مجتمع

مركز يوصي بإضافة فصل بالقانون الجنائي لمنع تزويج الأطفال وإلغاء مواد من مدونة الأسرة

مركز يوصي بإضافة فصل بالقانون الجنائي لمنع تزويج الأطفال وإلغاء مواد من مدونة الأسرة

أوصى مركز الحوار العمومي والدراسات المعاصرة بإدراج نص قانوني لمتابعة الزوج الذي ينخرط في الزواج التعاقدي أو زواج الفاتحة وغيرهما، من خلال فرض عقوبات سجنية مع غرامة مالية واعتباره قضية جنائية، مطالبا بإضافة فصل في القانون الجنائي يمنع تزويج الأطفال.

ودعا مركز الحوار العمومي والدراسات المعاصرة في نقطة يقظة بعنوان “نحو تجريم ممارسة تزويج الطفلات” إلى ملاءمة مقتضيات مشروع القانون الجنائي مع مقتضيات اتفاقية القضاء على كل أشكال التمييز الملتزم بها من طرف الدولة، والتي تدين كل أشكال الاستغلال الجنسي ومنع الاتجار بالمرأة والطفل، مقترحا إضافة فصل في القانون الجنائي يمنع تزويج الأطفال أو المشاركة أو القيام بالوساطة لتزويجهم قبل سن 18 سنة، مع فرض عقوبات حبسية صارمة على المخالفين.

وطالب المركز بإلغاء المواد 20 و21 و22 من مدونة الأسرة التي تخول للقاضي إعطاء الإذن بالزواج دون سن الأهلية وتسند زواج القاصر إلى موافقة نائبه الشرعي، مشددا على ضرورة حصر تطبيق المادة 16 من مدونة الأسرة على زواج الراشدين، والتي تنص على أن وثيقة عقد الزواج تعتبر الوسيلة المقبولة لإثبات الزواج، وإذا ما حالت أسباب قاهرة دون توثيق العقد في وقته، تعتمد المحكمة في سماع دعوى الزوجية سائر وسائل الإثبات وكذا الخبرة، وهي “ثغرات” مكنت آلاف الأسر من تزويج بناتها قبل السن القانوني.

واقترحت “نقطة اليقظة” التي أعدتها فوزية برج، أستاذة باحثة في علم الاجتماع والأنثروبولوجيا، الرفع من إلزامية سن التمدرس إلى 18 سنة عوض 16 سنة، وفق ما ينص عليه قانون الإطار رقم   51.17 الصادر سنة 2019، والتدخل بشكل استباقي لمحاربة أسباب الهدر المدرسي، وتعميم التعليم الأولي، خاصة في المناطق البعيدة والقروية، وتحقيق ظروف النجاح المدرسي في الأوساط شبه حضرية، وتسهيل ظروف الولوج للمدرسة عبر تحسين ظروف النقل المدرسي والصحة المدرسية، وتقوية الولوج للدعم المدرسي، واستفادة الفتيات من المنح الدراسية والسكن.

ونبّه المركز إلى ضرورة إدماج التربية الجنسية؛ أو تحت مسمى” منهاج التربية والصحة”، في مختلف المناهج وفي جميع المستويات بهدف معرفة مخاطر العلاقات الجنسية المبكرة، وعدم الوقوع في الحمل والزواج المبكر، إضافة إلى العمل على تطوير الوساطة الأسرية لحماية الطفلات، وتفعيل مهام المساعدة الاجتماعية.

ودعا المصدر ذاته إلى تكوين القضاة في مجال حقوق الإنسان، وحقل السوسيولوجيا لاعتمادها في قضايا الزواج، وأجرأة مهام المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة، المكلف بتتبع السياسات العمومية في هذا الشأن، والذي يستلزم حماية حقوق الأطفال.

ولفت مركز الحوار العمومي والدراسات المعاصرة إلى أن تزويج الطفلات “ممارسة مقلقة وأزمة مجتمعية حقيقية، لا زالت منتشرا بقوة في المغرب، وتشكل عائقا يحول دون تحقيق التنمية”، مؤكدا أنه “رغم الجهود المبذولة للقضاء على تزويج الطفلات، فإن الوضع يبقى مقلقا، لأن مدونة الأسرة منعت تزويج الطفلات، إلا أنها منحت إمكانية تطبيق ‘استثناءات’ حسب السلطة التقديرية للقاضي”.

بهذا الصدد، أورد المركز إحصائيات للنيابة العامة حول قضايا الأسرة سنة 2018، أظهرت أن عدد الطلبات المرفوضة لتزويج الطفلات من طرق القضاة لسنة 2019، بلغت 58,4 في المئة من مجموع الملتمسات المقدمة في الموضوع، وشكلت 36 في المئة سنة 2018، في حين ارتفعت لتصل إلى 12.773 بنسبة 65 بالمئة سنة 2020.

وترى فوزية برج، معدة التقرير، أن وضع تزويج الطفلات قد “يعكس إلى حد كبير طبيعة المجتمع المغربي التي يمكن وسمها بالبينية الذاتية والموضوعية المتفاعلة، ويعني أن المغرب يتأرجح بين التقليد والتقليدانية، وفي ذات الوقت بين التحديث والحداثة، وأنه داخل كل طرف نجد تفاعلا مع الطرف الآخر على مستوى الخطاب والممارسة”، متسائلة “ألا يمكن اعتبار تزويج الطفلات في المغرب عنفا مؤسساتيا يتغذى من فقر الأسر والمورثات الثقافية، وأزمة التمدرس، وأزمة المشرع، والاجتهادات الفقهية الملائمة لعصرها؟ وفي ماذا سنستفيد كمؤسسات، إذا أخرنا تزويج الفتيات إلى غاية سن الثامنة عشرة؟ ألم نسائل أنفسنا عن عدد الأمهات القاصرات والمطلقات في نفس الآن؟”.

وبهذا الصدد، ذكّر المركز بأن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي دعا إلى “تسريع المسلسل الذي بدأ بالفعل والمتعلق بالقضاء على تزويج الأطفال والطفلات، بما يحقق المصلحة الفضلى للطفل طبقا لتعهدات المغرب في إطار الغاية الثالثة من الهدف الخامس من أهداف التنمية المستدامة لسنة 2030. وأنه لتحقيق هذا المبتغى ينبغي للمغرب وضع استراتيجية شاملة، هدفها القضاء على هذه الممارسة، وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية”.

أشار المصدر ذاتها إلى أن مراجعة مدونة الأسرة “تتوقف بالضرورة على مراجعة سن الزواج وتحديده في 18 سنة لحماية الطفلات، ومراعاة مبادئ المساواة والعدل والانصاف؛ لأن لتزويجهن في سن مبكر عواقب جسدية ونفسية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News