سياسة

من التعليم إلى المدونة.. حقوق الإنسان سنة 2023 في الميزان

من التعليم إلى المدونة.. حقوق الإنسان سنة 2023 في الميزان

شاءت سنة 2023 أن تودع المغاربة على وقع الاحتجاجات المتواصلة للشغيلة التعليمية والفعاليات المساندة للقضية الفلسطينية، إضافة إلى نقاش لم يغلق حول مدونة الأسرة، وقانون لدعم السكن ينتظر التنزيل، إضافة إلى ورش مفتوح للحماية الاجتماعية يراهن المغاربة أن يكفل لهم حق التطبيب.

تقييم المشهد الحقوقي بالمغرب خلال سنة 2023 قد لا يكون محط إجماع الفاعلين، ففي الوقت الذي ترى الحكومة أنها تبذل مجهودا مضاعفا بالجانب الاجتماعي من خلال عدد من الأوراش التي تكفل حقوق المغاربة، إضافة إلى تعاملها مع الاحتجاجات بأسلوب الحوار، يرسم الفاعل الحقوقي بالمقابل صورة قاتمة حول الوضع، وأن “هذه الحكومة لا تؤمن بقضايا حقوق الإنسان ولا تراعي الوضعية الحقوقية”، كما شدد أحد المتدخلين الحقوقيين بهذا الملف.

حرية التعبير والتظاهر.. هامش مهم!

شهدت هذه السنة كما غير مسبوق من أشكال التظاهر والاحتجاج  التي تعاملت معها السلطات بنوع من التساهل، خصوصا في ما يتعلق بإضرابات الأساتذة واحتجاجاتهم، وكذلك المسيرات والتظاهرات التي تعبر عن التضامن مع الشعب الفلسطيني في محنته، غير أن الأكاديمي والناشط الحقوقي، خالد البكاري، لا يرى في الأمر مزية ويعتبره مسألة “عادية نسبيا ولا يمكن أن نعتبرها مؤشرا على انفراج حقوقي”.

الناشط الحقوقي نفسه أفاد أنه في ما يخص القضية الفلسطينية “دائما عندما كانت تُسجل أحداث مأسوية، مثل التي نعيشها اليوم، كانت الدولة المغربية تسمح بالتظاهر، ولم يسجل عليها قط أنها منعت تظاهرا تزامنا مع أحداث مأسوية”، مضيفا “صحيح كان هناك قمع لمجموعة من الوقفات التي كانت رافضة للاتفاق الثلاثي بين المغرب والولايات المتحدة والكيان الصهيوني، لكن في تلك المرحلة لم يكن هناك عدوان إسرائيلي على الشعب الفلسطيني مثل الذي نعيشه اليوم”.

وتابع البكاري أنه “إذا استرجعنا أحداثا ماضية للحروب وتاريخ العدوان سنجد أن التظاهرات كان مسموحا بها، سواء داخل الشارع أو بالمؤسسات التعليمية والجامعية”.

وأضاف المتحدث نفسه في ما يخص احتجاجات الأساتذة أن “الأمر مرتبط بزخم الاحتجاجات الكبير وتضامن الأسر مع الأساتذة، الأمر الذي أفضى إلى نوع من التساهل من طرف السلطات، خاصة وأنها تتزامن مع ما يقغ في غزة”، مسجلا بالمقابل أن الاحتجاجات الأولى للأساتذة تم تفريقها بالعنف غير المتناسب.

السماح باحتجاج الأساتذة والتضامن مع الشعب الفلسطيني، وفق عادل تشكيطو، رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان “ليس منة ولا صدقة بل حقوق دستورية وحقوق أصلية نصت عليها المواثيق الدولية، والأصل هو أن تُصان هذه الحقوق ولا تنتهك”.

وتابع تشيكيطو أنه “رغم أن احتجاجات الأساتذة وفلسطين تم التعامل مع جلها بهذه المنطلقات، إلا أننا في سنة 2023 شاهدنا مجموعة من السلوكات التي من المفترض أن تُمحى كسلوك سلطوي من بلادنا، مرتبطة بالمتابعة والحكم على مجموعة من المعبرات والمعبرين عن الرأي وأيضا منع عدد لا يحصى من الوقفات الاحتجاجية السلمية”.

