سياسة

المعارضة تتردّد بطرح ملتمس الرقابة وتحذر من وضع البرلمانيين تحت المقصلة

المعارضة تتردّد بطرح ملتمس الرقابة وتحذر من وضع البرلمانيين تحت المقصلة

أظهرت قوى المعارضة داخل البرلمان ترددها في تقديم ملتمس الرقابة لإسقاط حكومة أخنوش، وهو المقترح الذي لوّح به حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، انطلاقا من مقتضيات الفصلين 105 و106 من الدستور. وبدت مكونات المعارضة داخل مجلس النواب متخوفة من فشل هذه الخطوة في تحقيق أهدافها بسبب عدم قدرتها على حشد الدعم البرلماني بفعل ما وصفته بـ”التغول العددي” للأغلبية الحكومية.

وفي معرض جوابه على أسئلة الصحافيين، ضمن ندوة صحفية عقدتها اليوم الخميس قوى المعارضة بمجلس النواب، أكد ادريس السنتيسي رئيس الفريق الحركي بمجلس النواب، أن ملتمس الرقابة موضوع سياسي يُعالَج على مستوى الأحزاب، وأنه لم تتم مخاطبة الأحزاب لحد الآن لعقد اجتماع لمناقشة الموضوع، مسجلا أن المتلمس موضوع رمزي سياسي، أن فريقه يدعم كل المبادرات في هذا الاتجاه بالطول العرض.

ودعا المجلس الوطني الأخير لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية  “إلى التفكير في تقديم ملتمس رقابة بالنسبة لمجلس النواب، وكذا تقديم ملتمس مساءلة الحكومة بمجلس المستشارين”.ووفق الموقف الحزبي يعي الاتحاد “بأن المعارضة لا يمكنها الإطاحة بالحكومة لأن أغلبيتها تجعل الأمر شبه مستحيل، ولكن المعارضة عبر التاريخ كانت دائما تقدم هذا الطلب وهي واعية بأنها لا تملك الإطاحة بالحكومة، وهي مناسبة لدعوة الحكومة للدفاع عن نفسها”.

وقال عبد الرحيم شهيد رئيس الفريق الاشتراكي، إنه في المناخ السياسي  تتعرض للانتقاد سواء اتخذت المبادرة أم لم تتخذها  لكن الممارسة السياسية هي إلقاء الحجارة في الماء الراكد، مشيرا إلى أنه عندما اختار المجلس الوطني لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية طرح فكرة تقديم ملتمس الرقابة لإسقاط الحكومة، فقد لجأ إلى استثمار جزء من الآليات الرقابية التي تملكها المعارضة.

واعتبر شهيد ضمن نفس الندوة التي تأتي في أعقاب اختتام الدورة الخريفية للبرلمان، أن طرح ملتمس الرقابة هو قرار سياسي لن يتم وضعه في اجتماع مشترك لفرق ومجموعة المعارضة داخل مجلس النواب، مؤكدا أنه كان يمكن لأي فريق برلماني أن يقترح تقديم ملتمس للرقابة رغم عدم توفر النصاب لذلك بسبب غياب التوازن المؤسساتي الذي يفرض جمع ثلث البرلمانيين.

ولفت رئيس فريق “الوردة” بمجلس النواب، إلى أن المعارضة تملك القنوات الرسمية للتواصل مع الحكومة من خلال الجلسات الأسبوعية واللجن والجلسة الشهرية لمساءلة رئيس الحكومة، وهي القنوات التي يتم أحيانا التضييق فيها على حقوق المعارضة في إخلال واضح بالتوازن المفروض توفيره داخل المؤسسة التشريعية.

وتابع شهيد قائلا: بلادنا تحتاج التوازن المؤسساتي، لأنه كلما كان التوازن بين الأغلبية والمعارضة سيكون في صالح الديمقراطية، ليس من أجل أن يدخل الاتحاد الاشتراكي إلى الحكومة الحالية ولكن يجب أن يظل أحد الأحزاب الثلاثة في صفوف المعارضة حتى تتمتع هذه الأخيرة، بكافة الحقوق الدستورية، لاسيما أن هناك عددا من الآليات الدستورية التي يتم تعطيلها بسبب غياب الوسائل والنصاب القانوني لتحريكها.

ونبه رئيس الفريق الاشتراكي المعارضة الاتحادية إلى أن ملتمس الرقابة الرامي لإسقاط الحكومة، هو أحد الآليات التي وضعها الدستور بيد البرلمان والتي تثير المسؤولية السياسية للحكومة، ويمكن أن تكون هناك مبادرات أخرى لأحزاب المعارضة تطرح للنقاش من أجل مواجهة تغول الحكومة.

