سياسة

هل يؤثر غياب ابن كيران على حظوظ العدالة والتنمية الانتخابية؟

هل يؤثر غياب ابن كيران على حظوظ العدالة والتنمية الانتخابية؟

بعد ولايتين متتاليتين قاد فيهما حزب العدالة والتنمية للفوز بالانتخابات التشريعية، خاصة استحقاق السابع من أكتوبر 2016، الذي حقق فيه “البيجيدي” نتائج “غير مسبوقة” عقب حصوله على 125 مقعدا برلمانيا، قرّر رئيس الحكومة السابق عبد الاله ابن كيران التواري عن الأنظار والإحجام عن خوض غمار الانتخابات البرلمانية برسم 2021، رغم إصرار قيادة “المصباح” على ترشيحه وكيلا للائحة الحزب بمدينة سلا.

وفيما يرى عدد من المراقبين والمتتبعين، أن القيادة السياسية لحزب العدالة والتنمية راهنت كثيرا على شعبية الأمين العام السابق لحزب “البيجيدي” عبد الإله ابن كيرا،ن للمنافسة على المراتب الأولى ضمن سباق اقتراع شتنبر للعودة مرة ثالثة إلى رئاسة الحكومة، يسجل في المقابل عدد من المحللين السياسين أن غياب ابن كيران عن الساحة الانتخابية أربك حسابات الأمانة العامة للحزب التي كانت تُعول على خطابة رئيس الحكومة السابق لاستمالة الناخبين واقناعهم ببرنامج الحزب الانتخابي.

وفي وقت قرّر فيه ابن كيران  الامتناع عن خوض غمار الانتخابات البرلمانية لاقتراع الثامن من شتنبر الجاري، وسط تباين في مواقف قيادة حزبه بشأن هذا الموضوع، كشفت مصادر “مصادر21” رفض الأمين السابق لحزب “المصباح” تأطير مهرجانات خطابية، لدعم مشرحي حزب “البيجيدي”، برسم الحملة الانتخابية الحالية.

وكان ابن كيران، أبغ الأمانة العامة لحزب “البيجيدي” اعتذاره عن عدم الترشح برسم الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في شتنبر الجاري، وفيما تحفّظ ابن كيران عن ذكر الأسباب التي أدّت إلى رفضه الترشح برسم الانتخابات البرلمانية القادمة، كشف مصدر مقرب من رئيس الحكومة السابق، أن ابن كيران أبلغه بكونه غير معني بالمسار الذي سار فيه الحزب خلال هذه المرحلة، وبالتالي لا يمكن ان يتحمل مسؤولية نتائجه.

وأضاف مصدر “مدار21” أن الأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية، أبلغ من تواصل معه من قيادات الحزب، بقراره، وبحيثيات هذا القرار، وبأنه مايزال عند قراءته للوضع الداخلي للحزب، وأنه مقتنع بأن هذا المسار يجب أن يصل مداه، وتظهر نتائجه للجميع.

قوة تواصلية فريدة

في هذا الصدد، قال حسن حمورو رئيس اللجنة المركزية لشبيبة العدالة والتنمية وعضو المجلس الوطني للبيجيدي، إنه “من المؤكد أن غياب ابن كيران عن الانتخابات الحالية سيكون له أثار على نتائج حزب العدالة والتنمية خلال اقتراع الثامن من شتنبر الجاري، على اعتبار أنه ظل قوة تواصلية فريدة في التاريخ السياسي المغربي.

وأوضح حمورو، الذي يخوض غمار انتخابات مجالس المقاطعات ضمن دائر سلا تابريكت، أن هذه الاستحقاقات “تعد المحطة الانتخابية الأولى التي يغيب عنها الأمين العام السابق لحزب “المصباح” عبد الاله ابن كيران، سواء بالمشاركة في الترشيح أو في تأطير الحملات الانتخابية للحزب، وذلك منذ أول مشاركة لحزب  العدالة والتنمية في الانتخابات سنة 1997″.

وأضاف عضو برلمان “المصباح”، في حديثه لـ “مدار 21″، أنه من المتوقع أن يكون لهذا الغياب تأثير كبير على حظوظ العدالة والتنمية في تصدر المشهد الانتخابي ما بعد اقتراع شتنبر، مشيرا إلى أن الأصداء التي تصل عن الحملات الانتخابية للحزب على صعيد مختلف الأقاليم والدوائر الانتخابية، تؤكد سؤال المواطنين والمواطنات واستفسارهم عن ابن كيران وعن حضوره في هذه الانتخابات.

