رياضة

الشركات الرياضية.. هل حققت الاحتراف أم أغرقت الأندية في الهواية؟

الشركات الرياضية.. هل حققت الاحتراف أم أغرقت الأندية في الهواية؟

منذ انتقال المغرب لنظام الاحتراف في الكرة الوطنية سنة 2010 وخلق شركات رياضية بالأندية الرياضية، تزايدت التساؤلات حول مدى قدرة هذا النظام على الارتقاء بالكرة الوطنية.

في وقت يتهم فيه بعض المسيرين بسوء الإدارة من قبل متتبعي الشأن الرياضي بالمغرب، مما يترك الأندية في أوضاع مالية صعبة، فما هي معيقات الاحتراف وهل نجح هذا المشروع فعلا في تطوير منظومة كرة القدم الوطنية؟ ولماذا تغرق سفينة أغلب الفرق الوطنية في أزمات مالية خانقة في وقت بشّر عرابو هذا النموذج الجديد بقدرته على إنهاء زمن الهواية والمعاناة؟

خلق الشركات.. ما الذي يعيق الأندية؟

عدّد جواد بنكيران، المدير الإداري السابق لفريق أولمبيك خريبكة، سلبيات خلق الجمعيات الرياضية لشركات في كون انتقاء عدد من مسيرين الجمعيات لترأس الشركات لا يساهم في إحداث تغيير واضح بالأندية.

وأشار بنكيران، في تصريح لجريدة “مدار21″، إلى احتفاظ مسيري بعض الفرق بنسبة كبيرة من أسهمها وفشلهم في تقييم الأندية من الجانب المادي من أملاكها ورأس المال الخاص بها، وغير المادي المتعلق بالشعار والألقاب والجمهور على غرار ما تتبعه فرق أوروبية وعالمية، مما صعب توضيح الصورة لدى مسؤولي الأندية في التعرف على القيمة الحقيقية للأندية وقيمة السهم بالشركات الرياضية.

وأكد المتحدث وجود خلط عند عدد من الفرق بين تطبيق النظام المحاسباتي وبين الاستغلال المادي لحسابي الشركة والجمعية بتبريرات فارغة، علاوة على أن الفرق بين الجمعية والشركة لم يتضح إلى الآن عند شريحة مهمة من متتبعي الشأن الرياضي المغربي ومسؤولي الفرق، وعن مهمة الجمعية بالتكلف بكل ما هو هاوٍ، فيما تركز الشركة على كل ما هو تجاري واحترافي.

وأقر بنكيران في حديثه لجريدة “مدار21،″ بـ”وجود ممارسات غير رياضية بعدد من الشركات باستثمارهم في عدد من الأنشطة التجارية والتي من بينها العقار، بل ودمجه بالنظام الأساسي النموذجي لهذه الشركات”، مشيرا أيضا إلى عدم اكتراث مسيري غالبية الفرق بابتكار خطة عمل تمكنهم من الاستثمار في أنشطة تجارية موازية كمتاجر لبيع مقتنيات تخص النادي، وكذا التطوير من مدارسها الكروية والتي تعد مستقبل النادي.

وأضاف أن “أحد أخطر سلبيات هذه العملية يتمثل في إهمال مسؤولية الشركات من قبل رؤسائها بعدم احترامهم للتوازن المالي والرؤية الاستراتيجية للفرق المشرفة عليها، والطريقة التي تدبر بها الأندية، إضافة إلى غياب قانون يقنن الاستثمار الرياضي ويشجع في آن واحد جلب المستثمرين بتوفير بيئة مواتية تضمن تحقيق الربح مادي”.

مشروع فاشل.. “من الخيمة خرج مايل”

من جانبه، يرى الصحافي الرياضي هشام رمرام، في حديثه لجريدة “مدار21،″ أن “النية الحسنة وراء إقامة هاته الشركات لم تكن كافية نظرا لتهرب مسيري الأندية من كشف خبايا تسيير الفرق ماديا بحجة تطوعهم، كما أن طريقة العمل على إنشائها اتسمت بالسرعة دون تجهيز الأرضية وجميع المقومات لإنجاحها، واصفا إياه “بالمشروع الفاشل” ومحملا إياه مسؤولية “تأخر عدد من أوراش كرة القدم الوطنية لكونه خلق تداخلا بالمهام بين رئيسي الشركة والجمعية”، مؤكدا أن الظروف العامة الحالية من ملاعب وبرمجة وتحكيم يترك المشروع مجرد حبر على ورق.