من جانبه، أفاد إدريس السدرواي، رئيس الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان، أن “الوضعية الحقوقية في المغرب خلال سنة 2023 في تراجع مستمر، إن على مستوى الحقوق المدنية والسياسية إذ ما يزال هناك مجموعة من معتقلي حرية الرأي والتعبير داخل السجون المغربية واستمرار متابعة الصحافيين على خلفية حرية الرأي والتعبير بالقانون الجنائي بدل قانون الصحافة والنشر، ومنع الاحتجاج السلمي وتفريقه في العديد من المحطات الاحتجاجية”.

“الاعتقال السياسي”.. انحباس أم استمرار؟

قضية الاعتقال السياسي كانت دائما ملفا حساسا، سيما مع الصدى الدولي والصورة القاتمة التي يقدمها هذا الملف عن المغرب، لكن ورغم تراجع أرقام الاعتقال السياسي في 2023، غير أن آراء فاعلين حقوقيين تباينت في تقييم الوضع الحقوقي من هذا الجانب، إذ يقر بعضهم بانحباس الاعتقال، بينما يرى آخرون أن ذلك لا يعبر عن “انفراج حقوقي”.

ويؤكد تشكيطو، رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، أنه “لم يكن، حسب علمنا، في سنة 2023 أي اعتقال بسبب التوجه السياسي، وحتى نكون دقيقين فالسجين السياسي هو من تم توقيفه بدون تهمة جنائية وبسبب توجهاته وأفكاره السياسية أو الإيديولوجية المخالفة لعقيدة الدولة السياسية، غير أن هناك تقدير يختلف من شخص لآخر لمفهوم المعتقل السياسي وهو ما يتم تصريفه في مواقف مختلفة، لكن الاعتقالات المرتبطة بالرأي مستمرة وإن كان التفاعل الشعبي والتضامن مع ضحاياها قد خفت خلال سنة 2023”.

بدوره، يؤكد خالد البكاري أنه “لا يمكن القول بوجود ارتفاع في مؤشر الاعتقال السياسي خلال هذه السنة، ولا يمكن أيضا أن نقول بوجود انخفاض”، مشيرا إلى أن “الوضعية بقيت على حالها، بينما خلال سنة 2020 و2021 كان هناك تصاعد كبير في الاعتقال السياسي”، مسترسلا “خلال هذه السنة لم نشهد محاكمات سياسية أو بسبب الرأي بنفس الوتيرة التي كانت عليها خلال السنتين السابقتين، ولكن أيضا لم يقع أي انفراج”.

وأبرز البكاري أن “الذين حوكموا خلال السنوات الماضية ما زالوا في السجون”، مشددا على أن “الانفراج في ملف الاعتقال السياسي يجب أن يكون مرتبطا بإطلاق سراح معتقلي الرأي في المغرب، وهو ما لم يحدث هذه السنة”، مسجلا أنه “كانت محاكمات بسبب الرأي في هذه السنة، وإن كانت ليست بنفس وتيرة سنتي 2020 و2021، ولكنها مستمرة بوتيرة أقل”.

تعديل المدونة.. أية آفاق؟

شهدت سنة 2023 فتح باب النقاش لتعديل مدونة الأسرة بعد مرور ما يناهز 20 سنة عن تعديلها، حيث تم تشكيل لجنة للاستماع لآراء الجمعيات والأحزاب السياسية والنقابات وغيرها، وهي المبادرة التي استقبلها حقوقيون بالتنوية لما سيكون لها من انعكاسات إيجابية على وضعية المرأة والأسرة والطفل.

وفي هذا الصدد، أشاد السدراوي، رئيس الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان، “بمنهجية اشتغال اللجنة عبر الانفتاح على الفاعلين والجمعيات والنقابات والأحزاب السياسية، وفتح حوار مجتمعي”، مضيفا أن “تقييم النتائج لا يمكن التنبؤ به إلا بعد الإطلاع على الوثيقة النهائية التي ستعرض على البرلمان قصد المصادقة عليها”، مؤكدا أنها ستضم مكتسبات للمرأة والطفل والأسرة عموما.

