مجتمع

“هيئة محاربة الرشوة” ترفض تصريحات وهبي وتتمسّك بـ”تجريم” الإثراء غير المشروع

“هيئة محاربة الرشوة” ترفض تصريحات وهبي وتتمسّك بـ”تجريم” الإثراء غير المشروع

رفض محمد البشر الراشدي رئيس للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها تصريحات وزير العدل عبد اللطيف وهبي التي لوح فيها بامكانية، حذف مقتضى “الإثراء غير المشروع” من مشروع القانون رقم 10.16 المتعلق بتتميم وتغيير مجموعة القانون الجنائي.

وأكد الراشدي، في معرض جوابه  اليوم الأربعاء على سؤال لـ”مدار21″ خلال ندوة صفيحة خصصت لتقديم التقرير السنوي لهيئة مكفحة الرشوة برسم 2022، أن الهيئة تتمسك بموقفها الواضح من تجريم الإثراء غير المشروع، وأن موقف وزير العدل يخصه ومن الواضح أن هناك خلافا بين رأي الهيئة وموقف الوزير بهذا الخصوص”.

وأعلن رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها،  عزم الهيئة تنظيم مائدة مستديرة حول موضوع الإثراء غير المشروع باعتباره يمس النقاش الوطني ويتعين التقدم بشأنه، خاصة في سياق تفاقم مستوى الفساد مع اعتبار “الإثراء غير المشروع” جريمةً مستقلة بمقوماتها الجرمية وعقوباتها وقواعدها الإجرائية.

وتعتبر هيئة مكافحة الراشدي، أن الإثراء غير المشروع، يتحقق بالزيادة الكبيرة في موجودات الموظف العمومي أو الأشخاص الملحقين به، والتي طرأت بعد تولي الوظيفة أو قيام الصفة، وكانت لا تتناسب مع مداخيله المشروعة، وعجز عن إثبات مصدر مشروعيتها، مع التأكيد على قيام جريمة الإثراء غير المشروع على مبدأ العمد،  أي تحقُّقِها بالقصد الجنائي العام بعنصريه العلم والإرادة

وفي تطوّرٍ جديد للجدل، الذي رافق سحب الحكومة لمشروع القانون الجنائي، بعد أكثر من 6 سنوات على إحالته على البرلمان، لوّح وزير العدل عبد اللطيف بامكانية حذف مقتضى “الإثراء غير المشروع” من مشروع القانون رقم 10.16 المتعلق بتتميم وتغيير مجموعة القانون الجنائي.

وقال وهبي، “إذا ارتأيت أن الإثراء بدون سبب، له قيمة قانونية وسيعلب دورا اجتماعيا مهما سأحافظ عليه وأنص عليه ضمن مشروع القانون الجنائي، الذي سحبته الحكومة من البرلمان”، مضيفا و”إذا ارتأيت أنه لا ينص على ذلك، سأسحبه بكل جرأة وشجاعة، لأن هذه قناعة مطلقة وأنا هنا في هذا الموقع لأعبر عن رأيي ورأي حكومتي”، واستدرك  “لكن إذا رأى رئيس الحكومة أن يحافظ على الاثراء غير المشروع فسأقوم بتنفيذ ما يطلبه مني لأنه رئيس الحكومة”.

ورفض وزير العدل عبد اللطيف وهبي مقترحا برلمانيا يقضي بإدراج الإثراء غير مشروع في لائحة الجنح المتعلقة بالجرائم التي لا تحكم بالعقوبات البديلة، وهو الرفض الذي زكته لجنة العدل والتشريع وحقوق الانسان بمجلس النواب، خلال جلسة التصويت على مشروع قانون العقوبات البديلة الذي فسح المجال لـ”شراء أيام السجن” باعتماد مقتضى الغرامة اليومية.

وعلّل وزير العدل ، رفضه بإدراج “الإثراء غير مشروع” في الفصل 3-35 المتعلق بالجنح التي لا تحكم بالعقوبات البديلة إلى جانب الاختلاس أو الغدر أو الرشوة أو استغلال النفوذ أو تبديد الأموال العمومية، بإن هذا النوع من التهم لا يوجد في القانون الجنائي وهو في “حكم الغيب” ولا يمكن البناء عليه.

ووسط تأخر الحكومة في إخراج مشروع القانون الذي يقضي بتغيير وتتميم مجموعة القانون الجنائي، والمتضمّن لمقتضيات تجرم الإثراء غير المشروع، دعا محمد بشير الراشدي رئيس للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، إلى إدراج هذه الجريمة ضمن قانون خاص، وضمن الجرائم الجنائية، مع اعتماد العقوبة السالبة للحرية في معاقبة المتورطين فيها.