أما الصحافي الرياضي حمزة حشلاف، اعتبر أن “كل المعيقات غابت أثناء قص شريط مشروع خلق الشركات الرياضية، لكون الهدف المبتغى من انطلاقه تمثل في الدفع في اتجاه احترافية ومهنية أكثر في تدبير الشؤون الداخلية للأندية المغربية، وتمكينها من القيام بمعاملات تجارية والرفع من رأس المال”.

إلا أن ثغرات قانونية سجلت حضور سلبيات خلق هذا النوع من الشركات حسب قوله، وتجلى ذلك في تكبيل أيدي الأندية عن طريق حرمانها من نسبة كبيرة من أسهمها لصالح الشركات التي احتكرت ما يصل إلى 70 بالمئة، ذاكرا فريق المغرب الفاسي كمثال على ذلك.

الأرباح.. الوجه المشرق للشركات

لكن جواد بنكيران، يرى أن النظام المقاولاتي يعد من بين أهم إيجابيات هذا المشروع، لكونه يعتمد بالأساس على الاستقرار الإداري لهذه الأندية ويتجلى ذلك في حرص المستثمر على الحفاظ على رأس المال الخاص به وتعزيز الأرباح الممكنة عن طريق البحث عن موارد بشرية وتعزيز البنية التحتية إلى جانب إمكانية امتلاكه لمشروع موازٍ يخول له تعويض خسائره المادية في النادي.

وأبرز المسؤول السابق بـ”فارس الفوسفاط” أنه وفي حالة تركيز المسؤولين بالشركات الرياضية على تطوير العنصر البشري، سيرافقه تحقيق ربح مادي مستقبلي، مستدلا بأمثلة الفرق الأوروبية والتي لا تركز أغلبها على تحقيق الألقاب بقدر ما يهمها الاستثمار في العنصر البشري.

ولا تختلف نظرة الصحافي الرياضي حمزة حشلاف فيما يخص امتيازات إنشاء هذا الصنف من الشركات، إذ أكد في حديثه لجريدة  “مدار21،″ أنها تخول للجمعيات الرياضية تحقيق أرقام معاملات ضخمة، والرفع من رأس المال الخاص بكل نادٍ، إلى جانب فتح المجال للقيام باستثمارات جديدة ما سيؤدي إلى الرفع من قوتها الاقتصادية، مما يمنحها صفة “مؤسسات اقتصادية” وليس فقط جمعيات رياضية لا ينبغي لها تجاوز حدود ما في اشتغالها ومكبلة بقانون الجمعيات، حسب قوله.

نفق الأزمات.. أي حلول؟

وشدد جواد بنكيران في حديثة للجريدة على ضرورة إدلاء الأندية المغربية بالمخطط التنموي الخاص بها الذي سيمكنها من تدبير أمورها، رافضا ما تقوم به بعض الفرق بدخول المنافسة في البطولة الوطنية الاحترافية بغرض التنافس فقط مؤكدا لزوم منح الأولوية لدفاتر التحملات الخاصة بكل بطولة على حدة.

ولفت بنكيران إلى ضرورة تقنين المجال الرياضي عموما والاستثمار به بشكل خاص، “فليس كل من ساهم بقدر مادي في نادٍ له الحق في تسيير شركة تتعامل بالملايير” حسب قوله.

في المقابل، يقترح حمزة حشلاف إعادة النظر في قانون خلق الشركات الرياضية بالنسبة للجمعيات وتقويته بواسطة الإجابة عن الثغرات القانونية التي يتضمنها؛ سواء من ناحية الأسهم الممنوحة للجمعيات أو على مستوى المسؤولية القانونية لدى المساهمين، إضافة إلى فرض افتحاص مالي دوري سنوي على الفرق بكشفها للتقارير المالية للشركات لتفادي التلاعبات التي تجوبها.

وشدد الصحافي الرياضي على ضرورة إظهار التناسق بين الأندية والسلطات المحلية بمدن كبرى من قبيل طنجة وفاس ومراكش وأكادير لتجنب الاستيلاء ووقوع الفرق في فخ نزاعات حزبية خاصة وأن تحديات عدة في انتظار المغرب أهمها مونديال 2030.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News