وتابع المتحدث ذاته، أن العديد من المواطنين الذين التقى بهم مناضلو ومناضلات حزب العدالة والتنمية خلال الحملة الانتخابية الجارية، يسألون عما إذا كان ابن كيران سيعود إلى الواجهة وهل ما يزال في حزب العدالة والتنمية، فيما يربط بعضهم الأخر تصويتهم لصالح الحزب بترشيح ابن كيران وبمشاركته في انتخابات الثامن من شتنبر الجاري.

واعتبر رئيس اللجنة المركزية لشبيبة “المصباح”، أن ذلك “يُؤشر على أن مكانة ابن كيران ما تزال محفوظة لدى المواطنين المغاربة، وأنه ما زال يتمتع بشعبية كبيرة داخل الحزب وخارجه”، مسجلا أن “مساهمته في النتائج الانتخابية التي يحصل عليها الحزب هي مساهمة مقدرة بغض النظر عن حجمها، وهو ما يعني إمكانية حصول تغيير في نتائج العدالة والتنمية خلال هذا الانتخابية في ظل غياب ابن كيران”.

وفي سياق خُفوت الخطاب السياسي للحملات الانتخابية الممهدة لاقتراع الثامن من شتنبر، لجأ عدد من أعضاء حزب العدالة والتنمية، إلى إعادة نشر مقاطع فيديو من رسائل ابن كيران خلال محطات مختلفة، والتي هاجم فيها منافسي الحزب وانتقد تدبيرهم لعدد من القضايا والملفات، فيما تحسّر البعض الأخر من مناضلي الحزب على مواقع التواصل الاجتماعي عن غياب ابن كيران عن الساحة الانتخابية، مؤكدين أن هذا الغياب ترك “فراغا كبيرا” يمكن أن يؤثر في نتائج البيجيدي الانتخابية.

تغيّر نسخة البيجيدي

وفي هذا الإطار، قالت نائبة عمدة سلا وعضو المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية حليمة شويكة، إن قراءة غياب ابن كيران عن الساحة الانتخابية وتفاعلاتها، يجب أن تذهب إلى ما هو أعمق من مجرد السؤال عن الشخص إلى التغيير الذي شهده الحزب، مشيرة إلى سؤال المواطنين خلال الحملات الانتخابية عن حضور ابن كيران من غيابه، ينصرف إلى نسخة الحزب كما عرفوها مع ابن كيران وعن الخطاب السياسي الذي تميز به العدالة والتنمية خلال المرحلة السابقة التي قاد فيها هذا الأخير الحزب وترأس الحكومة.

واعتبرت شويكة في حديثها لـ “مدار 21″، أن ارتباط عدد من المواطنين بابن كيران، يعود إلى طبيعة القيم التي كان يتبناها حزب العدالة والتنمية في مرحلة ابن كيران والمتسمة بالوضوح والتواصل الدائم مع المواطنين واحترام الارادة الشعبية والالتصاق بهموم الفئات الهشة من المغاربة، وهي كلها أمور عشناها منذ الحكومة الأولى لحزب العدالة والنمية بقيادة ابن كيران إلى غاية “البلوكاج” سنة 2016.

وسجلت أن المواطنين المغاربة، شعروا على غرار عدد كبير من أعضاء حزب العدالة والتنمية، بأنه وقع تغيير في مواقف واختيارات وتصورات الحزب لتدبير الشأن العام وفي تعاطيه مع كثير من القضايا السياسية والاجتماعية، “وهو ما يدفع المواطنين إلى التأكد من مدى استمرار الحزب في الالتزام بالخطاب السياسي والقناعات التي عرفوها عن الحزب في ظل قيادة ابن كيران لحزب العدالة والتنمية”.

وبالتالي ترى عضو برلمان “المصباح”، أن التأثير الممكن أن يطال نتائج العدالة والتنمية خلال اقتراع شتنبر، لا يرتبط بالغياب الشخصي لعبد الاله ابن كيران، “بقدر ما يرتبط بتراجع الحزب عن بعض مبادئه عبر تقديم تنازلات بشأن بعض الملفات، وبسبب الأخطاء المرتكبة  من طرف القيادة الحالية في التعاطي مع كثير من الملفات التنظيمية الداخلية وأيضا المتعلقة بالتدبير الحكومي”.

وأكدت شويكة، أنه “لو لم يؤثر إعفاء ابن كيران والطريقة التي تم بها تشكيل حكومة العثماني، في مواقف الحزب وفي خطابه السياسي وارتباطه بالارادة الشعبية، كان من الممكن في حال استمرار نفس النسخة الأولى من الحزب، ألا يشعر المواطن المغربي بوقوع تغيير ملحوظ في اختيارات وخطاب العدالة والتنمية.