ومن جانبه، يُقر عادل تشيكيطو أن “هناك جهود تبذل من طرف الجميع لتبويء المرأة المكانة التي تستحقها، ونعتقد أن من يريد تحجيم حقوق المرأة في إصلاح مدونة الأسرة خاطئ وغير مستوعب لفكرة أن احترام وتعزيز حقوق المرأة في المجتمع هو ورش مجتمعي يتجدد بتقدم المجتمع ويتطور برُقي الأفراد”.

أما الناشط الحقوقي خالد البكاري، فيعتقد بأنه “لا يجب حصر حقوق النساء بالمغرب في ما يتعلق بالمدونة والحريات الفردية، لأن حقوق المرأة أشمل وتتضمن إلى جانب الحقوق السياسية والمدنية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية”، موضحا أنه في مجال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية فإن “وضع النساء صعب جدا وسيء، مستحضرا وضعية العاملات الزراعيات ووضعية النساء في العالم القروي والنساء المشتغلات في القطاعات غير المهيكلة، كما أن تفاوت الأجور بين النساء والرجال ما زال مستمرا، كما أن الهدر المدرسي يسجل بصفوف الإناث أكثر من الرجال، واستمرار الأرقام المخيفة للعنف المنزلي بصفوف النساء”.

وتابع البكاري أنه “لا يمكن إنكار وجود تقدم في بعض المؤشرات خاصة التمثيلية السياسية للنساء ونسبة النساء في المناصب العليا، وإن كانت لم تصل إلى تحقيق المناصفة، ولكن هناك تقدم نسبي يسجل في صفوف المتعلمات أو المنحذِرات من طبقات عليا، في حين أن باقي النساء الذي يعيشن الأمية الأبجدية أو المنحدرات من مناطق صعبة ما تزال أوضاعهن سيئة”.

وأوضح المتحدث ذاته أن “من جهة أخرى، فنقاش المدونة مهم، سواء كان موقف الفرد معارضا للدولة أو مؤيدا لها، ذلك أنه لا يمكن إنكار أن فتح النقاش حول مدونة الأسرة مهم، وإن كان قد تأخر لأن السنوات الأولى لتطبيق مدونة الأسرة أبانت عن ثغرات، خاصة ما يتعلق بزواج القاصرات، والولاية بعد الطلاق، والنفقة، وبعض المظاهر المرتبطة بالإرث مثل التعصيب”.

وعبّر البكاري عن أماله في أن “تكون التعديلات الجديدة أكثر إنصافا للمرأة والطفل ولكل أطراف العلاقة الزوجية”، مشددا على أن “الأسرة مهمة في بناء المعمار الاجتماعي، ومدونة أسرة عادلة ومنصفة للجميع يمكن أن تساهم في تمتين هذا المعمار”، قبل أن يستدرك “لا أعتقد أن هذه التعديلات يمكن أن تذهب إلى حدود قصوى متوافقة كليا مع المعايير الكونية لحقوق الإنسان، خصوصا وأن هناك بعض البروتوكولات الاختيارية المرتبطة بالنساء أو الأطفال لم يصادق عليها المغرب، إضافة إلى أن حساسية المدونة في ارتباطها بالشرع الإسلامي تُضيق من مجال باقي الفاعلين باعتبار محورية مؤسسة إمارة المؤمنين في الهيكل المؤسساتي والإيديولوجي للدولة، وبالمقابل يمكن أن نشهد بعض التقدم في ما يخص منع زواج القاصرات والنفقة والتعصيب”.

الحريات الفردية.. “مقاومة قانونية ومجتمعية”

وحول موضوع الحريات الفردية الذي يخلق تقاطبا مجتمعيا ويثير نقاشا قانونيا، يرى البكاري أن الإقرار بها “يشهد نوعا من المقاومة القانونية والمجتمعية، تتجلى الأولى في استمرار مجموعة من القوانين التي تُقيد الحريات الفردية فيما يخص العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج والإفطار العلني في رمضان وغيرها، إضافة إلى أن مجموعة من الحريات الفردية تعرف تجريما مجتمعيا، والأكثر من ذلك أن أطرافا من المجتمع ترفض حتى ما هو غير مجرم قانونيا مثل دراسة الفتيات بالجامعات والمنع من العمل والتحكم في الزي من طرف الأسرة”.

