سياسة

العدوي تفضح “فشل” بركة في تطويق نهْب مقالع المملكة

العدوي تفضح “فشل” بركة في تطويق نهْب مقالع المملكة

كشف المجلس الأعلى للحسابات عن “فشل” وزير التجهيز والماء، نزار بركة، في وضع حد لوقف “نهْب” رمال الشواطئ والمقالع الذي يضيّع على المغرب 5 ملايير درهم سنويا، مسجلا أنه أنه بالرغم من أن القانون رقم 27.13 الصادر المتعلق بالمقالع جاء في 2015 بعدة آليات لتجويد تدبير القطاع، إلا أنه بسبب تعدد المتدخلين وتراكم الاختلالات على مر السنين لا تزال مجموعة من النقائص بحاجة لإيجاد حلول جذرية.

ونبه التقرير السنوي للمجلس العدوي، المرفوع إلى الملك محمد السادس، إلى انتشار المقالع “غير القانونية” التي تعد من بين الإشكاليات التي يعاني منها القطاع، وتساهم عدة عوامل في استمرارية هذا النوع من المقالع كعدم فعالية إجراءات المراقبة، والاستخراج غير المرخص لمواد المقالع لتنفيذ المشاريع، إلى جانب التذرع بالظروف الاجتماعية للساكنة المحيطة، في بعض الحالات.

نهب الرمال

وأصبح الخطر يحدق برمال الشواطئ في المغرب ويهدد بتحولها إلى شواطئ صخرية، بعد سرقة ونهب 10 مليارات متر مكعب من الرمال المستعملة، بحسب ما كشف عنه التقرير الأخير الصادر عن  برنامج الأمم المتحدة للبيئة.

وأشار التقرير الأممي إلى أن نصف حجم الرمال المستعملة كل سنة في البناء في المغرب، أي ما يعادل 10 ملايين متر مكعب، يتم توفيرها بشكل غير قانوني، مذكرا بأن “مافيا” الرمال تفوت على خزينة الدولة ما يقارب 5 مليارات درهم، كما أنها ترتكب جرائم خطيرة في حق البيئة، من خلال نهب وتشويه الموروث الطبيعي للمملكة والمتمثل في الكثبان الرملية الشاطئية.

ويضطلع العديد من الفاعلين بمهام مراقبة استغلال المقالع منهم أساسا شرطة المقالع وشرطة المياه والشرطة الإدارية والشرطة القضائية وشرطة البيئة والشرطة الغابوية وشرطة الملك العام البحري والشرطة الطرقية واللجان الإقليمية لاستغلال المقالع والسلطة المحلية، وذلك في غياب إطار عام للمراقبة يحدد بوضوح وبشكل معقلن أدوار ومسؤوليات كل الفاعلين في هذا المجال.

ضعف المراقبة

وأكد المجلس الأعلى للحسابات أن دور شرطة المقالع “يبقى محدودا”، وحتى نهاية سنة 2022، للاحظ المجلس أنه من أصل 300 عون تقرر تعيينهم من طرف وزارة التجهيز والماء، لم يتم تعيين سوى 190 عوناً علما أن معظمهم لا يقومون حصريًا بمهمة شرطة المقالع بالإضافة إلى أن 75 منهم يشغلون مناصب إدارية (مديرين إقليميين وجهويين) غير متناسبة مع مهام شرطة المقالع.

وأوضح  أن تسجيل المخالفات من قبل شرطة المقالع، لا يتم إلا داخل تراب خمس (5) جهات من أصل 12، بالإضافة إلى أن مال هذه المخالفات يبقى محدودا على اعتبار أن 50 بالمئة من أوامر المداخيل المتعلقة بها تم رفض التكفل بها من قبل الخزنة الإقليميين إما لعدم وجود تبويب مخصص لها في الميزانية (38 بالمئة) أو لعدم تطبيق النص القانوني الملائم (11بالمئة) أو لكون مستغل المقلع في وضعية تصفية قضائية(1 بالمئة).

وبالإضافة إلى شرطة المقالع تضطلع اللجان الإقليمية لاستغلال المقالع والتي يرأسها عامل الإقليم وتتألف من الممثلين الإقليميين للوزارات والسلطات المحلية وممثلي المؤسسات العمومية، بمهمة مراقبة المقالع. ويتضح من خلال تقارير عمل هذه اللجانن حسب مجلس العدوي، أن الزيارات الميدانية التي تقوم بها لا تشمل جميع المقالع ، كما أن هدف زيارتين ميدانيتين للمراقبة في السنة على الأقل لكل مقلع، لا يتم تحقيقه.

وكشف التقرير السنوي لمجلس الحسابات، أنه على الرغم من أن الزيارات الميدانية التي قامت بها هذه اللجان قد مكنت من تسجيل 9.349 مخالفة، خلال الفترة الممتدة من سنة 2018 إلى غاية سنة 2020، إلا أن الغرامات التي تم فرضها، لم تتجاوز تسع (9) غرامات تم تحرير أوامر مداخيل بشأنها.

