سياسة

“مؤتمر مبكّر” يُثير الجدل.. هل يُخطط الإخوان للإطاحة ببنكيران؟

“مؤتمر مبكّر” يُثير الجدل.. هل يُخطط الإخوان للإطاحة ببنكيران؟

أثَار إعلان المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية بدء التحضير المبكر لعقد المؤتمر الوطني التاسع للحزب جدلا كبيرا داخل صفوف الحزب الإسلامي، فبينما يدافع التيار المعارض للأمين العام الحالي، عبد الإله بنكيران، عن هذا التوجه لتصحيح وضع قانوني “مختلّ”، عبّر كثير من أعضاء برلمان “المصباح” خلال انعقاد اللجن الدائمة للمجلس عن رفضهم لهذا الخيار الذي يُخفي بحسبهم مساعٍ للتخلص من بنكيران.

ومن المقرر أن يتداول المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، خلال دورته العادية المنعقدة نهاية الأسبوع الجاري ببوزنيقة، في المصادقة على تاريخ عقد المؤتمر الوطني العادي التاسع للحزب، والمصادقة على اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني العادي التاسع للحزب، وكذا المصادقة على مسطرة تحديد صلاحيات ومنهجية اشتغال اللجنة التحضريية للمؤتمر الوطني.

شكوك ومخاوف

برلمان “البيجدي” الذي يُنتظر أن يشهد نقاشا حدًّا بهذا الشأن، سيتداول أيضا في المصادقة على مقترحات توصيات اللجان الدائمة والمصادقة على مشروع برنامج الحزب لسنة 2024 والمصادقة على مشروع ميزانية الحزب لسنة 2024، بينما ستعرف هذة الدورة تقديم تقرير أداء الحزب برسم سنة 2023، وتقرير تنفيذ الميزانية برسم سنة 2023، وتقرير لجنة مراقبة مالية الحزب.

وحسب المعطيات التي حصلت عليها “مدار21” من مصادر قيادية بحزب العدالة والتنمية، فإن اللجن الدائمة للمجلس الوطني التي التأمت قبيل انعقاد دورة المجلس المقرر تنظيمها نهاية الأسبوع الجاري، شهدت نقاشا محتدما حول دواعي الإعداد المبكر لعقد المؤتمر الوطني العادي للحزب، خاصة موعد انتهاء مدة انتداب الأمانة العامة الحالية تفصلنا عنها أكثر من سنة ونصف، ما دفع البعض للتشكيك في خلفيات هذه الخطوة.

وأكدت المصادر ذاتها أن المقترح الذي يحظى بدعم وافر من معارضي بنكيران داخل التنظيم الحزبي، أثار شكوك ومخاوف عدد من أعضاء المجلس الوطني لـ”المصباح”، الذين استفسروا قيادة الحزب ومكتب المجلس الوطني حول خلفيات هذا التحضير المبكر للمؤتمر الوطني، مشيرة إلى أن البعض منهم ذهب إلى حدّ اتهام قيادة الحزب بالسعي للإطاحة ببنكيران من قُمرة قيادة العدالة والتنمية.

وأوضحت المصادر نفسها، أن هذا الرأي فسّر موقفه هذا بكون الإعداد المبكر لعقد المؤتمر الوطني لحزب العدالة والتنمية يُعطي إشارة سلبية حول أداء الأمين العام الحالي، ما يعني ضمنيا أن هناك هواجسا انتخابية تستعجل إبعاده عبر الحكم مسبقا لفشله في إعادة قطار الحزب إلى سكته الصحيحة بعد نكسة الانتخابات الماضية التي ما تزال جروحها لم تندمل بعد داخل أوصال التنظيم.

