مجتمع

دعوات لتشديد مراقبة تجار الجملة وعقلنة الاستهلاك قبيل رمضان

دعوات لتشديد مراقبة تجار الجملة وعقلنة الاستهلاك قبيل رمضان

لا حديث يعلو بمدينة الدار البيضاء هذه الأيام فوق صوت الغلاء وارتفاع الأسعار، وأضحى نقاشا يوميا بين المواطنين والباعة بمختلف المحلات والأسواق، ما خلف استياء بصفوف المواطنين، خاصة مع اقتراب شهر رمضان الذي يعرف زيادة في الطلب والاستهلاك اليومي للعديد من المنتجات الغذائية.

وسجل الرقم الاستدلالي للأثمان عند الاستهلاك أواخر شهر شتنبر الماضي لسنة 2023 بمدينة الدار البيضاء ارتفاعا بنسبة 1,2 في المئة مقارنة مع الشهر السابق.

وعزت المندوبية السامية للتخطيط، في مذكرة إخبارية لها حول الرقم الاستدلالي للأثمان هذا الارتفاع، إلى زيادة أثمان المواد الغذائية بـ2,3 في المئة وأثمان المواد غير الغذائية ب0,5 في المئة، مسجلة ارتفاع أثمان “اللحوم” ب 3,2 في المئة، والخضر” بـ4,2 في المئة و”الزيوت والدهنيات” بـ5,1 في المئة.

ارتفاعات صاروخية للأسعار

وبالعودة للحديث عن أسعار المواد الغدائية بأسواق الجملة بالدار البيضاء، فإن هذه الأخيرة شهدت ارتفاعا بنسب “قياسية”، وعزا تجار الجملة هذا الغلاء إلى مشاكل ارتفاع كلفة الشحن الخارجي بالنسبة للسلع المستوردة، وتبعات التصدير بالدول الأروبية، إضافة إلى قلة المنتوج المحلي بفعل ندرة المياه وتوالي سنوات الجفاف.

وبخصوص سوق الجملة لمربي الدواجن، أوضح عبد الرحمان الرابطي، نائب الكاتب العام للجمعية الوطنية لمنتجي لحوم الدواجن، أن ثمن الكيلوغرام الواحد بسوق الجملة للدجاج بلغ 18 درهما، فيما سجل توزيعه بمحلات بيع لحوم الدواجن ما بين 23 و24 درهما للكيلوغرام، مخلفا استياء في صفوف البيضاويين.

وعزا الرابطي، في تصريح لجريدة “مدار21” الإلكترونية، ارتفاع أثمان الدجاج هذا الأسبوع إلى “النقص الحاد في إنتاج الكتاكيت بسبب غلاء الأعلاف المركبة”، إضافة إلى “مشاكل جفاف الآبار التي تسقي ضيعات المنتجين الصغار بسبب النقص في الموارد المائية، ما أفرز تراجعا في إنتاج الكتاكيت وهناك من أعلن إفلاسه”.

وفي جولة بسوق الجملة بدرب “ميلا” لمعرفة أثمنة بيع التمور، المادة الحيوية التي لا تغيب عن موائد الإفطار لمعظم العائلات المغربية، أكد تجار الجملة أن المنتوج المحلي غير متوفر بكثرة، في مقابل وفرة المنتوج المستورد من دول عربية منها تونس والإمارات والسعودية.

وأكد التجار في تصريحات متطابقة لجريدة “مدار21″، أن المغاربة يقبلون على التمور من نوع “بوستحمي” التي يصل ثمنها 30 درهما للكيلوغرم الواحد، وتمور “السكري” التي يتراوح ثمنها بين 30 و40 درهما، بينما يصل ثمن ” المجهول” التمور الممتازة من ناحية الجودة حسب المهنيين، مابين 60 درهما و120 درهما للكيلوغرام الواحد.

وتشهد معظم أسواق العاصمة الاقتصادية حاليا رواجا على مستوى محلات بيع التوابل، إذ يلاحظ التجار إقبالا متواضعا على بيع “الفلفل الأحمر والأسود” و”الكمون البلدي” رغم  ارتفاع أثمانهم، إذ يصل ثمسعرن هذا الأخير حوالي 120 درهما للكيلوغرام، فيما تحلق أثمنة “سلو” الطبق التقليدي المغربي، عاليا، بفعل ارتفاع أسعار اللوز الذي يصل ثمنه ما بين 70 و150 للكيلوغرام حسب الجودة.