وشددت شويكة، على أنه “لا يمكن اغفال الكريزما والقدرة التواصلية الكبيرة التي يمتع بها ابن كيران في اقناع المواطنين وفي تبسيط المعلومة السياسية لهم وفي شرح القرارات الصعبة التي اتخذتها حكومته حينها، كما لا يمكن نفي الشعبية الكبيرة التي يتمتع بها ابن كيران وحب الناس له”، قبل أن تستدرك “لكن كان من الممكن أن يخفف استمرار الحزب على نفس الخط من حجم تأثير غياب ابن كيران عن الساحة الانتخابية في نتائج الحزب وحظوظه برسم اقتراع شتنبر”.

في غضون ذلك، كشفت مصادر من داخل حزب العدالة والتنمية لـ”مدار 21″ أن الكلمة التي ألقاها الأمين السابق لحزب “البيجيدي” عبد الإله ابن كيران مساء الأحد 5 شتنبر الجاري، أثلجت صدور قيادة الحزب بمن فيهم الأمين العام سعد الدين العثماني، خاصة أنها خصّصت حيزا كبيرا لمهاجمة رئيس حزب “الحمامة” عزيز أخنوش، فضلا عن إعلان ابن كيران أنه سيصوت لصالح حزب “المصباح”.

حجم تأثير ابن كيران

وفي قراءته لما يمكن أن يُسفر عنه غياب ابن كيران بالنسبة لنتائج البيجيدي الانتخابية، قال عبد الرحيم العلام المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي، إنه “من أجل معرفة حجم تأثير ابن كيران، يمكن العودة إلى النتائج التي حققها الحزب سنتي 2015 و 2016 بعد خمس من قيادة ابن كيران للحكومة، حيث أجرى حملة انتخابية قوية مكنت البجيدي من اكتساح نتائج كافة المدن التي أطر ابن كيران فيها مهرجانات خطابية، بما فيها المحمدية التي فاز فيها رئيس الحكومة الحالي سعد الدين العثماني”.

وأشار العلام في حديثه لـ “مدار 21” إلى أن خمس سنوات من التدبير الحكومي لم تحدّ من شعبية الرجل، الذي ساهم بشكل كبير في حصول العدالة والتنمية على مليون 800 ألف صوت في تشريعيات 2016، مسجلا أن غياب ابن كيران ساحة تأطير الحملات الانتخابية “يُضعف العدالة والتنمية ويؤثر من دون شك في نتائجها الانتخابية وفي حظوظها للظفر في بولاية ثالثة على رأس الحكومة.

وتابع: “لو أن حزب “البيجيدي” استطاع الاستعانة بخبرة ابن كيران التواصلية ووفّر له منصات للخطابة، فمن المؤكد جدّا أن ينجح هذا الأخير في إحداث تغيير بارز في نتائج الحزب خلال اقتراع شتنبر، لاسيما أن ابن كيران يحظى بمساندةواسعة من أنصاره داخل الحزب وحتى خارجه من طرف عدد من الشخصيات اليسارية، فضلا عما يتمتع به الرجل من قدرة تواصلية تكاد تكون متفردة.

في المقابل، يرى العلام أن دواعي غياب ابن كيران الساحة الانتخابية وخلفيات إحجامه عن دعم حزبه، تطرح أكثر من سؤال، حول ما إذا كان الأمر يتصل بطبيعة الخلاف بينه وبين قيادته حزبه منذ إعفائه وتشكيل حكومة العثماني، أما يتعلق الأمر بوجود اتفاق على أن يبقى ابن كيران عن المشهد الانتخابي، في مقابل أن تحجم الأحزاب المنافسة للعدالة والتنمية عن التهجم عليه وانتقاد عدد من القررات التي اتخذتها حكومته، أم يرتبط ذلك برفض ابن كيران لعب دور الورقة الانتخابية التي تدعم كافة البيجيدي؟

واعتبر المحلل السياسي ذاته، أنه إذا استطاعت القيادة السياسية لحزب العدالة والتنمية أن تقود الحزب إلى الفوز مرة ثالثة بالانتخابات من دون دعم ابن كيران، فإن دور هذا الأخير يمكن أن ينتهي داخل الحزب وبالتالي امكانية أن يتوارى ابن كيران بشكل نهائي إلى الخلف، “لكن إذا فشلت قيادة البيجيدي في الانتخابات، فحتما سترتفع أصوات من داخل الحزب للمطالبة بعودة ابن كيران لقيادة سفينة العدالة والتنمية خلال المرحلة المقبلة”.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News