تحركات سرية

مصادر الجريدة أكدت أن هناك تحرّكات في الخفاء تجري داخل العدالة والتنمية لضمان عودة القيادة السابقة الغاضبة من الأمين العام الحالي، عبد الإله بنكيران، عبر تهيئة الأجواء لتمهيد الطريق أمام نائبه الثاني عبد العزيز عماري، عمدة البيضاء السابق، لقيادة الحزب خلال الولاية القادمة، مشيرة إلى أن بنكيران على عِلْم بهذه “التحركات السّرية”، وسبق له رفض مقترح عقد مؤتمر استثنائي تقدم به أعضاء من الأمانة العامة خلال السنة الجارية.

ورفض الأمين العام لـ”البيجيدي” في وقت سابق الدعوات التي ارتفعت من داخل الحزب للمطالبة بعقد مؤتمر وطني عادٍ، وقال إن الأمانة العامة ستعقد المؤتمر الوطني العادي عندما ترى بأن وقته قد حان، مشددا على أن “المؤتمر الاستثنائي للحزب رفض تحديد ولاية القيادة الحالية للحزب في سنة واحدة”.

كما رفض بنكيران دعوات إجراء حوار داخلي يمهد الطريق أمام عودة القيادة السابقة التي وضعت مسافة مع الحزب منذ وصوله إلى قمرة قيادته في أعقاب نكسة الانتخابات، فيما أعلن فيه الأمين للحزب عن رغبته في التخلي عن المسؤولية بفعل المضايقات التي يتعرض لها باستمرار من لدن قيادة حزبه.

وعدّت مصادر مقربة من الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، تحدثت لـ”مدار21″،  هذه التحركات محاولة من قيادة الحزب المعارضة  لابنكيران من داخل الأمانة العامة للاستقواء على “زعيم البيجدي” وحشره في الزاوية، من خلال توظيف الأجهزة التقريرية للحزب (المجلس الوطني).

وأشارت المصادر، التي فضلت عدم الكشف عن هويتها، إلى أن هذه المحاولات الرامية إلى تضييق الخناق على بنكيران ابتدأت بالمطالبة بالدعوة إلى عقد مؤتمر عادٍ للحزب في أعقاب عودة الأخير لاستلام مفاتيح قيادة الحزب والتشكيك في شرعية المجلس الوطني القائم، مرورا بدعوات الحوار الداخلي وانتهاء بـ”مبادرة يتيم” الذي أسقطها برلمان “المصباح” في آخر دوراته.

وضع غير سليم

محمد أمحجور، عضو الأمانة العامة السابق لحزب العدالة والتنمية، اعتبر أن الدعوة إلى انعقاد المؤتمر الوطني؛ وإن بشكل مبكر، “هو تصحيح لوضع قانوني مثير للجدل داخل الحزب منذ لحظة انتخاب الأمانة العامة الحالية”، مضيفا أنه “وضع مرتبط باستمرار ولاية تنظيمية مفتوحة مدتها تتجاوز سبع سنوات، حيث كان الكل يتساءل حول أسباب عدم تجديد انتخاب المجلس الوطني للحزب”.

وسجل أمحجور ضمن تصريح لـ”مدار21″، أن هذا “وضع قانوني غير سليم”، لأنه لا يُعقل أن يبقى المجلس الوطني الحالي لولاية مفتوحة دون تجديد، وهذا أمر لم يسبق أن وقع عبر تاريخ ومسار حزب العدالة والتنمية حتى في أكثر اللحظات صعوبة.

وعدّ  أمحجور التحضير المبكر لعقد المؤتمر الوطني العادي أمرا إيجابيا سيُخرج الحزب من وضع معتلّ من الناحية القانونية، عبر الانتقال من “حالة الاستثناء” إلى وضع طبيعي يتوج بعقد مؤتمر وطني عادٍ ينتخب قيادة جديدة ويتمخض عنه إفراز هيئات تقريرية جديدة.

وحول ما إذا كانت القيادة الحالية للحزب؛ على رأسها عبد الإله بنكيران، تتحمل مسؤولية هذا الوضع القانوني “المختل”، قال عضو أمانة البيجدي السابق، إن “الأمر ارتبط منذ البدء باجتهاد القيادة الحالية، وارتكز على استمرار الهيئات التقريرية إلى حين انعقاد هيئات جديدة، وهو اجتهاد ‘مرجوح’ لأنه مخالف لقوانين الحزب”.