بين مطرقة الغلاء وسندان حاجيات رمضان

وبخصوص كيفية تعامل المواطن مع غلاء أسعار المنتوجات والمواد الاستهلاكية قبيل رمضان، قال يوسف كراوي الفيلالي، محلل اقتصادي ورئيس المركز المغربي للحكامة والتسيير، أن معاملة المواطن المغربي الذي يواجه مشكل الغلاء يجب أن تكون مبنية على مبدأ الاقتصاد والتدبير وحسن تسيير النفقات.

وأوضح الخبير في تصريح لجريدة “مدار21” الإلكترونية، أن المواطن المغربي البسيط بالدار البيضاء وبجهات المملكة ككل، يعيش بدخل محدود في وقت شهدت أسعار العديد من المنتجات والمواد الاستهلاكية نِسبا تصخمية وصلت إلى 20 في المئة.

ودعا الاقتصادي في هذا الصدد إلى ضرورة تقنين وتدبير كميات المشتريات التي يقبل عليها المواطن المغربي بكثرة في فترة رمضان، في حدود مدخوله وإمكانياته المالية حتى ولو اقتضى الأمر تفادي استهلاك المواد التي عرفت ارتفاعا في الأثمنة.

وبخصوص أدوار الحكومة في تشديد المراقبة على الأسواق الكبرى بمدن المملكة، أكد الفيلالي أن المراقبة يجب أن تشمل بالأساس تجار الجملة وليس التجار بالتقسيط، موضحا في هذا السياق، أن المضاربة تكون مابين التجار الكبار بأسواق الجملة باعتبارهم المتحكمين في الأسعار.

وخلص الخبير الاقتصادي إلى أن الحكومة تقع في الخطأ في كل سنة، شأن السنوات الفارطة، مبرزا أن تشديد المراقبة على التجار الصغار غير كفيل بتحديد الثمن الحقيقي حتى لو كان مرتفعا، موضحا أن الفلاحين والمنتجين والممولين والتجار الكبار هم المعنيون بالمراقبة الصارمة للأسعار.

الغلاء يسائل وزيري المالية والداخلية

إلى ذلك وجه فريق التقدم والإشتراكية بمجلس النواب، الأيام الجارية، سؤالا كتابيا إلى كل من وزير الداخلية ووزيرة الاقتصاد والمالية حول تدابير الحكومة لمراقبة وضبط أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية.

وقال رشيد حموني، ”يسود التخوف بشكل عارم، لدى المواطنات والمواطنين من الغلاء الفاحش والمتصاعد لأسعار المواد الاستهلاكية الأساسية، على مستوى أسعار لحوم الدواجن واللحوم الحمراء والسمك والبيض، وكذا مختلف الخضراوات والفواكه وغيرها من هذه المواد”.

وأضاف في معرض سؤاله، أن أسابيع قليلة باتت تفصل المغاربة عن شهر رمضان، في الوقت الذي يستمر اكتواء المواطنات والمواطنين بلهيب هذه الأسعار والغلاء الفاحش للمواد الاستهلاكية الأساسية، في ظل التدهور الخطير لقدرتهم الشرائية، والتوسع الكبير لدائرة الفقر والبطالة، وتصاعد الاحتقان والغضب في كل أوساط المجتمع.

وأوضح البرلماني أنه نظرا للإقبال الكبير للمواطنات والمواطنين على اقتناء المواد الاستهلاكية الأساسية في شهر رمضان الفضيل، إلا أن المضاربين والسماسرة يستغلون هذه المناسبة للتلاعب في الأسعار بشكل عشوائي، بما لا يخضع لمنطق العرض والطلب، و ينعكس بالسلب على القدرة الشرائية للمواطنين، جاعلا الأثمنة في ارتفاع صاروخي يفوق طاقتهم الشرائية وخاصة الفئات الهشة ببلادنا.

وتساءل البرلماني عن الإجراءات والتدابير المستعجلة المتخدة من أجل من أجل التخفيف من حدة غلاء الأسعار في السوق الوطنية، وكذا مراقبة وضبط أسعار المواد الاستهلاكية وحماية المستهلك من ارتفاعها، علاوة عن زجر الممارسات غير المشروعة الناتجة عن ذلك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News