فن

“أبي لم يمت”..الفاضلي ينقل مشاهد قساوة سنوات الرصاص إلى قلب مهرجان مراكش

“أبي لم يمت”..الفاضلي ينقل مشاهد قساوة سنوات الرصاص إلى قلب مهرجان مراكش

عرض المخرج المغربي عادل الفاضلي، مساء اليوم الإثنين، فيلمه الأول الطويل “أبي لم يمت” أمام جمهور المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، ضمن فقرة بانوراما.

وتنطلق أحداث الفيلم في سيرك شعبي يصدح فيه صوت الموسيقى، ويجسد صور البهجة التي تعكس بساطة زواره من المواطنين الذين ينتمون إلى فئة اجتماعية كادحة، تخلق سعادتها بأساليب بسيطة.

ويحكي الفيلم قصة طفل يدعى مالك يعيش مع والده (مهدي) في قلب السيرك، حيث ترصد الكاميرا مشاعر الحب والتعلق بينهما، إلى جانب قصص أخرى تلامس فترة مهمة في تاريخ المغرب، والتي تتعلق بسنوات الرصاص، في قالب اجتماعي إنساني خالص بعيدا عن المعالجة السياسية للأحداث.

ويتخلل الفيلم مشاهد الحب لكسر نمط سرد حكاية اجتماعية سياسية، تُمثل فترة سوداء في حياة مغاربة عاشوا تفاصيلها الصعبة، مخلفة أزمة اجتماعية وسياسية بقيت آثارها متجذرة لسنوات.

وأراد عادل الفاضلي تسليط الضوء على التناقضات الكثيرة التي يعيشها المجتمع المغربي في صور مختلفة، حيث أبرز مشاهد الود والتضحية والحب في علاقة الأب (مهدي) وابنه (مالك)، وثنائيات تقع في غرام بعضها البعض، في مقابل أب يعمل في السيرك ويقسو على ابنه ويستغل عاهته لتحقيق الفرجة.

وحاول عادل الفاضلي الابتعاد عن معالجة فترة سنوات الرصاص في قالب سياسي تم التطرق إليها في عدة أفلام مغربية سابقة، مفضلا التركيز على معاناة أفراد المجتمع البسطاء في تلك الفترة، ورصد قسوتها وآثارها النفسي والاجتماعي في قالب فني مليئ بالمشاعر.

الفاضلي كانت له رؤية إخراجية مختلفة، إذ صوب الكاميرا تجاه الأفراد الذين ينتمون إلى المجتمع ولم يتم تسليط الضوء على حجم معاناتهم، لاسيما وأن معظم الأعمال الروائية والسينمائية ركزت على سرد وقائع مرتبطة بشخصيات عمومية في قالب سياسي خالص.

وتناولت عدة أفلام فترة سنوات الرصاص، من خلال التركيز على الشخصيات السياسة إلى جانب المناضلين والصحافيين، لكن الفاضلي سرد حكايات الأشخاص الذين ذهبوا ضحية التواجد في المكان الخطأ والتوقيت الغلط، ولم تكن لهم أي علاقة بالسياسة، وفق تصريح المخرج عادل الفاضلي للجريدة.

وزاوج المخرج عادل الفاضلي بين الواقعية المعاشة لعقود زمنية والأساطير التي طغت في تلك الفترات على الحياة العامة، وانتشرت في الأوساط، منها ظهور الملك محمد الخامس في القمر، وغيرها من “الخرافات”.

وخصص الفاضلي مساحة لنقل صورة مصغرة عن قمع الحرية وحجب الآراء المعارضة التي طفت في المجتمع في تلك الفترة، من خلال مشاهد الصراع السياسي الاجتماعي، موثقا مشهد الحجر على (مهدي) الذي ذهب ضحية خطأ، في إشارة إلى أن الآلاف من المغاربة ذهبوا ضحايا في سنوات الرصاص دون أن يكون لهم توجهات سياسية.

إلى جانب المعاناة الإنسانية التي ضمنها الفيلم، وظف المخرج عادل الفاضلي أيضا مشاهد حميمية تجمع ثنائيات الفيلم.

وفي هذا الصدد، دافع المخرج عادل الفاضلي عن هاته المشاهد في تصريح لجريدة “مدار21” قائلا: “المشاهد كانت إنسانية، والحب يوجد في الحياة ويجب أن نشاهده في القاعات لأنه ليس جريمة”.

بدوره بطل الفليم عبد النبي البنيوي الذي جمعه مشهد قبلة مع الممثلة نادية كوندة في الفليم، عدّ في تصريح لجريدة “مدار21” أن المشاهد التي تخدم الفيلم ولا تكون مجانية لا يمكن وصفها بالجريئة، مشيرا إلى أن السينما تعكس الواقع الاجتماعي، ومن الضروري أن تنقل الأمور بإيجابياتها وسلبياتها إلى القاعات.

وأعرب البنيوي عن فخره بالمشاركة في بطوله هذا الفليم قائلا: “عادل الفاضلي مخرج حالم ولديه طموح يمنح الكثري من الثقة للمشخص، إذ نجح في الحديث عن مرحلة يعتبرها المغاربة مرحلة سوداء في تاريخ المغرب، لكنه سردها بعيون طفل حالم، هدفه أن يلتقي مجددا مع أبيه، موظفا موسيقى رائعة وحكاية مضبوطة وخرافة عاصرناها، والفيلم يمثل كل المغاربة”.

وحضرت الممثلة حنان الفاضلي عرض فيلم “أبي لم يمت” الذي شهد مشاركة والدها الراحل عزيز الفاضلي، إذ عبرت في تصريح لجريدة “مدار21” عن مشاعرها التي تأرجحت بين الحزن لمشاهدة والدها في الفيلم دون أن يكون إلى جانبها، والفرحة لمتابعة فيلم أخيها عادل الفاضلي الذي كانت تنتظر عرضه بفارغ الصبر.

وأشادت الممثلة حان الفاضلي بفيلم شقيقها “أبي لم يمت” قائلة: “عادل صنع فيلما في مستوى عال جدا، سيكون فخورا به كما نفتخر به، وهذه شهادة فنية بعيدا عن صلة القرابة التي تجمعنا”.

وحقق عادل الفاضلي حلم المشاركة في فعاليات المهرجان الدولي للفيلم بمراكش بفيلم روائي طويل من خلال شريط “أبي لم يمت”، بعدما واكبه لسنوات سواء بمشاركته بفيلم قصير أو بصفته عضو لجنة تحكيم الفليم القصير، وفق تصريحه للجريدة.

يذكر أن فيلم “أبي لم يمت” للمخرج عادل الفاضلي، انتزع ست جوائز في الدورة الـ23 للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة التي أقيمت قبل شهر، إذ حاز فيها على الجائزة الكبرى للأفلام الروائية الطويلة، إلى جانب جائزة الإخراج، وجائزة التصوير، وجائزة الصوت، وجائزة الإنتاج، إضافة إلى جائزة الموسيقى الأصلية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News