سياسة

توقّف صنبور الدعم العمومي يُهدد بإفلاس أحزاب مغربية وهيئات تلجأ للاقتراض لتغطية النفقات

توقّف صنبور الدعم العمومي يُهدد بإفلاس أحزاب مغربية وهيئات تلجأ للاقتراض لتغطية النفقات

تُواجه أحزاب سياسية مغربية منها هيئة في صفوف الأغلبية الحكومية أزمة مالية “خانقة” تُهدد بإفلاسها بعدما لجأت وزارة الداخلية إلى إيقاف “صنبور” الدعم العمومي المخصص لها بسبب عدم احترامها للشروط والقواعد الجديدة التي أقرها القانون التنظيمي رقم 29.11 المتعلق بالأحزاب السياسية، خاصة تلك المرتبطة بضمان تمثيلية النساء ومغاربة العالم.

وإذا كانت أحزاب سياسية تعيش على وقع أزمة مالية بفعل تراجع ننتائجها الانتخابية، على غرار حزب العدالة والتنمية الذي اضطر إلى إلزام أعضائه بأداء الانخراطات تحت طائلة الطرد من الحزب، فإن هناك أحزابا أخرى تواجه ضغوطا مالية خانقة بفعل تجاوز المقتضيات التي حددها القانون، كحال حزب الاستقلال الذي حرم من الدعم بسبب عدم تنظيم مؤتمره الوطني بعد نهاية ولاية الأمين العام الحالي للحزب، نزار بركة، منذ أكثر من سنة.

وإلى جانب ذلك، يعيش حزبا الحركة والشعبية والاشتراكي الموحد نفس المصير بفعل عدم احترامهما للقيود التي اشترطها قانون الأحزاب السياسية للحصول دعم الدولة، خاصة ما يتعلق بضمان تمثيلية مغاربة العالم على مستوى الدوائر الجهوية المخصصة للنساء برسم تشريعيات 2021، وهو ما دفع قيادة الحزبين إلى البحث عن مصادر أخرى لتمويل مصاريف تدبير شؤونهما التنظيمية.

وحسب المعطيات التي استقتها الجريدة من مصادر حزبية، فإن عددا من الهيئات السياسية باتت تعول على بعض الشخصيات الميسورة داخل صفوفها من أجل تأمين نفقاتها الضرورية على غرار حزب الحركة الشعبية الذي تمكن بالكاد من تغطية مصاريف مؤتمره الوطني الأخير عبر مساهمات شخصية لعدد من قياديي “السنبلة”، بينما أصبح حزب الاستقلال عاجزا عن أداء أجور المفتشين الإقلميين للحزب واضطر إلى تقليص نفقات التسيير إلى أقصى حدّ ممكن.

وبفعل تقهقر مقاعده البرلمانية في أعقاب نكسة الانتخابات، اضطر حزب العدالة والتنمية الذي قاد الحكومة لولاتيين متتالتين إلى تسريح عدد من مستخدمي الحزب بعدما صار غير قادر على تكاليف أجورهم، بينما لجأ الحزب الإسلامي في مسعاه لتغطية نفقاته في ظل شح موارد الدعم العمومي، إلى فرض مساهمة شهرية تقتطع من أجور وزرائه السابقين، فيما التزم أمينه العام عبد الإله بنكيران على أداء مبلغ 5000 درهم شهريا كمساهمة في ميزانية الحزب المهددة بالإفلاس.

شروط الدعم

وتمنح الدولة للأحزاب السياسية المؤسسة بصفة قانونية، المشاركة في الانتخابات العامة التشريعية، والتي غطت على الأقل ثلث عدد الدوائر الانتخابية المحلية الخاصة بانتخاب أعضاء مجلس النواب، دعما سنويا للمساهمة في تغطية مصاريف تدبيرها، وذلك شريطة أن تكون هذه الدوائر موزعة على الأقل على ثلاثة أرباع جهات المملكة، وغطت على الأقل نصف عدد الدوائر الانتخابية الجهوية الخاصة بانتخاب أعضاء المجلس المذكور.

ويشترط للاستفادة من الدعم العمومي، حسب أحكام قانون الأحزاب الذي دخل حيز التطبيق في ماي 2021، أن يكون المترشح “لا يزيد سنه على أربعين سنة مرتبا في المرتبة الأولى في ثلاث لوائح على الأقل من لوائح الترشيح المقدمة بتزكية من الحزب المعني بالنسبة للدوائر المحلية.

وفيما يخص الدوائر الانتخابية الجهوية، يشترط أن تكون مترشحة مقيمة خارج تراب المملكة مرتبة في المرتبة الأولى في لائحة واحدة على الأقل من لوائح الترشيح المقدمة بتزكية من الحزب المعني، وأن تكون مترشحة لا يزيد سنها على أربعين سنة مرتبة في المرتبة الأولى في لائحة واحدة على الأقل من لوائح الترشيح المقدمة بتزكية من الحزب المعني.

نبيلة منيب، الأمينة العامة لحزب الاشتراكي الموحد أحد الحزاب السياسية المعنية بتوقف صرف الدعم العمومي، أكدت أن الحكومة أدخلت تعديلات على قانون الأحزاب وربطت التمويل العمومي بضرورة ترشيح امرأة من مغاربة العالم على رأس دائرة جهوية، مشيرة إلى أن القانون صدر أشهرا قليلة قبل الانتخابات التشريعية وهو ما حال دون إمكانية إيجاد مرشحين من الجالية.

