سياسة

عام على خطاب الملك.. المعارضة تخْتبر تعاطي الحكومة مع عراقيل الاستثمار وأزمة الجفاف

عام على خطاب الملك.. المعارضة تخْتبر تعاطي الحكومة مع عراقيل الاستثمار وأزمة الجفاف

قللّت المعارضة البرلمانية من تدخلات الحكومة لتحفيز الاستثمار ومواجهة أزمة الماء، بعد مرور سنة على الخطاب الملكي في افتتاح السنة التشريعية 2023-2022، الذي دعا فيه الملك محمد السادس إلى تجاوز عراقيل الاستثمار التي يهدف أصحابها لتحقيق أرباح شخصية وخدمة مصالحهم الخاصة منبها إلى أخذ إشكالية الماء، بالجدية اللازمة، عبر القطع مع كل أشكال التبذير، والاستغلال العشوائي وغير المسؤول.

وأكد رئيس الفريق الحركي بمجلس النواب ادريس السنتيسي، أن ما تضمنه هذا الخطاب السامي من توجهات ومعالم الطريق لمسألتين استراتيجيتين، تتعلقان على التوالي بالاستثمار والماء، “يستدعي وقفة تقييمية لما تحقق خلال هذه السنة، وإن كنا نعتبر بأن الأمرين معا يتطلبان أمدا زمنيا يتجاوز السنة وفق أجندة قريبة ومتوسطة وبعيدة المدى”.

وأوضح السنتيسي ضمن تصريح لـ”مدار21″ أن النقاش العام الذي رافق موضوع الاستثمار، نابع من الأهمية التي يكتسيها هذا الأخير في التنمية وخلق فرص الشغل، “وبالتالي لابد أن تكون هناك إرادة حقيقية لدى الحكومة من أجل تجاوز العديد من العراقيل والإكراهات، التي تقف أمام الاستثمار الخاص والعمومي”.

قلبْ المعادلة

وشدد على أن الحكومة مطالبة بضرورة اتخاذ إجراءات استباقية من الآن، لقلب المعادلة بخصوص نسبة الاستثمار العمومي والخاص، وذلك بتحرير الطاقات والحد من الإشكالات التي تواجه القطاع الخاص سواء على مستوى العقار، أو الإدارة أو التمويل، لكي يحظى هذا الأخير بثلثي الاستثمارات في أفق سنة 2035، كما جاء في تقرير النموذج التنموي، حيث أن الثابت هو 66 بالمئة من الاستثمارات حاليا يستأثر بها القطاع العمومي.

ودعا السنتيسي إلى فتح المجال للمقاولات الصغيرة والمتوسطة التي تشكل 90 بالمئة من النسيج المقاولاتي لكي تكبر من خلال انخراط القطاع البنكي في التمويل بما في ذلك التعاونيات والمقاولين الذاتيين أيضا، مطالبا بإعادة النظر في المنظومة الضريبية توخيا للمزيد من تحفيز هذه المقاولات وتوطيد حكامة الإدارة وضمنها المراكز الجهوية للاستثمار، والاجتهاد أكثر في تحسين مناخ الأعمال، وإيجاد السبل الكفيلة بتشجيع استثمارات مغاربة العالم.

ويرى رئيس الفريق الحركي أن القانون الإطار للاستثمار على أهميته، سيكون محدود الجدوى إذا لم تواكبه إصلاحات موازية، وإذا لم يأخذ بعين الاعتبار التوازن المجالي الجهوي وداخل الجهات نفسها لتوطين الاستثمارات، وخاصة الاستثمارات والمشاريع من الجيل الجديد، معتبرا في السياق ذاته، أن الشراكة بين القطاع العام والخاص ذات أهمية استراتيجية وعلى الحكومة المضي فيها قدما.

ولفت السنتيسي إلى أن المملكة، ستكون قِبلة للعديد من الاستثمارات في القادم من السنوات، تتعلق بالإعمار عقب الزلزال، وتنظيم الممكلة لتظاهرات قارية وعالمية، وعلى رأسها كأس العالم سنة 2030، وأورد: “من هنا تبدو ملحاحية تنفيذ التوجيهات الملكية، المتمثلة في تعبئة 550 مليار درهم من الاستثمارات وخلق 500 ألف شغل بحلول 2026”.

رفع العراقيل

وتزامنا مع افتتاح السنة التشريعية الجديدة اليوم الجمعة، قالت الفتحاوي ضمن تصريح لـ”مدار21″: ” لا زلنا ننتظر أن يعطي الميثاق الوطني للاستثمار، دفعة ملموسة، على مستوى جاذبية المغرب للاستثمارات الخاصة، الوطنية والأجنبية”، مضيفة “ما زال هناك كثير من العمل المطلوب فعله فيما يتطلب رفع العراقيل، التي ما تزال تحول دون تحقيق الاستثمار الوطني لإقلاع حقيقي، على جميع المستويات”.