وتابع الناشط الحقوقي أنه “للأسف في بعض الأحيان يتم استثمار ما هو مجرّم قانونا في مسألة الحريات الفردية لتصفية حسابات مع أشخاص معينين لأسباب اجتماعية أو اقتصادية وحتى سياسية”، مفيدا بأن “الحقوقيين يعون بأنه مرتبط بالمجتمع ومرتبط بالثقافة والتربية، ولهذا يجب العودة إلى التربية على المواطنة وحقوق الإنسان وتوسيع هامش تدخل المجتمع المدني في مثل هذه الأمور”.

إلا أن عادل تشكيطو له رأي آخر، إذ يعتبر أن “الحريات الفردية في عموميتها هناك احترام لمجملها من طرف الدولة والمجتمع، غير أن الحديث عن الحريات الفردية بالمفهوم السائد لدى الرأي العام والمرتبط مثلا بالإفطار في رمضان والمثلية… فهذه القضايا حتى إن كانت حقوقا لدى شعوب أخرى فهي ممنوعة قانونيا في المغرب”.

وتابع تشيكيطو أنه “من غير المنطقي نحن كحقوقيين أن نشجع على خرق القانون أو أن نبرر تجاوزه، لكن بوسعنا النضال من أجل تغييرها بالطرق المتاحة، وفي هذا المنوال أرى كفاعل حقوقي ورئيس للعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، أن الحقوق الفردية لا يمكنها أن تتجاوز الاتفاق الجماعي عليها وأن تحترم خصوصية المجتمع وأعرافه وتقاليده وديانته والطبيعة”.

الأطفال.. بين البيدوفيليا والإضراب

شهدت سنة 2023 إثارة العديد من قضايا “البيدوفيليا” التي صدرت أحكام مشددة ضد المتورطين بها، للمساهمة في حماية حقوق الأطفال المغاربة، بينما خلّف استمرار إضراب الشغيلة التعليمية لما يناهز ثلاثة أشهر الإخلال بحقوق الطفل في التمدرس.

وحول حقوق الأطفال أورد البكاري أن “هناك قوانين تحمي حقوق الأطفال في التمدرس والرعاية الصحية وتجريم عمل الأطفال وغيرها، لكن هناك نقص كبير في ما يخص باقي حقوق الطفل، بما فيها حقه في التمدرس وتعليم منصف وذو جودة، ذلك أن حال المدرسة العمومية لا يبشر بالخير”.

وأشار البكاري أيضا إلى ضعف حقوق الطفل المتعلقة بالترفيه والتنشئة الاجتماعية السليمة أمام تناقص دور الشباب ومعاهد الموسيقى سنة بعد أخرى، وعدم وجود فضاءات خضراء كافية داخل المدن، مشيرا إلى أن الأطفال في العالم القروي يعانون من النقص في كل الخدمات الاجتماعية المرتبطة بالصحة والترفيه وغيره.

ونوه البكاري بالمقابل بمجموعة من القوانين التي تجرم ممارسات تضر بالطفولة مثل الاعتداءات الجنسية وتجريم عمل الأطفال، مضيفا أنه مع ذلك “يتم في بعض الأحيان إصدار أحكام مخففة ولا يتم تصحيحها في المراحل الاستئنافية إلا بعد ضغط المجتمع عبر مواقع التواصل الاجتماعي”.

ومن جانبه، أوضح السدراوي أن “خدمة التعليم متردية، إذ يتم حرمان أبناء الفئات الفقيرة والمتوسطة من التعليم العمومي”، مشددا على أنها “متردية حتى في حال وجود الدراسة، ذلك أن خدمة التعليم سيئة وتعاني مجموعة من المشاكل من قبيل اهتراء البنيات المدرسية والاكتظاظ وضعف المقررات وغيرها”.

وبخصوص محاكمة البيدوفيليين هذه السنة، شدد السدراوي على “ضرورة التوعية عبر المدارس وعبر الوصلات الإشهارية حول كيفية تعامل الأطفال مع هؤلاء المرضى المعتدين جنسيا على الأطفال”، منوها بدور القضاء الذي يلعب دوره في ردع المعتدين على الطفولة المغربية، مطالبا بتشديد العقوبات على المعتدين على الأطفال والقاصرين.