وعلى صعيد آخر، وعلاقة بتوجه البرلمان نحو تعديل مدونة السلوك لمحاصرة البرلمانيين المتابعين أمام القضاء، قال رئيس الفريق الحركي بمجلس النواب ادريس السنتيسي، إن فريقه يدعم تخليق الحياة العامة، فقط يجب الاتفاق حول مسألة أساسية هي أنه جرى تضخيم النقاش حول الموضوع بشكل غريب.

ودعا السنتيسي إلى دراسة عدد من الحالات على صعيد بعض التجارب البرلمانية الغربية من مثل فرنسا التي يتابع فيها عدد كبير من البرلمانيين، قبل أن يستدرك “طبعا هذا لا يعطي الحق للدفاع عن المتابعين اليوم أمام القضاء وترشيح من تحوم حولهم شبهات، لكن يتعين  احترام قرينة البراءة، إلى حين صدور أحكام القضاء الباتة”.

ولفت السنتيسي، إلى أن رؤساء الفرق بمجلس النواب، أغلبية ومعارضة منكبون على موضوع تعديل مدونة السلوك لتعزيز تخليق الممارسة البرلمانية، ولم نقل أنه تم تأجيل البت فيه وإنما الاستمرار في دراسة الموضوع إلى حين إيجاد الصيغة المناسبة لترجمة مضامين الرسالة الملكية الموجهة إلى البرلمان بمناسبة الذكرى الستين لتأسيسه.

من جانبه، اعتبر عبد الرحيم شهيد رئيس الفريق الاشتراكي، أن مدونة الأخلاقيات فيها “إغراء شفهي” في بعض اللحظات، لأن حقوق الإنسان لا تبنى على “خطابات الشعبوية”، إذا وصلنا إلى شيطنة البرلمان فهذا أمر خطير، قبل أن يستدرك “نحن لسنا مقدسين لكن من الصعب اختزال كل مشاكل البلد وأزماته في البرلمانيين”.

وسجل شهيد أنه “إذا اعتمدنا قوانين في اتجاه محاصرة المتابعين أمام القضاء سنضع ممثلي الأمة تحت المقصلة، وسنكون أمام ما يعرف بمطاردة الساحرات”، مشددا على أنه من المفروض أن تنخرط جميع الأحزاب السياسية في عملية تخليق الممارسة البرلمانية ومراجعة القوانين المرتبطة بوصول البرلمانيين إلى المؤسسة التشريعية.

من جهته، أوضح عبد الله بووانو رئيس المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، أنه في إطار تفاعل البرلمان مع الدعوة الملكية لإقرار مدونة للأخلاقيات، كان هناك نقاش هل نضع قانونا خاصا ومستقلا أم ندرج التعديلات ضمن مدونة السلوك في النظام الداخلي، لاسيما أن هناك دلائل للتعاطي مع قضايا الفساد في الممارسة البرلمانية، فضلا عن وجود اتفاقيات دولية تتضمن إجراءات في هذا السياق.

وأضاف أن أغلب التجارب البرلمانية اعتمدت مدونة السلوك وأقرتها ضمن الأنظمة الداخلية، بينما القانون الخاص يقتضي المصادقة عليه بمعية مجلس المستشارين مع الصعوبات التي توجه مروره عبر المحكمة الدستورية، مشيرا إلى أن هناك تخوفا من أن يكون بيد المواطن من أجل استعماله ضد البرلمانيين.

وتابع بووانو: “الملك في رسالته إلى البرلمان بمناسبة الذكرى الستين لتأسيسه تحدث عن تخليق الممارسة البرلمانية، وكان هناك نقاش لأنه يجب أن نتفاعل مع مضامين الرسالة الملكية وهو ما تم على مستوى لجنة النظام الداخلي، لاسيما أن الملك دعا إلى وضع مدونة للأخلاقيات وقانون ملزم وكانت هناك أربع صيغ”.

وكشف رئيس مجموعة البيجدي النيابية، أن آخر صيغة تم التوصل إليها هي أن نعتمد التقارير التي تصدرها المؤسسات سواء من المفتشية العامة للإدارة الترابية التابعة لوزارة الداخلية أو المفتشية العامة لوزارة المالية أو المجلس الأعلى والمجالس الجهوية للحسابات، فيما يتعلق بالجنحة العمدية.

وشدد بووانو على أن تخليق الممارسة السياسية، لا ينبغي أن يقتصر على البرلمان لأن الأصل أن تتم معالجته ضمن قوانين أخرى، منبها إلى أن تسريع مسطرة تعديل مدونة السلوك، سيمسّ بعدة مبادئ منها قرينة البراءة وكرامة حصانة البرلماني، حيث ستتقاطر الشكايات على جميع الدوائر إضافة إلى المس بعمل البرلماني في علاقته بتمثيلية المواطنين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News