تلاعب بالبيانات

من جهة أخرى، وقف المجلس على عدم فعالية نظام تتبع الكميات المستخرجة، حيث تبين من خلال مقارنة كميات الرمال المصرح بها والكمية التقديرية للرمال المستهلكة، الموافقة للإنتاج الوطني من الإسمنت حسب بيانات الجمعية المهنية لشركات الإسمنت، أن المعدل السنوي لكميات الرمال غير المصرح بها يقدر بنحو 9,5 مليون متر مكعب، أي ما يعادل 79 بالمئة من كميات الرمال المستهلكة.

وسجل المجلس الأعلى للحسابات أن هذه “النقائص” تفوت على خزينة الدولة، سنويا ما يقارب 166 مليون درهم من مداخيل الرسم الخاص المفروض على الرمال، أي ما يناهز أربعة أضعاف معدل الإيرادات السنوية الفعلية لهذا الرسم الذي يبلغ 44 مليون درهم.

وبشأن التتبع البيئي لاستغلال المقالع، سجل المجلس أن 10 بالمئة من المقالع المستغلة لا تتوفر على الدراسة المتعلقة بالتأثير على البيئة، مما يحول دون تتبع هذه المقالع واحتواء آثارها البيئية، وذلك في غياب أي تقييم مسبق وتحديد للتدابير الكفيلة بإزالة التأثيرات السلبية أو التخفيف منها أو تعويضها.

وتحول مجموعة من العوامل، حسب مجلس العدوي، دون تتبع الجوانب البيئية لاستغلال المقالع، كالافتقار إلى الموارد البشرية المؤهلة على مستوى المصالح اللامركزية لوزارة التجهيز والماء، مشيرا إلى غياب تحديد للمواصفات التقنية التي يجب احترامها في ما يخص الآثار السلبية على البيئة كتلك المتعلقة بالضوضاء، والاهتزازات، وانبعاثات الغبار وإتلاف الطرق العمومية.

وبالإضافة إلى ذلك، فقد سجل المجلس الحاجة الى تعزيز تناسق التوجهات الاستراتيجية لوزارة التجهيز والماء فيما يتعلق بتدبير قطاع المقالع مع باقي الاستراتيجيات القطاعية، لاسيما تلك المتعلقة بالجوانب البيئية والتنمية الترابية. كما لاحظ المجلس أن إصلاح القطاع لا يندرج في إطار ميزانياتي، وأن تمويل الإجراءات في هذا المجال لا يرتبط ببرمجة ميزانياتية.

تبريرات بركة

وفي معرض جوابها على ملاحظات المجلس أقرت وزارة التجهيز والماء، أن نتائج العقوبات المالية للسنوات 2020 و 2019و 2018  “تكاد تكون ضئيلة” بسبب تأخر اعتماد النصوص التطبيقية للقانون 27.13 المتعلقة بشرطة المقالع المرسوم رقم 2.18.912

وأكدت وزارة بركة أنها تعمل على المستوى المركزي، على إعادة هيكلة قسم تدبير المقالع بتعزيزه بثلاث (3) مصالح أخرى، وعلى تعميم إنشاء مصالح تدبير المقالع في جميع المديريات الإقليمية وفصل الملك العام عن المقالع لأن الأمر يتعلق باختصاصات غير متجانسة وغير متوافقة.

أما على المستوى الجهوي، اقترحت وزارة التجهيز والماء إنشاء مكتب لتدبير المقالع ملحق بمصلحة التخطيط والدراسات الاقتصادية أو المركز الجهوي للدراسات التقنية.

وأشارت الوزارة إلى أن الدولة شرعت في اتباع نهج شامل لإصلاح قطاع المقالع في أفق وضع استراتيجية شاملة بالتوافق مع جميع الشركاء الوزارات المسؤولة عن قطاعات الداخلية، وإعداد التراب الوطني، والبيئة، والصيد البحري، والمنتخبون، والمهنيون، والمجتمع المدني

من جانب آخر، سجل المجلس الأعلى أن الإطار الاستراتيجي لتدبير قطاع المقالع، يفتقر إلى مقاربة شمولية، في غياب استراتيجية وطنية متكاملة تهدف إلى تدبير أمثل ومستدام للموارد، وتثمين المواد المستخرجة، وتعزيز الطابع المهني لمستغلي المقالع.

وأشار إلى أن أن وزارة التجهيز والماء، اتخذت مجموعة من الإجراءات تهم أساسا إصلاح الجوانب القانونية والتنظيمية والشروع في إعداد مخططات جهوية لتدبير المقالع وإحداث هيئات للحكامة. وسجل المجلس أنه الرغم من ذلك، فإنها لم تتمكن من وضع خارطة عمل متكاملة وواضحة تأخذ بعين الاعتبار جميع المكونات المتعلقة بهذا القطاع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News