وأوضحت منيب ضمن تصريح لـ”مدار21” أن حزب الاشتراكي الموحد لم يرفض ترشيح مغاربة العالم وأنه اتصل في آخر المطاف بمناضلة في صفوف الحزب وهي سيدة أعمال تقيم في فرنسا من أصول مغربية، وقرر ترشيحها في مدينة مراكش، قبل أن يفاجئ بحذف اسمها من قوائم اللوائح الانتخابية رغم كونها تنتمي إلى أسرة مراكشية مما أضاع على الحزب الفرصة لوضع امرأة من الجالية على رأس لائحة جهوية برسم انتخابات شتنبر 2021.

و أضافت منيب أن الحزب كان يرغب بترشيح شابة مغربية تدرس بفرنسا، غير أن السلطات رفضت ذلك، بدعوى أنها لا تتوفر على إقامة دائمة بالمغرب ما دفع الحزب الاشتراكي الموحد إلى ترشيح مغاربة العالم ضمن لوائح محلية بدل اللوائح الجهوية وهو ما أدى إلى حرمان الحزب من الدعم العمومي.

واستثناء من القواعد المنصوص عليها في قانون الأحزاب، يصرف سنويا لكل حزب من الأحزاب السياسية عن كل مقعد فاز به، على صعيد دائرة انتخابية محلية بتزكية منه، مترشح مقيم خارج تراب المملكة أو مترشحة، مبلغ يعادل خمس مرات المبلغ الراجع لكل مقعد.

ويصرف دعم سنوي إضافي لفائدة الأحزاب السياسية، حسب أحكام القانون سالف الذكر، يخصص لتغطية المصاريف المترتبة على المهام والدراسات والأبحاث التي تنجز لفائدتها من طرف الكفاءات المؤهلة بهدف “تطوير التفكير والتحليل والابتكار في المجالات المرتبطة بالعمل “الحزبي والسياسي”.

قيود مجحفة

وقالت زعيم حزب “الشمعة” إن الدولة رمت بتمثيلية مغاربة العالم على ظهر الأحزاب مقابل وضع شروط وقيود صعبة ومجحفة لترشيحهم على رأس اللوائح الجهوية، رغم أن وضع النساء على رأس هذه اللوائح لم يحقق النتائج المرجوة بشأن الرفع من حضور المرأة داخل المؤسسات المنتخبة كما أو كيفيا.

وكشفت منيب أنها عقدت لقاء مع وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت والتمست اعتماد النسبية في تمثيلية مغاربة العالم لتفادي حرمان الأحزاب من الدعم العمومي، واقترحت الأمينة العامة لحزب الاشتراكي الموحد خلق الجهة رقم 13 وتخصيص 30 مقعدا لمغاربة الخارج منها 15 للنساء ومثلها للرجال، مضيفة “نحن لسنا ضد القانون لكن هذا القرار المتعلق بحرمان الأحزاب من الدعم بدعوى عدم احترام تمثيلية مغاربة الخارج فيه تناقض كبير للدولة”.

وسجلت المسؤولة السياسية أن الحزب رشح الشباب وغطى أغلب جهات المملكة، وقدم أفضل ما لديه من كفاءات من ذوي الخبرة في مجالات متعددة وذمتهم المالية صافية ومستعدون لخدمة البلاد، لتأتي وزارة الداخلية في نهاية المطاف وتحرم الاشتراكي الموحد من الدعم العمومي طيلة مدة 5 سنوات للانتداب، مؤكدة أن حزبها يوجد على أبواب أزمة مالية خانقة بسبب توقف دعم الدولة، خاصة أن الحزب مقبل على تنظيم مؤتمره الوطني.

وأوضحت منيب أن الحزب يدبر حاجياته انطلاقا من مساهمات فردية لعدد من المناضلين رغم أن أغلب أعضائه غير ميسورين وينتمون إلى الطبقة الوسطى ومعظمهم من المدرسين، مشيرة إلى أن الحزب يشتغل طلية السنتين الماضيتين بإمكانياته الذاتية وأنه يحاول تجاوز الأزمة المالية عبر اكتتابات ومساهمات أعضاء الحزب من أجل تحمل أعباء التكاليف التي يتطلبها تسيير شؤون الحزب، وهو ما اضطر الحزب اللجوء إلى الأبناك للحصول على قروض لتغطية المصاريف الضرورية.

وشددت الأمينة العامة لحزب الاشتراكي الموحد أنه وسط موجة الغلاء الفاحش التي أضرت بالقدرة الشرائية لا يمكن لحزبها أن يواصل الضغط على مناضلاته ومناضليه لتمويل خزينة الحزب، مشددا على أن الحكومة مطالبة من خلال وزارة الداخلية بإيجاد مخرج لهذا الأزمة التي تهدد عددا من الأحزاب الوطنية التاريخية بالإفلاس، وتساءلت “كيف يعقل أن تعاقب الدولة أحزاب بطريقة أقل ما يقال عنها أن مجحفة؟”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News