وأفاد تشيكيطو أن “الدستور والقوانين المغربية في مجال حقوق الطفل متقدمة، لكن على مستوى الممارسة هناك مجموعة من التجاوزات، والتي ليست بالضرورة مرتبطة بجهاز من أجهزة الدولة المختصة وإنما بسلوكات فردية من قبيل البيدوفيليا”.

وتابع أنه “رغم أن الأحكام القضائية الموجهة ضد بعض الوحوش الآدمية المتلبسة بهذا الفعل قد صدرت في حقها أحكام  مشددة إلا أننا نرى أن الأحكام القضائية غير كافية، إذ نحن في حاجة إلى استراتيجية تربوية وقانونية لوضع حد لمثل هذه السلوكات”.

دعم السكن وسطوة لوبيات العقار

وعن حق السكن خلال سنة 2023، استحضر البكاري “ما أظهره زلزال الحوز من خصاص كبير على مستوى تأمين سكن لائق للمواطنين في العالم القروي، إضافة إلى أن العالم الحضري يشهد بأغلب الأحياء غلاء العقار وغلاء السومة الكرائية بفعل المضاربات ما يحرم مجموعة من المواطنين من سكن لائق”.

وبخصوص مشروع دعم السكن الذي أعلنته الحكومة، أوضح البكاري أن “هذا الأمر لن يساهم في تقليص الفجوة في هذا الجانب لأن المضاربات العقارية هي المشكل الأكبر”، مشددا على أنه “لو حاربت الدولة المضاربات وريع العقار وأباطرته فإن كلفة السكن ستكون أقل بكثير بالمغرب مما هي عليه اليوم”.

وأردف الناشط الحقوقي نفسه أن “تلك المنحة الهزيلة التي ستقدم لدعم السكن في واقع المضاربات العقارية لن تكون حلالا بل قد تكون في صالح المضاربين العقاريين الذين قد يتواطؤون لرفع أثمنة العقار”.

وعلى مستوى الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، فقد سجل السدرواي “وجود تراجع كبير، خاصة على مستوى الهدم التعسفي لمنازل ساكنة دور الصفيح بالمغرب دون إيجاد حلول وسكن بديل، ذلك أن الآلاف من الأسر تعيش في سكن لا يتوفر فيه الحد الأدنى من المعايير”.

ولفت السدراوي إلى أن “مشروع دعم السكن يحمل بوادر فشله، لأن هذا الدعم مرتبط بنوع من التجزئات التي لديها مصادقة مسبقة، وبالتالي فالمبالغ تم زيادتها في الثمن، والمواطن سيشتري بنفس الثمن الذي كان سابقا بالسوق”.

وطالب السدراوي “بفتح تحقيق جنائي وإداري بمؤسسة العمران التي فوتت مئات الآلاف من البقع للسماسرة واغتنى مسؤولوها بجميع مناطق المغرب، وهيكلة هذه المؤسسة لتمكين الموظفين والعاملين والأسر من بناء لائق بدل هذا الدعم المباشر الذي أثبتت تجارب سابقة أن الاستفادة منه تكون من جانب المقاولين على حساب المواطنين وجودة المدن”.

ومن جهته، يرى تشكيطو، رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، أنه “لا يمكن بأي حال من الأحوال أن ننكر أي مجهود تقوم به الدولة في اتجاه توفير الحق في السكن للمواطنات والمواطنين المغاربة، وقد برز هذا المجهود بشكل أساسي في الدعم الأخير الذي أقره ملك البلاد وفي دعم سكن ضحايا زلزال الحوز وفي إعادة إسكان قاطني دور الصفيح”.

لكن هذه المبادرات دائما ما تواجه، وفق تشيكيطو، “بعقبات وسلوكات بعض المسؤولين على تصريف تلك البرامج، فمثلا بمدينة تمارة قامت السلطات بالقضاء كليا على دور الصفيح لكنها شردت وتسببت لآلاف العائلات في مشاكل اجتماعية ورمت بهم نحو المجهول ومازال بعضهم يعاني لحد الآن بسبب التصريف غير السوي للسلطات لتلك البرامج التي تضمن الحق في السكن”.