وسجلت البرلمانية أن المراكز الجهوية للاستثمار، حسب الصيغة الجديدة، ما زالت تتلمس طريقها للإشراف الشامل على عملية الاستثمار، في كل المراحل والرفع من فعاليتها وجودة خدماتها، في مواكبة وتأطير حاملي المشاريع، حتى إخراجها إلى حيز الوجود، والتي  لم تحظ  بعد بالدعم اللازم من طرف الحكومة.

وبناء على النتائج المحققة، سجلت الفتحاوي أن الحكومة تحتاج إلى المزيد من العمل، لتحرير كل الطاقات والإمكانات الوطنية، لتشجيع المبادرة الخاصة، وجلب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، مع ضرورة التفعيل الكامل لميثاق اللاتمركز الإداري، وتبسيط ورقمنة المساطر، وتسهيل الولوج إلى العقار، وإلى الطاقات الخضراء، وكذا توفير الدعم المالي لحاملي المشاريع.

وترى البرلمانية نفسها أن الحكومة مطالبة بتعزيز قواعد المنافسة الشريفة، وتفعيل آليات التحكيم والوساطة، لحل النزاعات في هذا المجال لتقوية ثقة المستثمرين، معتبرة أن إجراءاتها لتحقيق الهدف الاستراتيجي، الذي هو أن يأخذ القطاع الخاص المكانة التي يستحقها في مجال الاستثمار، كمحرك حقيقي للاقتصاد الوطني، “لا زالت دون المستوى المطلوب، أي أن القطاع العمومي لا زال هو المستأثر بهذا المجال”.

أزمة العطش

وبخصوص أزمة الماء التي دقّ الملك ناقوس خطر تفاقمها، حيث تعيش فترة جفاف هو الأكثر حدة منذ ثلاث عقود، ترى مكونات المعارضة بمجلس النواب أن الحكومة بمختلف قطاعاتها مدعوة إلى تنفيذ البرنامج الأولوي للماء 2020-2027، الذي رفع الملك اعتماداتها المالية إلى 150 مليار درهم.

وقال الملك محمد السادس في افتتاح دورة أكتوبر 2022، إن “المغرب أصبح يعيش في وضعية إجهاد مائي هيكلي، ولا يمكن حل جميع المشاكل، بمجرد بناء التجهيزات المائية المبرمجة، رغم ضرورتها وأهميتها البالغة، داعيا لأخذ إشكالية الماء، في كل أبعادها، بالجدية اللازمة، لاسيما عبر القطع مع كل أشكال التبذير، والاستغلال العشوائي وغير المسؤول، لهذه المادة الحيوية”.

وشدد ادريس السنتيسي ضرورة الانكباب على حاجة ساكنة العالم القروي لهذه المادة، حيث أن هذه الأخيرة لا تعاني من الندرة فقط، بل تعاني من العطش، مسجلا أنه آن الأوان لتعميم الربط الفردي بالماء، بشروط تراعي القدرة المعيشية لساكنة القرى والجبال، على اعتبار أن ساكنة هذا المجال تعاني من انعدام العدالة والتكافؤ في مصاريف الربط قياسا مع مثيلتها في الحاضرة.

وبالمقابل، ثمن رئيس الفريق الحركي مشروع تحويل المياه من واد سبو إلى واد أبي رقراق في مرحلة أولى، على أننا نؤكد على ضرورة الاجتهاد أكثر في توطيد الحلول غير التقليدية كتحلية مياه البحر والمياه العادمة، والاعتماد على الابتكارات التكنولوجية في اقتصاد الماء، وتخزين المياه والقطع مع كل أشكال التبذير والاستغلال العشوائي لهذه المادة الحيوية.

بطء المشاريع

وأكدت البرلمانية الفتحاوي ضمن نفس التصريح أن واجب المسؤولية يتطلب اليوم اعتماد اختيارات مستدامة ومتكاملة، والتحلي بروح التضامن والفعالية، مسجلة في المقابل “بطء إجراءات الحكومة من حيث التنفيذ بين خريطة الطريق الجديدة التي أعلن عنها الملك في خطابه لافتتاح البرلمان وبين تجاوب الحكومة”.

وسجلت تأخرا واضحا في تحقيق الأمن المائي والغذائي، من خلال تركيزها على الفلاحة التصديرية وتخليها عن الفلاحة المعيشية التي تهم المواطن في معيشه اليومي يبين عدم تناغم السياسة الحكومية مع التحديات الكبرى التي بدأت ملامحها تظهر، مضيفة أن “الحكومة لم توفق في جذب الاستثمارات بالمستوى المطلوب لخلق فرص التشغيل، علما أن معدلات البطالة المسجلة عالية”.

كما نبهت الفتحاوي إلى بطء وتيرة إنجاز السدود الكبيرة، إلى جانب إشكالات في صفقات تحلية المياه، إضافة إلى برنامج معالجة المياه العادمة من أجل تعبئة إمكانيات أخرى في مجال المياه، مشيرا إلى أن هناك تأخرا في وضع برنامج للاقتصاد في الماء والنجاعة المائية من خلال تحسين المردودية والتوجه الكلي نحو التنقيط بالنسبة للزراعة والفلاحة، وأيضا في وضع برنامج للحفاظ على المياه الجوفية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News