ولفت أمحجور إلى أن السياق الانتخابي سيكون حاضرا خلال المؤتمر القادم لأن الولاية الانتدابية الحالية “لو قُدّرها أن تُكمل أربع سنوات، سنتهي عشية الانتخابات، وهو ما سيصعب معه عقْد مؤتمر وطني، مع ما يتطلبه ذلك من إعداد كبير من الناحية التنظيمية واللوجستييكة والمسار الذي يستدعيه انتداب المؤتمرين”.

وسجل القيادي بحزب العدالة والتنمية أن هذا الأمر سيجعل الأمانة العامة الحالية أمام أمرين، إما أن تعقد مؤتمرا استثنائيا لتمديد ولاية القيادة الحالية، أو أن تضطر إلى عقد المؤتمر العادي، تحت ضغط سياق انتخابي غير مساعد حيث الجميع سيكون حينها مشغولا بالانتخابات.

ويرى أمحجور أن الوضع الطبيعي هو أن يقدم المؤتمر ستة أشهر قبل موعد انعقاده، وبعد إنهاء أشغاله وإعادة هيكلة الحزب سيكون أمام القيادة الجديدة لحزب العدالة والتنمية سنة تكفيها من أجل التحضير بشكل مريح للانتخابات المقبلة، موضحا أن لحظة انعقاد المؤتمر هي لحظة احتفالية وانتخابية، وبالتالي الرهان اليوم يتجلى في الذهاب إلى المؤتمر بمضامين مجددة وتجديدية، وهو قرار سياسي ينبغي على القيادة الحالية أن تتخذه وتحسن التهيئة له”.

رحيل بنكيران

ونبّه أمحجور إلى أن مشروع حزب العدالة والتنمية الإصلاحي أنهى دورة كاملة مدتها ثلاثون سنة، ولا يعقل أن يستمر بنفس الأفكار والمقاربات وبنفس الوجوه التي قادت الحزب طيلة هذا المسار بإنجازاته وإخفاقاته، معتبرا أنه “من الطبيعي أن يكون المؤتمر المقبل ذو مضامين مجددة لمشروع الحزب ولأطروحته السياسية ولقيادته، وهذا الأمر مرتبط بأن يقع التحضير للمؤتمر الوطني في وقت كافٍ”.

وردًّا على اتهام معارضي بنكيران من داخل التنظيم الإسلامي باستعجال رحيله من قمرة قيادة العدالة والتنمية، قال أمحجور إن “المنهج الذي تربّينا عليه في الحزب والحركة هو أن الأشخاص هم خادمون للمشروع وللأطروحة والمنهج الإصلاحي”، مسجلا أن “الإشكال اليوم في العدالة والتنمية ليس من يقود، بمن فيهم عبد الإله بنكيران، وهل يستمر هذا الأخير في رئاسة الحزب من عدمه”.

وأوضح أن “الإشكال يكمن في مدى وجود أطروحة بمضامين سياسية جديدة، تسمح باعتماد مفردات إصلاحية جديدة، وأن يخاطب حزب العدالة والتنمية المغاربة بخطاب للمستقبل بدل الارتكان للماضي”، قبل أن يستدرك “و هو ما لا يملكه للأسف اليوم حزب العدالة والتنمية لأنه يفتقد إلى مفردات في الخطاب السياسي متفق حولها”.

وخلص عضو أمانة البيجدي السابق إلى أن “المُهمّ اليوم ليس من يقود العدالة والتنمية في المرحلة المقبلة، بل الأهم بماذا سيقود وبأي أطروحة وبأي منهجية؟”، وهو ما يتطلب إعدادا جماعيا دون أي إقصاء”، مسجلا أنه “إذا كان هذا الحزب ما زال يشبه نفس المشروع الذي ينتمي إليه ومنطلقاته الأولى فإن المأمول هو المضامين التي ينبغي أن تنتج وفق مقاربة تشاركية وتشاورية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News