سياسة

“مخاض عسير”.. هل يطوي “البام” صفحة وهبي بعد رجّة “إسكوبار”؟

“مخاض عسير”.. هل يطوي “البام” صفحة وهبي بعد رجّة “إسكوبار”؟

أيامٌ قليلة تفصل حزب الأصالة والمعاصرة عن عقد مؤتمره الوطني الخامس لانتخاب خليفة الأمين العام للحزب عبد اللطيف وهبي، وهو المؤتمر الأول الذي يعقده الحزب وسط تموقعه في التدبير الحكومي بعد سنوات من اصطفافه في المعارضة.

ويأتي انعقاد مؤتمر “البام” تزامنا مع تفجّر قضية “إسكوبار الصحراء” التي هزت الرأي العام، والتي يتابع فيها أمام القضاء قياديون بحزب “الجرار” بتهم جنائية ثقيلة.

وإذا كانت اللجنة التحضيرية لمؤتمر الأصالة والمعاصرة، التي يقودها سمير كودار، لم تفتح بعد باب الترشيح لقيادة “التراكتور” خلال الأربع سنوات القادمة، فإن هناك أصداء قادمة من خلف أسوار البيت الداخلي تتحدث عن طي صفحة وهبي على رأس حزب “البام” وفسح المجال أمام قيادة جديدة تقطع مع ما يوصف بـ”الماضي الأسود والغامض” للحزب الذي ظل مطاردا بـ”خطيئة نشأته”.

صدمة إسكوبار

وأعادَ اعتقال قياديين بحزب الأصالة والمعاصرة على خلفية قضية بارون المخدرات المالي، الذي أصبح يعرف إعلاميا بـ”إسكوبار الصحراء”، إلى الواجهة خطيئة النشأة التي ظلت تطارد “الجرار” عبر مساره السياسي، وذلك بفعل إغراقه للمؤسسات المنتخبة بالأشخاص المتابعين في قضايا فساد واختلاس وتبديد أموال عمومية.

قياديون من حزب الأصالة والمعاصرة أكدوا في تصريحات متطابقة لـ”مدار21″ أن مرحلة وهبي على رأس الحزب انتهت وأن رجّة إسكوبار دقّت آخر مسمار في نعشه، حيث باتت أيامه معدودة في انتظار حسم المؤتمر الوطني المقرر عقده في أيام  9 و10 و11 فبراير 2024، المنتظر أن يحضره أكثر من 3 آلاف مؤتمر بمدينة بوزنيقة.

وأعلن سمير كودار، رئيس اللجنة التحضيرية لمؤتمر “البام”، عن دعمه لترشيح فاطمة الزهراء المنصوري، رئيسة المجلس الوطني لحزب الأصالة والمعاصرة، لقيادة “الجرار” خلفا لعبد اللطيف وهبي، الأمين العام الحالي، الذي قال إنه سيكون ضمن المرشحين إلى جانب الوزير محمد مهدي بنسعيد وبعض القيادات الأخرى خلال محطة المؤتمر القادم.

وبينما تقول مصادر مقربة من الأمين العام الحالي لحزب “البام” إنه ما يزال يرغب في الاستمرار في قيادة “الجرار” شريطة ألا تترشح رئيسة المجلس الوطني لمنافسته، يؤكد قيادي بازر في صفوف الحزب للجريدة أن هناك إجماعا منقطع النظير لدعم فاطمة الزهراء المنصوري لتسلم مفاتيح رئاسة الحزب خلال المؤتمر القادم.

في المقابل، تؤكد مؤشرات عديدة أن المنصوري الأوفر حظا لانتزاع مقود “الجرار” من وهبي، الذي أرهق الحزب بمعارك جانبية وبتصريحات غير محسوبة، في وقت تظهر فيه “بنت الباشا” أنها الأقرب لقيادة الحزب، سيما والإجماع الكبير الذي يَحفها به أعضاء الحزب إلى درجة جعلت البعض يسميها أمينة عامة فعلية لـ”البام”، مستبقا تقديم ترشيحها الرسمي.

اسماعيل حمودي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، أكد أن الأصالة والمعاصرة يعيش أزمة حقيقة غير مرتبطة فقط بتفجر ملف “إسكوبار الصحراء” الذي يمكن أن يشكل عنوانا بارزا لحالة الغموض التي ظلت ترافق الحزب منذ تأسيسه، بل تتعلق بطبيعة الدور الذي يلعبه في المشهد السياسي الوطني من منطلق إغراقه للمؤسسات المنتخبة بالمتابعين والمتورطين في قضايا الفساد وتبديد الأموال العمومية.

