رأي

في ما وقع لحزب العدالة و التنمية في انتخابات 2021

في ما وقع لحزب العدالة و التنمية في انتخابات 2021

صراحة ما زلت لم أستوعب هذا الكابوس الذي نعيشه هذه الأيام، وما زلت أعتقد أن ما حصل مجرد حلم عابر.
لكن سرعان ما أستفيق على الحقيقة المُرّة وهي هذه الهزيمة المدوية لحزب العدالة والتنمية واندحاره في معاقله التقليدية.

وأعتقد أن ما نحتاجه حاليا هو الفهم العميق لما حصل وعدم الاستسلام لبعض القراءات البسيطة والسطحية أو ربما الانفعالية والعاطفية.

وبداية الفهم تقتضي عدم إنكار الواقع واستيعاب الحقائق الجديدة الموجودة على الأرض:

– الحقيقة الأولى: أننا أصبحنا حزبا يتوفر على مجموعة برلمانية صغيرة من 13 عضوا؛ أربعة منهم فقط نجحوا في دوائرهم الانتخابية من أصل 95 دائرة، ولم تنجح قياداتنا التاريخية في الحصول على مقاعدها وعلى رأسهم الأخ الأمين العام ونائبه ورئيس المجلس الوطني وكافة أعضاء الأمانة العامة المرشحين.

– الحقيقة الثانية: أننا فقدنا رئاسة جميع المدن الكبرى وتراجعنا من أزيد من 5000 مستشار إلى 777 وفقدنا رئاسة جهتين.

– الحقيقة الثالثة: أن الملك عيّن رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار رئيسا للحكومة وسيقوم بتشكيل أغلبية مريحة.

الحقيقة الرابعة: أن نتائج الانتخابات لقيت ترحيبا دوليا ونوّهت بنزاهتها المنظمات الدولية والسفارات الأجنبية وعلى رأسها السفارة الأمريكية بالرباط.

الحقيقة الخامسة: أن الشعب المغربي تقبّل هذه النتائج وقبل بها ولم يعبّر عن رفضه لها وليس هناك أي سخط شعبي عليها باستثناء احتجاجات ذات طابع محلي محدودة، سبق أن عرفنا مثلها في انتخابات 2016، وهي احتجاجات لا يمكن اعتبارها مؤثرة على نزاهة العملية برمتها. وباستثناء بعض التدوينات المحدودة التي استخدمت مصطلح التزوير، فإن الجميع سلّم بالنتائج وتعاطى معها كأمر واقع.

الحقيقة السادسة: أن الأمانة العامة للحزب قدمت استقالتها الجماعية وتحمّلت المسؤولية عن هذه الهزيمة المدوّية، ولم تطعن في نزاهة العملية الانتخابية ولم تعتبر ما حصل تزويرا للإرادة الشعبية واكتفت فقط بالاحتجاج على استخدام المال وعدم التوصل بالمحاضر، وهو ما ردّ عليه وزير الداخلية بأنها سلّمت المحاضر لجميع الاحزاب.

الحقيقة السابعة: أن الانتخابات جرى تنظيمها من طرف وزارة الداخلية التي قامت بما قامت به تحت الإشراف السياسي لرئيس الحكومة السابق، الذي ليس سوى الدكتور العثماني، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، وهو ما يجعل عملية التشكيك غير ذات جدوى وبدون مغزى سياسي.

أمام هذه الحقائق السبع، يحسن بنا عدم إنكار الواقع والاعتراف بهذه الهزيمة النكراء التي تتجاوز في دلالاتها بعض التفسيرات التي تكتفي بفرضية التلاعب الذي قامت به وزارة الداخلية.

والمطلوب الآن في نظري العمل على بذل المجهود الضروري للفهم العميق لهذه الهزيمة التي لم يسبق لحزبنا أن تعرض لها في تاريخه، ومحاولة قراءتها في سياقها الوطني الذي عرف تحولات مؤكدة في المزاج السياسي للقاعدة الانتخابية التي اعتادت التصويت لفائدة العدالة والتنمية، وهو ما ينبغي البحث في أسبابه الذاتية والموضوعية، في نقاشات هادئة تمكننا من الاستفادة من هذا الامتحان/الابتلاء والخروج منه ونحن أكثر قوّة ووحدة وتماسكا، وأيضا برؤية جديدة ومتجدّدة في مفاهيمها وخطابها ورجالاتها ونسائها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News