واقترحت هيئة مكافحة الرشوة، تجريم حصول زيادة كبيرة في ثروة الموظف العمومي أو من في حكمه أو في ثروة زوجه أو أبنائه القاصرين بعد تولي الوظيفة أو قيام الصفة، مع عدم تناسب الزيادة مع المداخيل المشروعة، والعجز وعدم القدرة على تبرير ذلك.

وباستقراء المرجعيات الدولية لمكافحة الفساد، طالبت الهيئة الدستورية، باعتماد مبدإ الحكم بالغرامة المساوية لقيمة الكسب غير المشروع مع رد الأموال، على أن سقوط الدعوى الجزائية بالوفاة لا يحول دون تنفيذ الحكم برد الأموال، مشددة على ضرورة إخضاع الأشخاص المعنويين لأحكام قوانين الإثراء غير المشروع، واعتماد آلية استرجاع الموجودات غير المشروعة العائدة للسياسيين الأجانب أو أقاربهم.

ومنذ أن أحالته حكومة عبد الإله بنكيران على مجلس النواب المغربي بتاريخ 24 يونيو 2016، ظل مشروع القانون الذي يقضي بتغيير وتتميم مجموعة القانون الجنائي، خصوصا الفصل المتعلق بالإثراء غير المشروع، مثار جدل ونقاش واسع دون أن يعرف الانفراج، فيما قررت حكومة أخنوش سحب المشروع من البرلمان مبررة خطوتها “بضرورة مناقشة مشروع القانون المثير للجدل في شموليته”.

وينص الفصل 8-256 من مشروع القانون، “يعد مرتكبا لجريمة الإثراء غير المشروع، ويعاقب بغرامة من 100 ألف إلى مليون درهم كل شخص ملزم بالتصريح الإجباري بالممتلكات طبقا للتشريع الجاري به العمل ثبت توليه للوظيفة أو المهمة أن ذمته المالية أو ذمة أولاده القاصرين الخاضعين للتصريح عرفت زيادة كبيرة وغير مبررة، انطلاقا من التصريح بالممتلكات الذي أودعه المعني بالأمر بعد صدور هذا القانون مقارنة مع مصادر دخله المشروعة، ولم يدل بما يثبت المصدر المشروع لتلك الزيادة”.

وأضاف الفصل ذاته أنه “علاوة على ذلك يجب في حالة الحكم بالإدانة، الحكم بمصادرة الأموال غير المبررة طبقا للفصل 42 من هذا القانون والتصريح بعدم الأهلية لمزاولة جميع الوظائف أو المهام العمومية طبقا للفصل 86”.

وحسب مقترحات هيئة مكافحة الرشوة التي تضمنها تقريرها السنوي برسم 2021، يتعين الحرص على  تحقيق التوازن بين حق الدولة في حماية أمنها وأمن مجتمعها، وحق المواطنين في إثبات براءتهم، داعية النيابة العامة إلى رصد أي “زيادة كبيرة” في ثروة الموظف العمومي أو من في حكمه أو في ثروة زوجه أو أبنائه القاصرين بعد تولي الوظيفة أو قيام الصفة، مع عدم تناسب الزيادة مع المداخيل المشروعة.

ودعت الهيئة، إلى اعتبار هذه الجريمة من الجرائم المرتكبة من طرف الموظف العمومي بمفهومه الجنائي، مع إلحاق ثروة الأبناء القاصرين والمتكفل بهم، مطالبة بشمول نطاق الإثراء غير المشروع للموجودات بشكل عام؛ بما يستوعب الأموال، سواء المنقولة أو العقارية، أو غيرها من الأشياء الثمينة أو التي تحقق فوائد كبيرة.

ومن أجل تجريمه، دعت الهيئة ذاتهـا إلى اعتماد الجزاء المناسب الذي يتضمن العقوبة الحبسية أو السجنية والغرامة، والحرمان من العائدات، وكذا الحرمان من بعض الحقوق، بما فيها إسقاط الأهلية لتولي المناصب العمومية أو الانتدابية أو تولي المناصب في المنشآت المملوكة كليا أو جزئيا للدولة، مع التأكيد على أهمية التنصيص على مبدأ نشر العقوبات.

وطالب المصدر نفسه، بإرساء الآليات الملائمة للرصد والتحري عن جريمة الإثراء غير المشروع من خلال رصدها عبر تتبع التصاريح بالممتلكات من قبل المجلس الأعلى للحسابات، عبر صلاحيات البحث والتحري عن جرائم وأفعال الفساد التي تضطلع بها الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News