رحيل وهبي

ولفت حمودي، ضمن حديثه لـ “مدار21″، إلى أن الأمين العام الحالي لحزب الأصالة والمعاصرة مطالب اليوم أكثر من أي وقت مضى بالرحيل لأنه يتحمل المسؤولية السياسية في فتح الباب على مصراعيه للمتورطين في الاتجار الدولي للمخدرات، حسب صك التهم التي وجهتها النيابة العامة إلى القياديين في الحزب سعيد الناصري وعبد النبي بعيوي.

وسجل الأستاذ الجامعي أنه بعد 15 سنة من دخوله فعليا غمار الممارسة السياسية، يتبين أن الأصالة والمعاصرة، الذي روّج لكونه جاء لضبط إيقاع المشهد السياسي وحماية التعددية ومواجهة الإسلاميين، كان ملاذا لتجار المخدرات وللمتورطين في قضايا فساد، ويمكن أن يكون أيضا حِصنًا لتكتلات وأشياء أخرى غامضة، مضيفا “وهو ما يزيد من طرح علامات الاستفهام حول ماهية وجود هذا الحزب وخطر استمراره في صيغته الحالية على الحياة السياسية الوطنية”.

ويرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة فاس أن “المسار والنتيجة التي وصل إليها الحزب، الذي ظهر أنه محضنٌ خِصب للفساد والمفسدين، تؤكد أن أزمة الأصالة والمعاصرة أكبر مما تم تصوره وأنها مرشحة لإسقاط رؤوس جديدة، لأن الحزب هو الذي سمح لهؤلاء ليتبوؤوا المقاعد ويتقلدوا المسؤوليات بمؤسسات الدولة المنتخبة، ومنحهم غطاء من أجل الاحتماء بالهيئات السياسية، هربا من المحاسبة والمتابعة القضائية، وعدم تحصين البيت الداخلي أمام مروجي المخدرات”.

وسجل حمودي أن النقاش حول استعمال المخدرات في السياسة “ليس وليد اليوم وغير مرتبط بتفجر ملف ‘إسكوبار الصحراء’، بل بدأ سنة 2015 وتكرر مع انتخابات 2016 واستأثر باهتمام المتابعين والرأي العام خلال تشريعيات 2021، لكن قيادة الأصالة والمعاصرة ساعتها تجاهلت كل ذلك، لأن هدفها كان هو الحصول على أكبر عدد من المقاعد للوصول إلى مربع السلطة”.

ولادة جديدة

وأكد حمودي أن الحزب وهو يدخل المؤتمر الوطني الخامس يضع على عاتق القيادة النزيهة مسؤولية الدفع في اتجاه ولادة جديدة لحزب الأصالة والمعاصرة تقطع مع خطيئة النشأة التي ظلت تطارد الحزب عبر مساره السياسي الذي بدأ غامضا ولا نعلم كيف سنتهي، مشددا على ضرورة أن “يعود الحزب إلى طبيعته على غرار باقي التنظمات السياسية الوطنية، لكي يقوم بدوره وفق ما ينص على ذلك القانون و الدستور”.

واعتبر أستاذ العلوم السياسية أن الجواب التنظيمي الذي ينبغي أن يقدمه الأصالة والمعاصرة خلال محطة مؤتمره الخامس التي تأتي تزامنا مع تحريك مسطرة المتابعة القضائية في حق قياديين في صفوفه، هو انتخاب قيادة جديدة نزيهة، ومواطنة وتدافع عن روح ودولة القانون وتكرسها في الممارسة ومن داخل أجهزة التنظيم.

وسجل حمودي أن الأمين العام الحالي لحزب الأصالة والمعاصرة، عبد اللطيف وهبي، مطالب بمغادرة قُمرة قيادة “الجرار” لأنه يحتمل جزءا كبيرا من المسؤولية السياسية فيما وقع بوصفه فشل في تحصين مؤسسات الحزب من الفساد وعليه بالتالي أن يتحلى بالشجاعة السياسية لتسليم المفاتيح إلى قيادة جديدة وألا يلبس جلباب الغرور ويطمع في مواصلة رئاسة الحزب التي تلطخت سمعته بلفات الفساد”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News