن هذا النقاش “فرصة أيضا للحزب ليُعيد زخمه المفقود”، مشيرا إلى أن “السقطة الكبيرة التي حدثت للحزب في 8 شتنبر جعلت العديدين يعتقدون بنهاية العدالة والتنمية، لكن هذا الأمر خاطئ؛ لأن كون البيجيدي حزبا هوياتيا فذلك يتيح عودته للمشهد في أي قضية على بساطتها، إذ يمكن للناس الذين عاقبوه انتخابيا لأسباب مختلفة أن يتجاهلوا إضرار الحزب بقضاياهم مقابل أن يُدافع عن قضية معينة، مثل ما يحدث اليوم بخصوص المدونة”.

وأبرز أستاذ علم السياسة بأن القضايا التي تتناولها مدونة الأسرة هي “قضايا خلافية، ليس داخل الأحزاب السياسية والسلطة فقط، بل في المجتمع ككل، وداخل الأسرة نفسها، مما يجعل كل جهة تؤيد سياسيا من يمثل الناطق الرسمي باسمها”.

هذا الأمر دفع العلام إلى التأكيد أن أحزاب مثل العدالة والتنمية “قد تسقط انتخابيا لكن من الصعب القول إنها مثل باقي الأحزاب المفتقرة للعقائد والتي يمكن أن تسقط وتنتهي”، لافتا إلى أن “هذه فرصته لتجديد دمائه”.

ويسترسل المتحدث أن الحزب أيضا “كانت لديه مشاكل داخلية، ذلك أن جزءا مهما من حركة التوحيد والإصلاح لم يصوت للحزب في الانتخابات السابقة، كما ان أعضاء لم يرغبوا في الترشح ضمن لوائح الحزب، وبهذه المواقف فالحزب يعيد تحسين علاقته بإسلامييه، خاصة في الحركة”.

البيجيدي و”غنيمة” المدونة

وصعّد حزب العدالة والتنمية في خطابه بخصوص المدونة رغم اشتمال الهيئة المكلفة بالمراجعة على تركيبة متوازنة ستسهر على إعداد مذكرة لرفعها أمام أنظار الملك بصفته أميرا للمؤمنين من أجل الحسم بشأنها، ذلك أن الحزب لم ينتظر المخرجات وبدأ في التلويح بالاحتجاج.

بهذا الخصوص، يرى أستاذ علم السياسة بأن العدالة والتنمية لديه العلم بأن مدونة الأسرة لا يُمكن أن تتجاوز سقوفا معينة؛ مثل إباحة الإجهاض أو المساواة الكاملة في الإرث أو غيرها، ليس بسبب قوته كحزب، بل بسبب المحافظة الموجودة داخل الدولة نفسها”.

ويبرز المتحدث نفسه أن العدالة والتنمية رغم ذلك “لا يمكنه الارتكان إلى هذا الشعور بالاطمئنان إلى سقف التعديلات”، مضيفا أن الحزب “ربما يعتقد بأن صوته مطلوب لإحداث توازن داخل المجتمع وتقوية الطابع المحافظ الموجود داخل الدولة”.

وجانب آخر، يردف عبد الرحيم العلام، بأن حزب العدالة والتنمية، عندما تخرج الصيغة النهائية للمدونة، سيرغب في أن يقال إن صوته كان قويا ولذلك جاءت التعديلات بهذا السقف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News