الصحة.. آمال معلقة!

واعتبر إدريس السدرواي، رئيس الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان، أن الصحة “ورش مهم يجب أن تشتغل عليه الحكومة مع باقي الفرقاء”، مستدركا بأنه “إلى حد الآن فإن البنية التحتية بالمغرب ما زالت مهترئة ولا تتماشى مع المطالب الصحية للمواطنات والمواطنين المغاربة”.

ويجب على الدولة، وفق الحقوقي نفسه، “تقوية البنية التحتية وتعميم الحماية الاجتماعية”، مؤكدا “ضرورة التفكير جديا في التعويض عن الفقر بدل تعويض الأسر، لأن هناك أشخاص بدون أسر وهم بحاجة للدعم والمؤازرة”.

وأبرز الناشط الحقوقي، خالد البكاري، فيما يخص الحق في الصحة أنه “يجب مساءلة وضعية المؤسسات الاستشفائية وهي وضعية هشة وتتدهور سنة بعد أخرى”، مضيفا أن “عدد الأسرة الموجودة بالنظر إلى عدد السكان يضعنا بالمرتبة الأخيرة على مستوى شمال إفريقيا وهذا وضع محزن جدا”.

ولفت البكاري إلى أنه “لا يمكن تقييم برنامج الحماية الاجتماعية إلا بعد سنة أو سنتين حتى يتبين ما إذا كان هناك تحسن واستفادة أوسع مقارنة بتجربة راميد”، مثيرا أيضا تردد الشكاوى حول إقصاء مواطنين سبق أن استفادوا من “راميد” وأصبحوا اليوم مجبرين على أداء واجبات الاشتراك في صندوق الضمان الاجتماعي.

ويؤكد تشيكيطو من جانبه “عدم حدوث تقدم بخصوص الحق في الصحة على المستوى العملي، وهذا لا يجعلنا ننكر المجهودات التي تقوم بها الحكومة والدولة من أجل توفير هذا الحق للمواطنين، ولكن تظل غير كافية وأثرها غير ملموس على أرض الواقع، إذ لم يتم الاستمرار بنفس النَفس الذي كان خلال أيام كورونا”.

وأوضح تشيكيطو أن “عددا من المراكز ما يزال بها عدد الأطباء والممرضين قليل مع تسجيل غياب الأدوية بالمراكز الصحية ونقص التجهيزات، وسلوك بعض المنتسبين للقطاع الذي يفتقر للمعايير، ما يتطلب تأهيل الموارد البشرية لتنزيل الحماية الاجتماعية، خاصة على مستوى القيم”.

وطالب تشيكيطو وزارة الصحة “ببذل مجهود على مستوى العناية بالعاملين في قطاع الصحة حتى يكون العاملون بالقطاع قادرين على تقديم منتوج يتوافق مع مبادئ ورش الحماية الاجتماعية”، مشيرا إلى العديد من الحوادث المؤسفة التي لم يفتح فيها تحقيق ومنها قضية سلمى الياسيني التي توفيت بمدينة تطوان “بخطأ طبي”.

 الهجرة.. حصيلة إيجابية

وأضاف السدراوي بأن منظمته حضرت لتقديم المغرب تقريرا حول الهجرة والمهاجرين بالأمم المتحدة، وكان هناك تقييم إيجابي من الخبراء الذين حضروا بأن هناك إيجابيات كثيرة، متمنيا استمرار هذه الدينامية وتحسين مجموعة من الملاحظات الواردة بتقرير الأمم المتحدة وملاحظات الجمعيات الحقوقية.

وأشار المتحدث نفسه إلى ضرورة مزيد من العمل حتى تتماشى سياسة الهجرة مع انفتاح المغرب على البعد الإفريقي، مؤكدا بالمقابل أن الاتحاد الأوروبي الذي يجب أن يتحمل مسؤوليته في دعم المغرب لاستقبال اللاجئين وإدماجهم بسوق الشغل المغربية أو تأهيلهم للعودة إلى البلدان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News